هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "إنترسبت" مقالا للمعلق المعروف مهدي حسن، يتحدث فيه عن دور أونغ سان سو تشي، بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية ضد مسلمي الروهينغا في بلادها.
ويتساءل حسن في بداية مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "ألم يحن الوقت لتوجيه التهمة للفائزة بجائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي بارتكاب جرائم حرب ومحاكمتها في محكمة الجنايات الدولية؟".
ويشير الكاتب إلى أن يوم الأحد صادف مرور عامين على وصول الجيش البورمي "تاتماداو" إلى ولاية راكين في غرب ميانمار، لشن حملة رعب وعنف جديدة ضد أقلية الروهينغا المسلمة، التي لطالما عانت من الاضطهاد.
ويلفت حسن إلى أن "القوات البورمية ومجموعات الفيجلانتي قامت بارتكاب جرائم يصعب وصفها: رجال من الروهينغا قطعوا أربا وأطفال حرقوا أحياء، ومئات بل آلاف النساء والفتيات تم اغتصابهن، وعشرات القرى تم نهبها وهدمها، في الوقت الذي تم فيه طرد 700 ألف شخص من الروهينغا من بيوتهم، وأحد التقديرات المتحفظة يقول بأن عدد القتلى وصل إلى أكثر من 10 آلاف".
ويذكر الكاتب أنه "بعد عامين من ذلك فإن لاجئي الروهينغا لا يزالون يقبعون في مخيمات قذرة عبر الحدود في بنغلاديش، ومن الصعب المبالغة في تقدير الوحشية التي عاناها هؤلاء اللاجئين، لقد أطلقت وزارة الخارجية الأمريكية عليها (تطهيرا عرقيا)، ووصف السفير الأمريكي للحرية الدينية سام براونباك، العنف ضد الروهينغا (بالسوء ذاته أو أسوأ من أي عنف شاهدته شخصيا، بما في ذلك (العنف الذي شاهدته) بصفتي أول مسؤول أمريكي يزور دارفور عام 2004)".
وينوه حسن إلى أن "لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة اتهمت في آب/ أغسطس 2018 الجيش البورمي بارتكاب إبادة جماعية، وهو رأي يتفق معه الخبراء في المتحف الأمريكي لذكرى المحرقة في واشنطن، وكذلك البرلمان الكندي في أتوا، الذي صوت بالإجماع على ذلك، وطالب المحققون الأمميون بالتحقيق مع كبار قادة الجيش البورمي ومحاكمتهم؛ لارتكابهم (أبشع) الجرائم ضد المدنيين، بحسب القانون الدولي".
ويتساءل الكاتب قائلا: "لكن ماذا عن محاكمة سو تشي، الحبيبة إلى الغرب سابقا والبطلة لدى الليبراليين والمحافظين سواء؟ متى سيكون ذلك محتملا؟ فعلى مدى عامين دافعت سجينة الرأي السابقة، التي أصبحت زعيمة لبلدها، دفاعا أعمى عن جيش بلدها المتجاوز للقانون، مقللة من حجم الجرائم البشعة التي ارتكبها، بالإضافة إلى أنها بصفتها قومية بوذية شجعت على الكراهية ضد الأقلية المسلمة المحاصرة في بلدها، وشاركت بشكل متكرر في تصرفات تنم عن كراهية المسلمين، وفي زيارة حديثة لها لهنغاريا شاركت رئيس الوزراء اليميني المتطرف فيكتور أوربان للإعراب عن الضجر بسبب (عدد المسلمين المتزايد) في بلديهما".
ويقول حسن: "قد تريد سو تشي أن تستمتع برحلات للخارج، ولقاءات مع زعماء عنصريين مثلها، في الوقت الذي تستطيع فيه فعل ذلك، وعندما وجهت القناة الرابعة البريطانية سؤالا للمقررة الخاصة للأمم المتحدة حول وضع حقوق الإنسان في ميانمار، يانغي لي، التي منعت من دخول ميانمار بسبب انتقادها لحكومة سو تشي، فيما إذا كان يتوقع أن تدين محكمة سو تشي بجرائم ضد الإنسانية أو حتى الإبادة الجماعية، أجابت لي قائلة: (أخشى ذلك.. لا يمكن أن تكون غير مسؤولة.. فالتواطؤ أيضا عليه مساءلة)".
ويفيد الكاتب بأن العدد المتضائل من المدافعين الدوليين عن الزعيمة البورمية يتضمن الفائز بجائزة نوبل عام 1991 خوسي راموس هورتا، وزعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل، اللذين تعاونا مع الحكومة في ميانمار لعرض مجموعة من حجج كاذبة حول السبب في وجوب عدم محاكمتها، أو تحميلها المسؤولية، عن العنف والقمع في ميانمار.
ويذكر حسن أن "المدافعين عنها يشيرون أولا إلى أن ميانمار ليست موقعة على نظام روما الأساسي، (الذي بموجبه أنشئت محكمة الجنايات الدولية)، ولذلك فليست للمحكمة سلطة عليها، إلا أن المحكمة في أيلول/ سبتمبر 2018 حكمت بأن بإمكانها محاكمة ميانمار للجرائم المرتكبة ضد الروهينغا؛ بحجة أن الجريمة لم تكتمل إلا بوصول اللاجئين من العنف إلى بنغلاديش الموقعة على نظام روما الأساسي".
ويشير الكاتب إلى أن "الأمر الثاني، بحسب المدافعين عن سو شي، هو أنها بصفتها أول حاكم مدني للبلاد منذ 49 عاما، فإنها ليست لديها سلطة على الهجمات المسلحة، ولذلك لا يمكن تحميلها المسؤولية للهجمات على الروهينغا".
ويستدرك حسن بأن لكن هذا، بحسب الزميل في مركز توثيق جرائم الإبادة في كمبوديا مونغ زارني "تغيير كامل للدور الذي تؤديه سو تشي" في تلك الجرائم، ويشير زارني، وهو بوذي بورمي ويعرف سو تشي شخصيا، وكان ذات مرة مؤيدا جدا لها، إلى أنها تسيطر على أربع وزارات مدنية لطالما كانت "تلك الوزارات" متورطة في اضطهاد الروهينغا -وزارة الإعلام والشؤون الدينية والهجرة والخارجية- هذا عدا عن موقعها بصفتها حاكمة للبلاد.
ويقول الكاتب: "كنت قد أشرت في مقال سابق لي في نيسان/ أبريل 2017، إلى أن مكتب سو تشي اتهم نساء الروهينغا باختلاق قصص العنف الجنسي، واستخدم العنوان (الاغتصاب الكاذب) عنوانا رئيسيا على صفحة الإنترنت الرسمية للمكتب".
ويرى حسن أن "من العدل أن نلعن سو تشي ومسؤوليها المدنيين لإنكارهم الجرائم ضد الروهينغا، ما يضفي عليها الشرعية، ويؤدي إلى التشجيع على المزيد من عنف قوات الأمن، أو كما ورد في تقرير الأمم المتحدة الإسهام (في ارتكاب الجرائم الفظيعة)".
ويورد الكاتب نقلا عن زارني، قوله: "ليست هناك تبرئة لها من المسؤولية للبيانات الرسمية والقوانين والتدابير.. وكلها مصممة لحرمان الروهينغا من التعليم والخدمات الصحية والقضاء وفرص كسب القوت والمعلومات الحقيقية حول تاريخ الروهينغا ووضعهم القانوني"، وقال لحسن إن سو تشي تؤدي دورا مثل الذي قام به جوزيف غوبلز في ألمانيا النازية، "ربما بشكل صارخ أقل، ولكن ليس أقل فعالية".
ويلفت حسن إلى أن مؤلف كتاب "الروهينغا: داخل الإبادة الخفية في ميانمار"، عظيم ابراهيم، يوافق على أن سو تشي "ومن غير شك أدت دورا مهما في الإبادة"، من خلال توفيرها "الغطاء في كل خطوة" للجنرالات البورميين، و"قال لي ابراهيم إن وجودها في قمة الهرم، وكونها تحمل جائزة نوبل، وتعرض هذا الوجه لميانمار في العالم، هو (ما شجع الجيش على الإقدام على الحل النهائي)، في إشارة منه إلى (الحل النهائي) لهتلر".
وينوه الكاتب إلى أن "الأمر الثالث، الذي يقوله المدافعون عن سو تشي، إن أي فعل ضد السيدة، كما يدعونها، سيؤدي إلى زعزعة التوازن الحساس للسلطة داخل ميانمار، ويخاطر بإعادة السلطة إلى الجنرالات، ربما على شكل انقلاب عسكري، ويقول ماكونيل إن سو تشي هي (أفضل أمل للإصلاحات الديمقراطية في بورما)، في الوقت الذي يخشى فيه راموس وغيره من المخاطرة بـ(تحول سياسي هش)، لكن كما يشير إبراهيم، فإن هذه الحجة (كاذبة بشكل واضح) وأن الحقيقة هي (أن الجيش الآن في الوضع المثالي: فلديهم السلطة دون خضوع للمساءلة، ولديهم (سو تشي) تتحمل الانتقادات كلها، في الوقت الذي يستطيعون فيه الاستمرار في عملية الإبادة.. وفي الوقع ذاته إثراء أنفسهم بشكل كبير، فلماذا يريدون زعزعة ذلك الترتيب المثالي والعودة للسلطة، ما سيعيد العقوبات الدولية وتصبح ميانمار دولة مارقة؟".
ويفيد حسن بأن "زارني لم يكن أقل حدة، فقال: (إن الحكم المتنور المفترض في بورما ما بعد العسكر هذه بزعامة سو تشي لا تزيد على كونها من صنع خيال دبلوماسيين ودول أجنبية لهم مصالح خاصة)".
ويتساءل الكاتب: "متى ستقوم هذه الحكومات الأجنبية، التي تدعي أنها تهتم بحقوق الإنسان، وتعلن بورع عن عدم السماح لحصول الإبادة مرة أخرى، بفعل ضد مرتكبي الإبادة الحديثة في ميانمار؟ لقد كان هناك حظر سفر على عدد بسيط من الجنرالات البورميين، لكن لم تفرض أي عقوبة ضد الحاكمة نفسها، لقد تم تجريد سو تشي من جوائز مثل منظمة العفو الدولية ومدن مثل أكسفورد وإدنبرة وباريس، لكن هل تصل هذه الإهانات القليلة الى مستوى إنصاف ضحايا (القتل والاغتصاب والتعذيب والاستعباد الجنسي والقمع والاستعباد) من الروهينغا؟".
ويؤكد حسن أن "رفض أي عقوبات أو التفكير في محاكمة زعيمة ميانمار لدورها في إبادة الروهينغا بعد عامين، ليس فقط إهانة لمئات آلاف اللاجئين من الروهينغا في بنغلاديش وخارجها، بل إنه يشكل خطرا على أقليات ميانمار الأخرى، مثل أقلية الكاتشين المسيحية في الشمال، الذين عانوا من عنف وإرهاب التاتماداو في السنوات الأخيرة".
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى قول إبراهيم محذرا: "إذا سمحت بمرور (حرب) إبادة واحدة دون عقوبة فإنك تفتح الباب للكثير من (حروب) الإبادة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)