هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قبل أيام؛ ذكرت وكالات الأنباء أن خالد شيخ محمد؛ المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، أبدى استعدادا لاستجوابه من قبل الضحايا الذين يرفعون دعوى قضائية على السعودية طلبا لتعويضات، وذلك إذا قررت الولايات المتحدة عدم معاقبته بالإعدام.
وجاء كشف قصة العرض على لسان
محامين يمثلون شركات وأفرادا يطلبون تعويضات بمليارات الدولارات، وقالوا إن خالد
شيخ محمد، قد قدم الطلب من خلال رسالة إلى المحكمة الجزئية الأمريكية في مانهاتن.
لا نحتاج إلى كثير من الذكاء
كي ندرك أن هذه الفكرة لم تكن من بنات أفكار خالد شيح محمد، رغم أن من يعرفونه
يقرّون بذكائه الشديد، وهي ربما كانت من أفكار المحامين، فيما لا يُستبعد، بل ربما
يُرجّح أنها جاءت بإيحاء من جهات رسمية أمريكية.
لماذا نذهب نحو هذا الاحتمال
الأخير؟
نذهب إليه لأن مرور 18 عاما
على هجمات سبتمبر، لم يوقف القضايا المرفوعة ضد السعودية في هذا الشأن، ولا يكاد
الملف يتراجع، حتى يعود إلى واجهة المشهد عبر قصة من هذا النوع أو ذاك.
ليس ممن الطبيعي أن تبقى قضية
في المحاكم كل هذا الوقت، لكن القضاء الأمريكي ليس نزيها كما يعرف الجميع حين
يتعلق الأمر بقضايا السياسة والأمن القومي، والقضية التي نحن بصددها لا زالت باقية
حتى الآن لسبب بسيط يتمثل في أنها تمثل أداة ابتزاز أمريكي للسعودية.
وحين نتذكر أنه لم يمرّ على
الولايات المتحدة طوال تاريخها رئيس يجيد الابتزاز، بل يعتبره أهم هواياته كما
الرئيس الحالي ترامب، ومن استمع إليه في تصريحاته المستفزة حيال السعودية، وبعدها
دول أخرى، من بينها قطر ودول غير عربية، يدرك ذلك تماما، فهو يحسب كل شيء بالمال،
وإن حضرت "الصهينة" كجزء من شخصيته تبعا لانحيازه للتيار الإنجيلي الذي
يعتبر مصلحة الكيان الصهيوني قضية عقائدية، بجانب دعم اللوبي الصهيوني.
ما يعنينا في القضية التي نحن
بصددها هو أنها تؤكد أن قضية هجمات سبتمبر، وتبعا لها القانون الذي عُرف باسم
"جاستا"، (اختصارا لعبارة العدالة ضد رعاة الإرهاب) ستظل على الطاولة
إلى أمد لا يُعرف مداه، وبالطبع كوسيلة لابتزاز المال والصفقات التسليحية
والتجارية.
يحدث ذلك بالطبع لأن النظام المالي
الدولي، ودكتاتورية الدولار إذا جاز التعبير، ما زالت تمنح الولايات المتحدة فرصة
فرض عقوبات على أي دولة في العالم، بما في ذلك الدول الكبرى والكبيرة مثل الصين
وروسيا وفنزويلا وإيران وتركيا وكوريا الشمالية وسواها، ولا يمكن لأحد أن يتحداها
على هذا الصعيد.
هذا البعد هو ما يدفعنا إلى
القول دائما إن سطوة أمريكا الدولية ستتواصل ما بقيت دكتاتورية الدولار قائمة، وهو
ما بدأت تتنبه له القوى الكبرى، محاولة البحث عن بدائل للمعاملات المالية عبر استخدام
العملات المحلية، لكن ذلك يبقى جهدا متواضعا، ولا بد من مزيد من الجهود كي يُصار
إلى ترجمة موازين القوى الدولية الجديدة
على الصعيد الاقتصادي، ومن ثم وقف دكتاتورية الدولار.
في الحالة السعودية التي نحن
بصددها، لا يتعلق الأمر بمليارات الدولارات، ولا حتى بعشرات المليارات، بل سيصل
إلى 3 تريليونات في أقل تقدير، لا سيما حين نتذكر ما دفعه القذافي مقابل إغلاق ملف
"لوكربي" (10 مليون دولار لكل ضحية)، فيما قد يطلب الأمريكان ما هو أكثر
من ذلك لكل ضحية من الضحايا الذين كانوا في حدود 3 آلاف.
يدرك الجميع أن السعودية كدولة
لا صلة لها بالهجمات، ولكن من يلجم شعور الغطرسة الأمريكية ما دام بوسعها أن تفعل؟!
ما يعني أن مسألة الدولار وسطوته ستكون من أهم المعارك الكبيرة لدول العالم خلال
المرحلة المقبلة، وحتى ذلك الحين، سيواصل ترامب ومن بعده ابتزاز السعودية بهذا
الملف، تماما كما يفعلون مع آخرين؛ أكثرهم إيران
راهنا.