هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "إنترستنغ إنجينيرينغ" الأمريكي مقال رأي للكاتب ماثيو وليامز تحدث فيه عن حقيقة ما يتطلّبه الأمر لجعل التنقيب عن المعادن في الكويكبات حقيقة واقعة.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من أن مفهوم التنقيب في الكويكبات كان مادة للخيال العلمي منذ عقود من الزمن، إلا أنه أصبح خلال السنوات القليلة الماضية احتمالا قائما. ومع ظهور العديد من الشركات بغرض التنقيب في الكويكبات والاستكشاف والتعدين، فإنه من الواضح أن الفكرة ستنتقل من عالم الخيال العلمي إلى عالم الواقع العلمي.
وذكر الكاتب أن هناك القليل من المعلومات حول تاريخ النظام الشمسي. فمنذ حوالي 4.6 مليار سنة، تشكلت الشمس من سديم الغاز والغبار، على خلفية انهيار الجاذبية في المركز. وبعد أن استهلك السديم الشمسي معظم المواد، تشكل باقي الغاز والغبار في قرص كبير مسطح حول خط استواء الشمس.
ووفقًا للنماذج الفلكية الحالية، تكونت الكويكبات من المواد المتبقية من عملية تكوّن النظام الشمسي. وتشكلت الكويكبات والكواكب من المواد الأولية ذاتها، على غرار كوكب الأرض.
وأفاد الكاتب بأن جاذبية الأرض سحبت معظم المعادن الثقيلة (مثل الحديد والنيكل) أثناء الدهر السحيق، أي منذ حوالي أربعة مليارات سنة. وتركت هذه العملية القشرة الأرضية تستنزف كثيرا من المعادن الثقيلة.
اقرأ أيضا: تعرف على أسرار لا يزال العلماء يحاولون اكتشافها عن القمر
ويفترض أحد النماذج أنه، خلال فترة القصف الشديد، قبل حوالي 4.1 إلى 3.8 مليار سنة، اصطدمت كمية كبيرة من الكويكبات مع الكواكب الأرضية (عطارد والزهرة والأرض والمريخ). وقد ساهمت هذه العملية في إعادة ملأ القشرة الأرضية بالمعادن، مثل الحديد والنيكل والذهب والكوبالت والمنغنيز والموليبدينوم، والأوزميوم، والبلاديوم، والبلاتين، والرينيوم، والروديوم والروثينيوم، والتنجستن.
وأشار الكاتب إلى أن كل المعطيات السالف ذكرها دفعت الكثير من الشركات إلى التفكير في تنقيب الكويكبات، حيث أنه داخل النظام الشمسي، هناك عدد لا يحصى من الأجسام التي تحتوي على ثروة من المعادن والخامات التي تعد ضرورية لتنمية اقتصاد كوكب الأرض. كما يعتقد العلماء أن الكويكبات تشكلت من المواد المتبقية من تكوين النظام الشمسي. وبالتالي، تحتوي العديد من الكويكبات على تركيبة تشبه تركيبة الأرض والكواكب الصخرية الأخرى مثل عطارد، والزهرة، والمريخ.
وأكد الكاتب أنه يُعتقد أن هناك العديد من الكويكبات والمذنبات التي تتألف إلى حد كبير من المياه المتجمدة وغيرها من المواد المتطايرة (الأمونيا والميثان وغيرها). وتبعا لذلك، يمكن استثمار تلك المياه لتلبية الطلب المتزايد على المياه العذبة على الأرض. كما يمكن استخدام المواد المتطايرة كمصدر لإنتاج الوقود الكيميائي مثل الهيدرازين، ما سيسهل عمل المزيد من مشاريع التنقيب والتعدين.
وأضاف الكاتب أن كويكيب ديديموس يحتوي على نحو 62 مليار دولار أمريكي من النيكل والحديد والكوبالت. أما كويكب أنتيروس الذي يبلغ حجمه ما بين 2 و2.4 كيلومتر، فيحتوي على ما قيمته 5.57 تريليون دولار أمريكي من سيليكات المغنيسيوم والألمنيوم والحديد.
اقرأ أيضا: لماذا يريد الجميع العودة إلى القمر؟
علاوة على ذلك، تمكن مرصد روزيتا من التقاط صورة لكويكب 21 لوتيشيا، الذي يعتقد بأنه متكون من صخرة غنية بالمعادن. وتجدر الإشارة إلى أن مذنبات عائلة المشتري والكويكبات القريبة من الأرض يمكن أن توفر المياه.
في سنة 2008 ، تنبأ مؤسس "جائزة إكس"، بيتر ديامانديس بأن تنقيب الكويكبات هو الطريق نحو المستقبل. وفي ما يخص مستقبل التنقيب، صرح الرئيس التنفيذي لشركة "أورو سان ماينيغ"، سكوت مور، وهو أحد المؤيديين لهذه الصناعة قائلا: "بأن الأربع أو الخمس ملايين أونصات من الذهب التي يجلبها التجار إلى السوق كل سنة لا تعد شيئا مقارنة بكميات الذهب الموجودة في الفضاء".
وأفاد الكاتب بأن مؤسسة ب612 المكونة من علماء ورواد فضاء سابقين ومهندسين من معهد الدراسات المتقدمة ومؤسسة البحث الجنوبية الغربية وجامعة ستانفورد وناسا وصناعة الطيران قد تأسست بغرض النهوض بعلوم الكواكب والدفاع الكوكبي ضد الكويكبات وغيرها من آثار الأجسام القريبة من الأرض.
وقد اقترح العلماء استخدام تلسكوبات صغيرة الحجم تعتمد على التعقب الصناعي لدراسة الكويكبات التي يحتمل أن تكون خطرة، فضلا عن تقديم المساعدة للتنقيب عن الكويكبات في المستقبل القريب.
اقرأ أيضا: تبادل الحياة بين كوكب المريخ والأرض.. هل ذلك ممكن؟
وفي دراسة حديثة، صرح الدكتور مارتن إلفيس، وهو كبير علماء الفيزياء الفلكية في مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية، والدكتور توني ميليجان، وهو زميل تدريس في الأخلاق وفلسفة الدين في قسم اللاهوت والدراسات الدينية في كلية كينجز كوليدج لندن، بأن ارتفاع عدد السكان والتغيرات المناخية تعد من أكثر المخاطر التي تهدد الإنسانية وهذا ما يجعلنا نفكر في تنقيب الكويكبات.
وبين الكاتب أنه منذ بداية الثورة الصناعية خلال القرن الثامن عشر، ازداد عدد السكان واستغلال الموارد الطبيعية، وما بين سنة 1800 و2000، تضاعف عدد سكان العالم ست مرات، تحديدا من مليار إلى 6 مليارات، وهذا يعد أكبر انفجار سكاني في التاريخ، والمعدل في ارتفاع.
وينطبق الأمر نفسه على استهلاك الطاقة، فعندما زاد عدد السكان سبعة أضعاف زاد استهلاك الطاقة ثلاثين ضعفا. وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان الأرض سيصل إلى 9.7 مليارات بحلول سنة 2050 ويمكن أن يصل إلى حوالي 11 مليار بحلول سنة 2100، وهذا يعني أنه ينبغي علينا البحث عن موارد جديدة كي نضمن بقاءنا على قيد الحياة.
وأضاف الكاتب أنه من خلال الاستفادة من الموارد الموجودة في الفضاء، ستكون البشرية قادرة على تجاوز مشاكلها الاقتصادية. وعلى هذا النحو، من المرجح أيضا أن يساعد التنقيب في الكويكبات على توسيع وجود البشرية في الفضاء. وبعد بضعة قرون، يمكن أن تكون هناك مستوطنات بشرية في الفضاء.