هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعلن في مدينة السليمانية مساء الأربعاء 16/10/2019عن مصرع إعلامي إلى جانب زوجته وطفلهما، على يد مسلحين مجهولين بإقليم كردستان في شمالي العراق.
وحسب ما أورد موقع قناة "NRT" التي كان الإعلامي "آمانج باباني"يعمل فيها مقدما لبرنامج "بلا حدود" أنه قتل إلى جانب زوجته وطفلهما برصاص مسلحين مجهولين، استهدف السيارة التي كانوا يستقلونها على طريق جنوبي مدينة السليمانية.
كان مكتب قناة NRT في بغداد التابعة لحزب "حراك الجيل الجديد"، بزعامة ساشوار عبد الواحد، أحد الأحزاب المعارضة في الإقليم، قد تعرض لهجوم من قبل مسلحين مجهولين، إذ قاموا بتكسير معدات التصوير والأجهزة الخاصة بالبث، قبل أن تصدر السلطات العراقية قرارا بإغلاق المكتب.
إلا أن الغريب في الأمر، هو أن مديرية الشرطة في السليمانية أصدرت بيانا صباح الخميس، تقول إن الحادث كان ناتجا عن انتحار الإعلامي، الأمر الذي استقبل باستهجان شديد من قبل الشارع العراقي، الذي أفاق صباح الخميس على خبر آخر مفاده اعتقال الناشط شجاع الخفاجي مدير صفحة "الخوة النظيفة" على موقع فيسبوك من بيته في بغداد عند الساعة 5:30 فجرا، بطريقة وصفت بالوحشية وتم اقتياده إلى جهة مجهولة ولا يعرف مصيره إلى الآن.
وتعتبر "صفحة الخوة" النظيفة من الصفحات النشطة في العراق إذ يتابعها أكثر من 2 مليون متابع، وكان لها دور مميز في تحشيد الشارع في أثناء المظاهرات الأخيرة التي شهدها العراق، والتي حملت شعار "نازل آخذ حقي".
تأتي هذه العمليات قبل أيام قليلة من دعوات انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحشيد الشباب للخروج مرة أخرى يوم 25 من الشهر الجاري لاستكمال المظاهرات.
وقد أطلق صحفيون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "صحفيو العراق في خطر"، للتنديد بالممارسات التي تنتهجها الحكومة بحق الصحفيين، إذ فر خلال هذين اليومين أعداد كبيرة من الصحفيين والناشطين العراقيين إلى الخارج؛ خوفا من أن تطالهم يد القمع الحكومية.
فهل ستنجح الحكومة العراقية في إجراءاتها الاستباقية لكبح جماح التظاهرات وإسكات صوتها؟
اللافت في هذه الاحتجاجات، أنها ليست كسابقاتها التي شهدها العراق لأكثر من سبب، أحد تلك الأسباب المهمة تمثلت في عفوية هذه المظاهرات وابتعادها عن كل أشكال التحريض أو الدعم المنظم، لتنحصر دوافعها بالرغبة بتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الوظائف والسكن.
إضافة إلى المخزون الكبير من الغضب والإحباط لدى شباب معظمهم دون سن العشرين، الذين أظهروا جرأة كبيرة في الإصرار على إيصال صوتهم وشكواهم من واقع الفقر والتهميش، وهم الجيل الذي ولد وكبر في فترة ما بعد الاحتلال (2003)، فكبروا وهم يتطلعون إلى عيش حياة أفضل، بينما لا يبدو أن هذا ممكن على المدى القصير والمتوسط.
مشكلة هؤلاء الشباب الأساسية، أنهم عاطلون عن العمل ولا يرون أي مستقبل مشرق يلوح في الأفق، ولم يعرفوا طوال حياتهم سوى الفوضى التي سادت العراق منذ الغزو الأمريكي للبلاد في عام 2003، وبينما يعيشون مفتقدين الخدمات الأساسية والظروف الطبيعية مثل الماء والكهرباء والأمن، فهم يشكون أيضا من البطالة وعدم توفر مصادر للدخل.
رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في رسالة وجهها للشعب العراقي والمتظاهرين، قال جملة محورية تلخص الكثير مما يمكن أن يقال: "لا توجد حلول سحرية للمشكلات في العراق".
بالرغم من عبثية هذه الجملة عندما تقال في مثل هذه الظروف، خصوصا عندما تأتي من شخص أو جهة ينظر لها على أنها جزء من المشكلة وليس الحل، لكنها في الواقع صحيحة إذ لا يمكن للمشكلات التي تبلورت وترسخت في بنية الدولة والمجتمع العراقي على مدى 3 عقود ماضية على الأقل، أن يتم تداركها في أيام أو أسابيع أو شهور حتى.
ويبقى السؤال أين ستسير هذه المظاهرات التي من المزمع أن تنطلق يوم 25 من هذا الشهر؟ وهل ستعود الحكومة إلى إطلاق يد قناصيها على المتظاهرين، أم إنها ستقنعهم كعادتها ببعض الوعود الحالمة؟ وماذا يمكن أن يقدم المجتمع الدولي من حلول للحالة العراقية التي تشهد انتكاسات في أكثر من ميدان، وآخرها إخراج العراق من دول حقول الإنسان بخسارة مقعده، ودخلت مكانه جزر المارشال التي لا يتجاوز تعداد سكانها 50 ألف نسمة أي 1% من نفوس سكان محافظة نينوى؟