يتجه
الحوثيون في
اليمن إلى إعادة
العمل بقانون "
التجنيد الإجباري" في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، في توجه أثار
جدلا واسعا، ودفع الحكومة المعترف بها إلى التحذير من هذه الخطوة التي وصفتها بأنها
"خطيرة".
ويوم الأربعاء الماضي، شكلت حكومة "الإنقاذ" التابعة للحوثيين في
العاصمة صنعاء لجنة برئاسة شقيق زعيم الجماعة يحيى الحوثي، الذي يشغل منصب وزير التربية
والتعليم فيها، بشأن اعتماد الخدمة الإلزامية (التجنيد الإجباري) لخريجي الثانوية العامة
والجامعات، ووضع آليات لتنظيمها.
"خطوة خطيرة"
من جهتها، حذرت حكومة الرئيس
عبدربه منصور هادي، من خطورة فرض الحوثيين عملية "التجنيد الإجباري" على
طلاب المدارس الثانوية والجامعات في المناطق التي تخضع لسيطرة الجماعة.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية
"سبأ" عن وزير الإعلام معمر الأرياني قوله، إن قرار الحوثيين "خطوة خطيرة".
وأضاف أنها
تأتي ضمن "مخطط تجريف العملية التعليمية وتسريح الكادر التعليمي واستبداله بكوادر
غير مؤهلة".
وبحسب الوزير الأرياني، فإن هدف
الحوثيين من وراء القرار هو إنتاج "جيل من الأميين والجهلة الذين يسهل السيطرة
والتأثير عليهم".
كما عبر عن
استنكاره للصمت الدولي على ممارسات الحوثيين، التي قال إنها "تهتك النسيج الاجتماعي
والتعايش بين اليمنيين". مطالبا الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن
غريفيث بالضغط على الجماعة الحوثية، "للنأي بالعملية التعليمية عن الصراع والتوظيف
السياسي" والتدخل لوقف هذه الممارسات.
ودعا وزير
الإعلام اليمني جميع المعلمين والطلاب إلى
"عدم التعامل مع هذه القرارات؛ كونها صادرة عن سلطة غير شرعية".
وكان القيادي البارز في جماعة
الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى (أعلى سلطة تتبع الجماعة) محمد علي الحوثي، قد نشر
منتصف تموز/ يوليو الجاري، عبر حسابه بموقع "تويتر" مشروع القانون الخاص
بالخدمة الإلزامية الذي كان معمولا به وفقا لدستور 1990، قبل أن يتم إيقافه منذ نحو
17 عاما.
"تكريس وتهيئة"
من جانبه، قال رئيس مركز يمنيون
للدراسات الدكتور فيصل علي، إن "سلطة الانقلاب الحوثي تكرس سيطرتها في المناطق
الخاضعة لها، وتفرض نفسها كسلطة أمر واقع على مستوى الداخل والخارج".
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21"
أن هذا التوجه يأتي في سياق "مسعى الحوثية لتهيئة كوادرها للحكم بعد انتهاء الحرب،
في وقت تبدو الشرعية بلا حراك، وتتهيأ لتقديم التنازلات فقط على مختلف المستويات".
وأشار علي إلى أنه منذ انقلاب
"الهاشمية السياسية ( الكيان العميق للجماعة الحوثية) خريف 2014، وهي تحاول أن تتصرف بمنطق الدولة باعتبارها الوارث
لمؤسسات الدولة بفعل الانقلاب الذي يسمونه ثورة".
وذكر علي أن هذا التوجه من قبل
الحوثيين، "سيعمل على إطالة المأساة اليمنية، ويدعم فرصه في وضع شروطه على الحكومة
الشرعية والتحالف الداعم لها، في ظل دعم أممي لسلطتهم الانقلابية".
"تجنيد الشباب جبرا"
بموازاة ذلك، رأى رئيس مركز الجزيرة
العربية للدراسات أنور الخضري، أن قانون الخدمة الإلزامية يفرض في ظل دولة موحدة ومجتمع
متحد، بحيث يكون الهدف من هذه الخدمة هو حماية الوطن وخدمة المجتمع.
وقال في حديث لـ"
عربي21" إنه في ظل الانقسام الحاصل سياسيا واجتماعيا ودينيا، فإن هذا الإلزام تهديد للسلم الاجتماعي
وما تبقى من مبدأ التعايش.
فضلا عن ذلك، يضيف الخضري، أنه
يأتي مع غياب الحقوق المالية والمعنوية لموظفي الدولة، وهذا يعني "تجنيد الشباب
جبرا وخارج إطار القانون".
وبحسب الباحث الخضري، فإن "تحويل
الانقلابيين الحوثيين القتال من صبغته الواضحة بين مليشيات متمردة على الإجماع الوطني
والدولة إلى تجنيد إجباري، يعني امتداد الحرب وضمان وجود عناصر مقاتلين يساندون الانقلاب
عن غير قناعة".
وأكد أن هذا الأمر يتطلب تحركا
شعبيا وسياسيا وقانونيا ودوليا لإيقاف "هذا التجنيد للأطفال والشباب، واستنزاف
طاقات المجتمع في حرب داخلية ليس لها أي شرعية دينية أو سياسية أو قانونية".
وفي العام 1990، أقرت الحكومة
اليمنية بعد تحقيق الوحدة بين الشمال والجنوب، قانونا يحمل الرقم
"22"، قبل أن يعدل في عامي
1998 و2001، بشأن"خدمة الدفاع الوطني" الذي يسعى الحوثيون لإعادة العمل به، على "فرض الخدمة العسكرية لمدة عامين
على كل يمني من الذكور أتم 18 عاما".
فيما يتضمن "قبول البدل
النقدي على من لا يرغب في أداء الخدمة الإلزامية".