هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعمل السعودية على طرح شركة أرامكو النفطية للاكتتاب العام، بقيمة تصل إلى 2 تريليون دولار، وذلك في ظل حديث عن أسباب عديدة تثير مخاوف المستثمرين الراغبين بالاستثمار في أسهم الشركة.
ونشرت "وكالة بلومبيرغ" الأمريكية تقريرا عن مصير الشركة في ظل التطورات الأخيرة، وقالت إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "الذي بدأ لتوه الصعود إلى الشهرة العالمية فاجأ مجتمع الأعمال العالمي في أوائل عام 2016 من خلال وعده ببيع أسهم في شركة النفط العربية السعودية أرامكو".
وتضيف الوكالة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"- "الآن، بعد عدة بدايات خاطئة، فإن العرض العام
الأولي لجوهرة التاج في المملكة العربية السعودية (أرامكو)، التي تضخ 10 بالمئة من
إمدادات النفط الخام العالمية عبرما تملكه من حقول وفيرة تحت صحراء المملكة، يمضي
قدمًا إلى النهاية".
وتشير إلى أنه "من المقرر أن تصدر الحكومة إعلانًا رسميًا في
أواخر شهر أكتوبر، ومن المرجح أن يتتبع الداعمين بشكل مكثف وسريع أكبر عمليات بيع
الأسهم على الإطلاق، الشركة الأكثر قيمةً في العالم، أكبر حصص من الأرباح في
التاريخ".
وتتابع: "بينما لم يتم الإعلان عن تفاصيل العرض، يقول مشاركون في الصفقة أن حوالي 2 بالمئة من أرامكو قد يتم بيعها بسعر يقدر
قيمة الشركة بالكامل بحوالي 2 تريليون دولار، وجمع 40 مليار دولار ليتجاوز بذلك
مبلغ 25 مليار دولار الذي تم جمعه في عام 2014 بواسطة الصينية العملاقة التجارة
الإلكترونية علي بابا المجموعة القابضة المحدودة".
وتنقل الوكالة عن لرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أمين ناصر، قوله الشهر الماضي، "أرامكو مستعدة للإدراج كلما اتخذ المساهم قرارًا بالإدراج. سيكون
قريبا جدا".
في ظل هذه الضجة، تضيف الوكالة: "لم يكن البيع هو أداة تحرير
السوق الحرة الذي اقترحها الأمير أولاً، وذلك لسبب واحد، حيث لا توجد خطة للإدراج
في مركز مالي عالمي مثل لندن أو نيويورك أو هونج كونج، ولكن في الوقت الحالي، سيتم
تداول الأسهم فقط في بورصة الرياض".
وترى بلومبيرغ أن "الإدراج المحلي وإن كان يتم تسويقه
للمستثمرين الدوليين أيضًا، سيمنح الحكومة مدخلات مهمة في تحديد من يشتري الأسهم،
حيث تمت دعوة أغنى العائلات في المملكة، بما في ذلك بعض الأشخاص الذين احتجزوا في
فندق الريتز كارلتون في الرياض خلال حملة الأمير محمد على الفساد في عام 2017،
ليصبحوا مساهمين رئيسيين، إنه عرض قد يجدون صعوبة في رفضه".
أقرأ أيضا: WSJ: الرياض تبحث تأجيل اكتتاب "أرامكو" بعد هجمات الحوثي
وتشير إلى أنه "سيتم أيضًا طرح هذا العرض على المواطنين السعوديين من خلال حملة إعلانية على مستوى البلاد، مع تشجيع البنوك على إقراض المال حتى يتمكن مستثمرو التجزئة من المشاركة، وفقًا لأشخاص مطلعين على الخطط التي طلبوا عدم ذكر أسمائهم قبل الإعلان عن التفاصيل، علاوة على ذلك ، تتدخل السلطات السعودية بشكل تقليدي في الأسابيع التي تلت عملية بيع الأسهم لدعم السعر وضمان نجاح العرض".
وتلفت إلى أنه "خارج السعودية، يركز المصرفيون
على عرض للمستثمرين السياديين في آسيا والشرق الأوسط، الذين قد يكون لديهم أسباب
اقتصادية وسياسية طويلة الأجل لتعزيز العلاقات القوية مع الرياض".
وتعتبر أن "ما يمكن أن يكون متاحًا قليلًا هو اهتمام مديري
الأموال في العالم، الذين يرون أسبابًا تثير مخاوفهم، وتأتي تلك الاسباب متمثله
في: سوق نفط ضعيف، ومخاوف بشأن قوة الاقتصاد العالمي، وهجوم الشهر الماضي على أهم
مصنع لتجهيز النفط الخام في أرامكو".
ويقول دانيلو أونورينو، الذي يدير مدير الصندوق
دوجما كابيتال في سويسرا واستثمر في سندات أرامكو، إن "أرامكو هي ببساطة أفضل
أصول النفط والغاز على هذا الكوكب". لكن هناك مشاكل تتشكل في تكلفة رأس المال
في المملكة العربية السعودية مرتفعة نسبيًا ، وسعر النفط ليس الذي تريده أن يكون
عليه، وهناك مشاكل تتعلق بالشفافية".
وبحسب الوكالة فإن "المستثمربن قلقون بشأن حوكمة الشركات، كذلك لن
يجلب الاكتتاب العام الاستقلال عن الدولة السعودية التي لم تقترح بيع أكثر من 5
بالمئة من الشركة، بالإضافة إلى أنه ستبقى مدفوعات وأرباح الضرائب من أرامكو أكبر
مصدر للدخل الحكومي، والمملكة العربية السعودية هي أهم عضو في منظمة أوبك، لذا إن
سياسة إنتاج النفط ستبقى قرارًا سياسيًا".
وفي هذا المجال، يقول روب ثوميل، كبير مديري المحافظ لدى شركة Tortoise Capital Advisors، إن "الشاغل الأكبر حول أرامكو هو الحكم إذا أمكن حل تحديات الحوكمة، فستكون
مصلحة المستثمر مرتفعة ".
أقرأ أيضا: أين ظهر محمد بن سلمان بعد الهجوم على أرامكو؟
التقييم مصدر قلق
وعن القيمة الحقيقية للشركة تقول الوكالة إنه "لطالما أصر ولي العهد أن أرامكو تبلغ قيمتها
أكثر من 2 تريليون دولار، أي ضعف القيمة السوقية لشركة Microsoft Corp و Apple Inc.،
وهما أكثر الشركات قيمة في العالم اليوم".
وتضيف: "لا يوجد أدنى شك في أن أرامكو شركة كبيرة، حيث تضخ الشركة حوالي 10
ملايين برميل يوميًا، وأكثر من ضعف أكبر منافستها الأمريكية، إكسون موبيل كورب،
وقد حققت أرباحًا سنوية بلغت 111 مليار دولار العام الماضي، لكن الحديث حول أن
قيمة الشركة تبلغ 2 تريليون دولار يبدو مبالغا فيه إذا ما قورن مع المنتجين
الرئيسيين الآخرين للنفط".
وتقول إن ارامكو "وعدت مؤخرًا بدفع توزيعات أرباح
أساسية لا تقل عن 75 مليار دولار في عام 2020، وهي نسبة أعلى بكثير من مبلغ 58
مليار دولار الذي دفعته للحكومة السعودية في عام 2018، أي ما يعادل حوالي 20
دولارًا عن كل برميل تنتجه الشركة وأكثر من أرباح الأسهم التي تدفعها إكسون،
ورويال داتش شل، وشيفرون مجتمعة".
كما قامت الحكومة السعودية بتعديل الهيكل
الضريبي لشركة أرامكو لإتاحة مجال أكبر لمدفوعات المساهمين، حيث خفضت حقوق الامتياز
المدفوعة على كل برميل من 20 بالمئة إلى 15 بالمئة طالما بقيت أسعار النفط دون 70
دولارًا للبرميل (يصل سعره حاليًا إلى أقل من 60 دولارًا).
ومع ذلك -تتابع الوكالة- "عند تقدير 2 تريليون دولار، فإن عائد
أرباح أرامكو لن يعادل 3.75 بالمئة فقط، ويبدو ذلك عائدًا صحيًا في عالم يسوده
معدل فائدة صفر، لكنه أقل من حاملي سندات الشركة التي تبلغ مدتها 30 عامًا".
اليوم، يبلغ عائد أرباح شركة إكسون حوالي 5 بالمئة،
كما إن رقم شركة Shell،
الشركة التي لم تخفض مدفوعاتها من الأرباح منذ الحرب العالمية الثانية، يبلغ أكثر من
6 بالمئة، وبالتالي لكي تضاهي أرامكو عائدات إكسون، يجب أن تكون قيمتها السوقية
قريبة من 1.5 تريليون دولار.
توقعات الطلب
وتتحدث بلومبيرغ عن "مصدر قلق آخر للمستثمرين المحتملين هو توقعات
الطلب. بنيت أرامكو في عصر كان فيه الطلب على النفط يرتفع بشكل موثوق عامًا بعد
عام، اشترى مئات الملايين السيارات وتوجهوا إلى الطريق، ولكن لقد بدأ التغيير، حيث
تستثمر شركات صناعة السيارات العالمية مثل فولكس واجن إيه جي المليارات في
السيارات الكهربائية، ويتوقع بعض المحللين أن يصل الطلب على البنزين إلى الذروة
خلال العقد المقبل".
وتوضح: "يواجه سوق النفط تحديات أكثر إلحاحًا أيضًا،
أدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى إضعاف آفاق الطلب على الطاقة،
والمخزونات الوفيرة، وترى الوكالة الدولية للطاقة عدم توافق محتمل
بين العرض والطلب في أوائل العام المقبل بأكثر من مليون برميل يوميًا".
وتقول شركة أرامكو إن امتلاك الحقول الأقل
تكلفة في العالم يعني أن المملكة العربية السعودية سوف تستمر في التنقيب لعدة عقود،
لكن مواقف المستثمرين تجاه الصناعة تتغير.