هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحررها الدبلوماسي باتريك وينتور، يتساءل فيه عما إذا كان السفير البريطاني كيم داروك سيظل في منصبه بعد التسريبات حول ترامب.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس دونالد ترامب يريده خارج واشنطن، مستدركا بأنه نادرا ما يتعامل الدبلوماسيون مع الرؤساء مباشرة.
ويقول وينتور إن أسوأ المخاوف لـ10 داونينغ ستريت والخارجية البريطانية حدثت عندما كتب الرئيس ترامب تغريدة، قال فيها إنه لن يتعامل مع السفير البريطاني في واشنطن، لافتا إلى أن قوله في تغريدته "لن نتعامل"، هو بمثابة رسالة منه للوكالات الحكومية كلها لتقطع علاقاتها مع السفير البريطاني، وإجباره على المغادرة.
وتذكر الصحيفة أن وزير الخارجية جيرمي هانت حاول تخفيف حدة التصعيد، عندما قال إن ما جاء في التسريبات لا يعكس موقف الحكومة البريطانية، لكنه دعم موقف سفيره في التعبير عن مواقفه الشخصية للمسؤولين الحكوميين، وإن كان ذلك بطريقة سرية.
ويجد التقرير أن بريطانيا وجدت نفسها أمام موازنة حساسة لتحافظ من خلالها على ما يعرف بالعلاقة الخاصة، والدور المنوط بالدبلوماسيين، وهو قول الحقيقة لمرؤوسيهم في تقاريرهم السرية، مشيرا إلى أن الصيغة التي اقترحها هانت لم تنجح على ما يبدو، وبدا من الواضح أن داروك، الذي سيترك وظيفته في نهاية الشتاء، أصبح رصيدا انتهت صلاحيته.
ويقول الكاتب إن "من الواضح أن ترامب لديه مزاج متقلب، ويمكنه تغيير موقفه من يوم لآخر، لكنه حساس جدا كما أوضح داروك في مذكرته، وعندما يتحرك الرئيس ضد ناقد له فلا يمكن إزالة الحقد".
وتستدرك الصحيفة بأنه مع ذلك، فإن هناك من هم في وزارة الخارجية ممن يؤمنون بأنه لا ينبغي عقاب داروك على كتابته رسالة خاصة، يرى معظم المسؤولين في الحكومة أن ما ورد فيها بديهي، ويرون أن التسريبات والهجوم على حيادية الخدمة المدنية من الزعيم اليميني نايجل فاراج مدعاة للدفاع والصمود، فالنزعة الشعبوية لم تتوقف عند اختراق المؤسسات، وها هي تصل إلى وزارة الخارجية.
ويلفت التقرير إلى أن المزاج في الخارجية هو بمثابة إشارة لما سيحدث في الأسابيع المقبلة، ويقدم فحصا مبكرا لما ستكون عليه حكومة بوريس جونسون لو تم انتخابه ليخلف تيريزا ماي، وكيف سينظر لعلاقته مع الخدمات المدنية والأمريكيين، والحركة المحلية المطالبة بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويرى وينتور أن "القضية الأهم بالنسبة لتيريزا ماي والسكرتير الدائم في وزارة الخارجية سير سايمون ماكدونالد، هي ما إذا كان داروك، الذي تضررت علاقته مع ترامب بشكل لا يمكن إصلاحه، يمكنه مواصلة عمله حتى تقاعده، وقد أظهر ترامب عدم ارتياحه من السفير، ويريده أن يحزم حقائبه ويعود".
وتستدرك الصحيفة بأن هناك دوائر في إدارة ترامب، وكذلك العلاقات الأمنية، تعتقد أنه لو أغلق ترامب أبوابه في وجه داروك فإنه سيظل مؤثرا ومهما لكل من لندن وواشنطن، مشيرة إلى أنه يزعم أن الجمهوريين يفهمون دور السفير ومهمته في نقل الحقيقة دون أي رتوش.
وبحسب التقرير، فإن العديد من سفراء بريطانيا في واشنطن لم يعبروا عن التعاطف مع البيت الأبيض، وهو ما لم يمنعهم من المراقبة الدقيقة للمشهد السياسي، مشيرا إلى أن رحيل داروك المبكر قد يكون تحركا براغماتيا، إلا أنه سيكون بمثابة انتصار للذين سربوا للمذكرة، ويعكس سوء فهم للدور الدبلوماسي.
ويفيد الكاتب بأن القضية الثانية الأكثر الأهمية لوزارة الخارجية هي اختيار رئيس الوزراء الجديد، حيث لن يتم تعيين خلف لداروك إلا في الخريف.
وتورد الصحيفة نقلا عن السفير البريطاني السابق في لبنان توم فليتشر، الذي لا يزال على علاقة مع السلك الدبلوماسي، قوله في تغريدة دافع فيها عن داروك: "من المؤكد أن المصالح الأمريكية والبريطانية ستضرر بسبب هذه التسريبات، لكن القادة الجديين يعرفون أن الدبلوماسيين لديهم واجب لنقل ما يعرفونه بصراحة، وقيام رئيس بمهاجمة سفير دولة حليفة بهذه الطريقة هو أمر باعث على الأسى، ولا يستطيع السفير الدفاع عن نفسه، بل يجب على الوزراء الدفاع عنه".
وينوه التقرير إلى أنه سينظر إلى تعيين سفير من خارج الخدمة المدنية في الوقت الحالي على أنه انتصار لفاراج، مشيرا إلى أنه لا يوجد أحد سيكون متحمسا للاستفادة من هذا الظرف وتقوية العلاقة مع ترامب أكثر من دعاة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويستدرك وينتور بأن تعيينا سياسيا خارج الوزارة سيلقى مقاومة، لافتا إلى أنه في حال تمت الاستجابة لما اقترحه فاراج، بتعيين رجل أعمال من دعاة الخروج، فإن ذلك يعني اعترافا من الخارجية بأنها لا تستطيع القيام بالمهام المطلوبة منها.
وتشير الصحيفة إلى أن هناك سببا يدعو لخوف وزارة الخارجية منذ سحب ملف البريكسيت منها، لافتة إلى أن من يناقشون بأن داروك لم يستفد من الفرص التي أتيحت له للتقارب مع إدارة ترامب يشيرون إلى أنه كان على ماي تبني مواقف مختلفة من المناخ وإيران والتعددية القطبية.
ويستدرك التقرير بأنه نادرا ما يمنح منصب السفير في واشنطن لمعين سياسي، ففي عام 1977 قام لورد أوين بطرد بيتر رامسبوت، وعين مكانه الصحافي الاقتصادي وصهر رئيس الوزراء جيمس كالاهان، بيت جي، إلا أن الجميع اعتبروا قرار تعيينه خطأ، مشيرا إلى أن هانت استطاع الفوز في معركة داخلية لإتاحة المناصب الدبلوماسية لأشخاص من خارجها، وتم نشر الدعايات، حتى لو كان من غير المحتمل تعيين سفراء رئيسيين من أشخاص جاءوا من خارج المؤسسة الدبلوماسية المهمة
ويقول الكاتب إن فاراج لم يقدم نفسه على أنه سفير محتمل في واشنطن، لكنه اقترح العمل مستشارا أمنيا واقتصاديا وتجاريا للحكومة، وهو ما يقوم به السفير عادة.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن دعاة الخروج يشعرون أن مؤسسة الخدمة المدنية تحفل بمؤيدي أوروبا، ما يجعل الخروج البريطاني من أوروبا أقل انتصارا، ويشيرون إلى المتقاعدين من السلك الدبلوماسي المؤيدين لأوروبا والمقالات التي يكتبها السفير البريطاني السابق لدى الاتحاد الأوروبي سير إيفان روجرز، والتحذيرات التي يقدمها عمال الخدمة المدنية من الخروج دون صفقة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)