شهدت الأوساط السياسية الفرنسية
مؤخرا سخطا حول سياسة الرئيس الحالي "إيمانويل ماكرون" في ليبيا ودعمه
الذي أصبح واضحا للواء الليبي المتقاعد خليفة
حفتر، ومشروعه العسكري، ما طرح تساؤلات حول
تداعيات هذا السخط، وما إذا كان سيجبر الحكومة الحالية على التخلي عن الجنرال
الليبي.
وقرر البرلمان الفرنسي تشكيل
لجنة تحقيق من 30 عضواً للتحقيق في ما سموه "الدور المشبوه" للحكومة
الفرنسية في ليبيا ودعمها لطرف واحد هناك، خاصة بعد العثور على صواريخ
"غافلن" الأمريكية التي باعتها لفرنسا، في مدينة غريان الليبية نهاية
الشهر الماضي.
"لقاء وتراجع"
والتقى رئيس
حكومة الوفاق
الليبية فائز السراج، مؤخرا بالرئيس الفرنسي في تونس؛ لبحث آخر مستجدات الوضع في
ليبيا وتداعيات الاعتداء على العاصمة "طرابلس"، حيث أكد
"ماكرون" رفضه الكامل للهجوم وضرورة وقف القتال والعودة إلى المسار
السياسي.
لكن "السراج" طالب
"ماكرون" بأن يوجه حديثه بوقف القتال إلى المعتدي، كون قوات
"الوفاق" تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس وعن مدنية الدولة، بحسب
وصفه.
واعتبر مراقبون تصريحات
"ماكرون" وقبلها موقف البرلمان الفرنسي خطوة نحو تغير الموقف الفرنسي
ولو ظاهريا من "حفتر"، وسط تساؤلات حول إمكانية تخلي
فرنسا عن اللواء
حفتر.
"تبرأ من حفتر قريبا"
من جهته، قال الصحفي المقرب من
حكومة الوفاق الليبية، محمد الشامي إن "فرنسا دعمت حفتر عسكريا
واستخباراتيا وسياسيا حتى قرابة 3 شهور من عدوان الأخير على العاصمة الليبية،
وبعدما تأكدت من فشله تحاول الآن التبرؤ منه، لكنها لا تستطيع نفي دعمه".
وأشار لـ"عربي21" إلى
أن خطوة البرلمان الفرنسي نحو التحقيق تفسر في اتجاهين: أن هذه البرلمان لم يكن
على علم بهذا الدعم وهذا أمر جيد، أو أنه كان على علم ويحاول الآن تثبيت الحوار
حتى يحقق "حفتر" مكاسب أكثر، كونه وصل لأطراف العاصمة.
وتابع حديثه: "ربما تكون
محاولة لإيقاف تقدم قوات الوفاق المصرة على إنهاء "حفتر" وقواته، ومن ثم
إنهاء المشروع الفرنسي في ليبيا ما يؤثر على سياسة فرنسا في الدول الإفريقية
المجاورة لليبيا كالنيجر وتشاد".
"دعم حتى النهاية"
لكن المدون والناشط الليبي، علي
فيدان استبعد أن تتخلى "فرنسا" عن "حفتر" بعد كل الأموال التي
دفعتها، والغطاء السياسي الذي تم توفيره لحمايته من الملاحقات الجنائية ومذكرات
الاعتقال، كما أن الملف الليبي الآن بات بعهدة وزير الخارجية الفرنسي لودريان.
وأوضح في تصريحات
لـ"عربي21" أن لودريان يمثل رجال الأعمال والرأسماليين في الحكومة
الفرنسية، حيث كان وزيرا للدفاع في عهد الرئيس السابق، هولاند، كما أن الدول
الإقليمية التي تستثمر في "حفتر" تحاول إغراء فرنسا بالأموال كونها تعلم
أنها تمر بأزمة مالية واقتصادية.
وأضاف: "خطوة البرلمان
الفرنسي مهمة، لكن يبدو أن القرار هو ملك لرجال الأعمال، الذين هم عصب الدولة
وعمودها الفقري، والذين يرون مصلحتهم في بقائهم ضمن المحور الخليجي للحفاظ على
مصالحهم"، وفق تقديراته.
"فيتو فرنسي"
وبدوره قال الباحث الليبي، جمال
سعيدان إن "السياسة الفرنسية لن تتغير تجاه ليبيا، وهي تستغل
"الفيتو" في مجلس الأمن لمنع وقف الحرب هناك، ولا أعتقد أن يكون
للبرلمان الفرنسي أي دور في تغيير سياسة الحكومة؛ لما لفرنسا من مصالح في مجال
النفط، وأطماع واضحة في الجنوب الليبي".
وفي تعليقه على نتائج تخلي
فرنسا عن "حفتر" حال حدوثه، قال: "سيكون ذلك دعما لحكومة مدنية في
"طرابلس"، والتي هي فعلا دعم لشرعية "السراج" المعترف به
دوليا، لكنه أمر مستبعد على الأقل في المدى القريب"، كما صرح لـ"عربي21".