هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ليس حرصا على الديمقراطية التركية وليس حبا في الشعب التركي، أو تقديرا للمعارضة التركية بقدر ما هو موقف معاد يتكرر إلى درجة التشفي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل خاص، أو ما يسمى بتيار الإسلام السياسي بشكل عام، تعود صحيفة يديعوت احرنوت اليوم 30-6 و التي تمثل التوجه الإسرائيلي العام في موضوع العلاقة بين تركيا و إسرائيل و النظرة للرئيس أردوغان بالاحتفاء و على صدر صفحتها الأولى ثم العاشرة و الحادية عشرة بنشر ما اعتبرته مقابلة صحفية خاصة أجرتها مراسلة الصحيفة في إسطنبول، والتي تدعى تولين دالوغلوا "مع مراعاة الترجمة" مع رئيس بلدية إسطنبول المنتخب حديثا أكرم إمام أوغلو، و الذي وصفته بالرجل الذي هزم أردوغان مرتين، وهذا هو بيت القصيد "هزيمة أردوغان".
بدأت المقالة – المقابلة- وعلى خلفية صورة كبيرة لإمام أوغلو – بكلمة المفتاح الأهم بالنسبة لإسرائيل، وهي "رجب طيب أردوغان لم يكن يتوقع أو يتصور أن يهزم في اسطنبول"، فهذا هو المهم بالنسبة لإسرائيل حكومة و إعلاما وشعبا، أن يهزم الرجل الذي فضل التحالفات مع المحيط العربي و الإسلامي عن التحالف مع الدولة اليهودية "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وقرر الابتعاد عن حكومات الغرب و مطامعها الاستعمارية في المنطقة، لصالح قضايا إقليمية عادلة، كقضية فلسطين و قضية الشعب السوري و المصري دون أن يتنازل عن المصالح الحيوية لتركيا و شعبها .
ليست المقابلة مع يديعوت فريدة أو وحيدة أو منقطعة عن السياق الإسرائيلي في النظرة إلى أردوغان وحزبه الإسلامي في تركيا، فيه نظرة عداء عميقة وجدت بعض تعبيراتها في استنتاجات الباحث الإسرائيلي الكبير عفرام عنبار الذي حذر الحكومات الغربية من النظر إلى تركيا العدالة و التنمية كمن يمثل الإسلام المعتدل، ودعاها إلى أن تبذل كل الجهود "لدعم الأحزاب العلمانية لمنع أي فوز للإسلاميين في الانتخابات".
بغض النظر عن مدى علم إمام أوغلو أنه يجري مقابلة مع صحيفة إسرائيلية مؤيدة للاحتلال واغتصاب حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعلى رأسها قضية فلسطين، أو أنه وقع ضحية لتكتيكات يديعوت أحرنوت في توظيف صحفيين وصحفيات أجانب أو محليين دون علمهم في بعض الأحيان، ثم الاحتفاء بذلك كسبق صحفي خاص بها، و بغض النظر عن تصريحات إمام اوغلو في المقابلة و التي قد تأتي في إطار الجدل الديمقراطي المقبول، إلا أن الواضح من تركيز الإعلام الإسرائيلي والذي يمثل رأي المؤسسة في هذه الحالة على خسارة حزب العدالة و التنمية في انتخابات إسطنبول هو تجدد و تعزز، وقد يقال انطلاقة في التوجه الإسرائيلي والذي يتم تبنيه في العادة في الأوساط الأمريكية و الغربية لدعم آخر للمعارضة التركية و استخدامها في إضعاف تركيا من خلال إضعاف أحد أهم أركانها السياسية وهو أردوغان وحزب العدالة و التنمية.