هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحدثت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، عن فرص نجاح عمل الهيئة الدستورية السورية، بعد تشكيلها تحت وصاية الأمم المتحدة، في الوقت الذي لا زالت تتخبط فيه البلاد بالمشاكل الأمنية.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إنه "في
الوقت الذي تلقي فيه الأزمة في الخليج العربي إيران في قلب المحادثات على هامش
اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، مر إعلان مرور الكرام دون أن يتفطن له أحد
أو يثير أي تعليقات، ألا وهو تأسيس هيئة دستورية تتكفل بصياغة دستور جديد في
سوريا، وقد أعلن عنها رسميا الأمين العام للأمم المتحدة".
وأشارت الصحيفة إلى أن "هذا
الإعلان يعكس بلا شك إرادة منظمة الأمم المتحدة لإرساء انتقال سياسي في سوريا،
وتسجيل عودة المنظمة من جديد كطرف في صنع القرار، بعد استبعادها خلال عملية
سوتشي".
وتابعت: "يمكن لهذه الهيئة
الدستورية أن تؤسس مساحة للتعامل مع القضايا المركزية لمستقبل البلاد، مع تحديد أي
نوع من النظام (رئاسي أو برلماني) ونوع الدولة (مركزية أو لامركزية)، خصوصا وأنه
لم يقع بعد معالجة كل هذه القضايا في الوقت الحاضر".
ونوهت الصحيفة إلى أن "هذه
المبادرة الأممية أثارت العديد من التساؤلات عن مدى ملاءمة الوضع الحالي في سوريا
لتأسيس هيئة دستورية"، معتبرة أن "الوضع يبدو بعيدا عن الانفراج، على
الأقل في الوقت الحالي".
اقرأ أيضا: طعمة لـ"عربي21": الاتفاق على أعضاء اللجنة الدستورية بسوريا
واستدركت بقولها: "إلا أن هذا
الإعلان يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، وفقا
لما صرح به غسان سلامة عن سوريا قبل توليه منصبه الحالي كمبعوث خاص للأمم المتحدة
في ليبيا، ومع ذلك، يبدو أن الهيئة الدستورية تتجه نحو طريق مسدود، نظرا لأن الأمم المتحدة تجاهلت معالجة
الجوانب الأساسية التي تغذي الصراع في سوريا".
وقالت الصحيفة إن "أبرز
الإشكاليات التي تعترض هذه الهيئة تتمثل أولا في تركيبتها، فالنظام السوري الذي
يجد نفسه في موقف قوة سيفرض رأيه على خصومه المعارضين مع أحقية النظام في تعيين
ممثلين عن المجتمع المدني "يتحدثون باسمه" للمشاركة في أعمال الهيئة،
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن النظام لن يسمح بسهولة تسجيل خطوة سياسية إلى الأمام
خصوصا مع مواصلته في تطبيق سياسته القمعية التي تستهدف المناطق التي أبرمت فيها
اتفاقيات وقف إطلاق نار".
وأضافت الصحيفة أن "الإشكال
الثاني يكمن في استبعاد جزء هام من الطبقة الشعبية عبر غياب أي ممثل عنهم ضمن
الهيئة الدستورية، ولكن لسائل أن يسأل، هل تعمل الأمم المتحدة على وضع دستور جديد
في سوريا من أجل إعادة توطين اللاجئين والمهجرين؟ ولكن حتى ولو تحقق ذلك، فأين
سيقطن هؤلاء المهجرون، خصوصا وأن النظام السوري يقود حملة مصادرة مكثفة للأراضي
وتقديمها كمكافأة للذين حافظوا على ولائهم له، ويعني ذلك أن استحالة عودة ملايين
اللاجئين من جديد إلى سوريا يبقى مشكلا كبيرا يعرقل جهود استعادة الاستقرار".
في المقابل، كيف ستوفق الأمم المتحدة
بين أنشطة "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الانتهاكات
المرتكبة في سوريا"، التي تأسست سنة 2016 بعد تصويت الجمعية العامة، وبين
أعمال الهيئة الدستورية؟ علاوة على ذلك، كيف يمكن تجنب الدخول في طريق مسدود في ظل
غياب مؤشرات العدالة، التي تعتبر ضرورية لإرساء عملية المصالحة والبنية المؤسسية للدولة.
في الختام، تساءلت الصحيفة حول ما
إذا كانت هذه الهيئة الدستورية ستعتبر غير شرعية إذا أجريت ضمن سياق إفلات رموز
النظام من العقاب على الجرائم التي ارتكبها في سوريا وفي الواقع، لا وجود لإجابة
لكل هذه الأسئلة، ولكنها تضرب بهذه الهيئة الدستورية عرض الحائط.