ملفات وتقارير

هكذا دفعت انتهاكات الاحتلال محامي الأسرى لحمل السلاح

حكمت محكمة إسرائيلية على الأسير طارق برغوث مؤخرا بالسجن لمدة 13 عاما ونصف- تويتر
حكمت محكمة إسرائيلية على الأسير طارق برغوث مؤخرا بالسجن لمدة 13 عاما ونصف- تويتر

لم يتمالك المحامي الفلسطيني طارق برغوث (43 عاما) نفسه في جلسة محاكمة الأسيرة الفلسطينية إسراء جعابيص التي التهمت الحروق معظم جسدها ولم تشفع لها أمام القاضي الإسرائيلي؛ ليصدر بحقها حكما بالسجن لمدة 11 عاما، ليصرخ المحامي في وجه هيئة القضاة والادعاء قائلا: "حكمكم جائر دعوها وشأنها، أحرقتموها وأنهيتم حياتها نفسيا فماذا تريدون بعد ذلك؟!".

وبعد انتهاء المحاكمة بأيام رفع برغوث الهاتف محادثا شقيقه ناصر بصوت بارد طالبا منه العمل في شركته، وحين استفسر الأخير عن سبب ذلك رغم أن المحاماة تسري في دم طارق؛ أبلغه بأنه لا يريد مزيدا من "وجع القلب" وهو يشاهد بعينيه ظلم محاكم الاحتلال ولا يستطيع أن يفعل شيئا.

تلك الحكاية المختصرة للمحامي طارق برغوث الذي حكمت عليه محكمة إسرائيلية مؤخرا بالسجن لمدة 13 عاما ونصف بتهمة تنفيذ عمليات إطلاق نار صوب قوات الاحتلال، في خبر هز معظم الفلسطينيين ونزل عليهم كالصاعقة في ظل معرفتهم بالمحامي الإنسان الذي برز خلال محاكم العديد من الأسرى.

ويقول شقيقه ناصر لـ عربي21 إن طارق كان اعتقل عام 2015 لمدة ثلاثة أيام بعد أن اتهمه الاحتلال بتغيير مسار التحقيق للأسرى لأنه يبين لهم ما يمكن أن يقولوه أو يمتنعوا عن قوله خلال جولات التحقيق، وبعدها تم تحويله للحبس المنزلي ومنعوه من زيارة المعتقلين لفترة محددة، فظنت عائلته أن الاعتقال الحالي هو شبيه بذلك ولكن الأمور اختلفت كثيرا.

ويضيف: "علمنا من محاميه أن الاحتلال يحقق معه على عمليات إطلاق نار وكان الأمر مفاجئا لنا للغاية، فهو يعمل محاميا منذ عام 2000 ويدافع عن الأسرى الفلسطينيين اتباعا لشغفه الإنساني وليس طلبا للمال أو المنصب".

 

اقرأ أيضا: حملة اعتقالات ومصادرة أموال في الضفة الغربية المحتلة

ويؤكد ناصر أن طارق أبدى تذمره عدة مرات من الأحكام الإسرائيلية الخيالية بحق أطفال ونساء وشبان فلسطينيين معتقلين في سجون الاحتلال، مبينا أن الحكم على الطفل الفلسطيني أحمد مناصرة لمدة عشرة أعوام والحكم على الأسيرة جعابيص وبتر ساق طفل أسير من بيت لحم كلها أثرت عليه بشكل كبير وبات بعدها ينتقد موقف السلطة من قضية الأسرى.

وفي صباح يوم السابع والعشرين من شباط/ فبراير الماضي اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية مدينة رام الله وداهمت بشكل وحشي منزل برغوث واعتقلته وسط الأمطار الغزيرة آنذاك مكبلة يديه ومعصّبة عينيه، كما أنها صادرت مركبته الجديدة التي تحولت فيما بعد إلى هيكل مهترئ رهن الاحتجاز، وتعرضت أغراضه الشخصية للمصادرة مثل الهاتف المحمول والحاسوب الشخصي وأوراق ومستندات.

وبدأت بعد ذلك عذابات التحقيق التي كان برغوث مطلعا على أركانها بحكم عمله مع الأسرى؛ فمكث فيه 77 يوما دون أن يعترف بشيء مستخدما نصائحه التي كان يوجهها للأطفال والنساء المعتقلين بشأن أقوالهم خلال التحقيق.

ويتابع ناصر: "تعرض طارق لتحقيق قاس حرم خلاله عشرة أيام متواصلة من النوم، كما أنه منع من لقاء محاميه لمدة 35 يوما وخضع لتحقيق متواصل لمدة 730 ساعة، وبعدها تعرضت زوجته وشقيقه خالد للاعتقال للضغط عليه، بينما أطفاله الثلاثة كانوا في حالة مزرية وهم يعلمون جيدا معنى الاعتقال والتحقيق والتعذيب، وحتى الآن ما زالت عائلته مصدومة من الحكم عليه وتكاد لا تصدق أن برغوث خلع زي المحاماة وامتشق سلاحه".

الاحتلال منع عائلة برغوث من زيارته في سجن نفحة لفترة طويلة منذ اعتقاله، ورغم عدم اعترافه بالتهمة إلا أن الاحتلال أصدر عليه ذلك الحكم الصادم بعد أن كانت تطالب نيابة الاحتلال بسجنه لأكثر من 30 عاما، وخلال التحقيق أعلنت إسرائيل أنها عثرت على سلاح من طراز "أم 16" استخدمه برغوث في عمليات إطلاق النار برفقة القائد السابق لكتائب شهداء الأقصى زكريا الزبيدي.

 

اقرأ أيضا: نشطاء يطلقون حملة تضامن مع الأسيرة "إسراء الجعابيص"

المحامي طارق كان اعتقل عام 1991 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى مع أشقائه الثلاثة بتهمة مقاومة الاحتلال، وقرر بعدها دراسة الحقوق للدفاع عن أبناء شعبه وكان يمارس ذلك بشغف، حيث كان يعمل حتى وقت متأخر من الليل في غالبية الأيام ليجمع الأدلة ويحضّر المرافعات التي لم تفد بشيء أمام هيئة القضاء الإسرائيلية التي تصدر أحكاماً تتوافق مع رؤيتها الأمنية.

ويختتم ناصر حديثه بالقول: "طارق إنسان بمعنى الكلمة، وهو صاحب موقف ومبدأ لا يتراجع عنه، يحب عمله كثيرا لدرجة أنه يصل الليل بالنهار خلال العمل ولكنه سئم الظلم كما أخبر المحققين".

بدوره يقول رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب لـ عربي21 إنه كان يعايش مواقف المحامي برغوث في الدفاع عن الأسرى والمعتقلين وخاصة الملفات الحساسة التي رافع عنها مثل قضية جعابيص ومناصرة والأسرى المضربين.

ويوضح في حديثه أن برغوث كان صديقا للأسرى كونه عايش معاناة الأسر وهو فتى، ويشعر بمعاناتهم من تحقيق وظروف اعتقال قاسية فكان يهتم بقضيتهم وينشر معاناتهم للتضامن معهم.

ويضيف: "برغوث كان بارعا في دراسة ملفات الأسرى ويبحث عن الثغرات القانونية ومواطن الضعف فيها كي يحصل على أقل حكم ممكن لهم، ولم يكن محاميا لهم فحسب بل مدافعا عنهم ليس فقط في المحاكم بل في المحافل الدولية كذلك".

التعليقات (1)
مصري
الجمعة، 02-08-2019 09:01 ص
اللهم عليك بالكفرة الصهاينة و كل من يواليهم ، اللهم احصهم عددا و اقتلهم بددا و لا تبق منهم احدا ، اللهم إنا نجعلك في نحورهم و نعوذ بك من شرورهم يا عزيز يا قوي .