ملفات وتقارير

رغم التطبيع.. الفلسطينيون يأملون خيرا في أشقائهم العرب

استضافت البحرين ورشة أمريكية شارك فيها وفودا عربية وإسرائيلية- صفحة تسيفي ليفني
استضافت البحرين ورشة أمريكية شارك فيها وفودا عربية وإسرائيلية- صفحة تسيفي ليفني

تزامنا مع عقد ورشة البحرين التي ضمت وفودا إسرائيلية في عاصمة عربية؛ عبّر الفلسطينيون عن استنكارهم لموجات التطبيع التي بدأت مؤخرا تغزو دولا عربية أعربت عن استعدادها لإقامة علاقات سياسية واقتصادية مع الاحتلال، وذلك في ظل استمرار الانتهاكات بما فيها تهويد القدس وحملات الاعتقال والاقتحامات ومصادرة الأراضي لصالح الاستيطان.


ولكنّ الاستياء الذي عبّر عنه الفلسطينيون لم يشمل الشعوب العربية التي أعربت عن استنكارها لاستضافة مثل هذه الورش والمؤتمرات، حيث أن مواقف كثيرة أظهرت رفض الشعوب لها رغم ترحيب بعض الحكومات، وهو ما أبقى الأمل موجودا في الشارع الفلسطيني في تلك الشعوب.


الطالب في جامعة بيرزيت شمال رام الله أحمد الخطيب اعتبر أن ورشة المنامة هي نتيجة طبيعية لموجات التطبيع التي بدأت مؤخرا مع الاحتلال من قبل دول عديدة أبرزها عُمان والإمارات.


وقال الخطيب لـ "عربي21" بأن بعض التصريحات التي خرجت حول قضية التعامل مع الاحتلال وكأنه ليس عدوا بل "جار" بين دول المنطقة كانت تنبئ بحدوث مثل هذا المؤتمر الفاضح الذي يلغي الحق الفلسطيني علناً، وفق تعبيره.


وأضاف: "رغم كل ما يحدث والمواقف الهزيلة المتواطئة مع الاحتلال إلا أننا ما زلنا نأمل الخير في الشعوب العربية لأن القدس هي امتدادها الطبيعي جغرافيا وسياسيا ووطنيا؛ وكلنا ثقة أن هذه الموجات لن تمر على الشعوب فهي تعلم جيدا أن قضية فلسطين هي الأساس وأن التحرر من الاحتلال هو المطلب الأول عربيا".

 

اقرأ أيضا: نشطاء البحرين ينتقدون سلطة بلادهم بعد زيارة ليفني للمنامة

أما السيدة سوسن خليل، من مدينة نابلس فعبّرت عن ثقتها المطلقة في الشعوب العربية التي ترفض التطبيع، مبينة بأن الرهان لم يكن يوما على القيادات التي تركت فلسطين سبعين عاما تحت الاحتلال دون أن تحرك جيوشها، ولكن الرهان الحقيقي هو على الشعوب المكبوتة التي تحلم في المشاركة بتحرير فلسطين، كما تقول.


وتضيف لـ "عربي21": "التطبيع أمر مخزٍ للغاية ولكنه لا يشمل الشعوب التي تناضل مثلنا تماما للحصول على حقوقها، وإذا كان ترامب يرى فلسطين قضية مال فالعرب الحقيقيون يرونها قضية تحرير وكرامة وعزة وهو ما نأمل تحقيقه يوما ما".


تطبيع وهمي


ومن الملاحظ أن وسائل إعلامية عربية ودولية تحاول بشكل كبير أن تظهر رأيا آخر لبعض المواطنين العرب حول كيان الاحتلال بالقول إنه "دولة مجاورة لها حقوق"، ولكن ذلك جاء ضمن ما أسماه مراقبون فلسطينيون بالتطبيع الوهمي.


ويقول الكاتب الفلسطيني محمد القيق، إن ما يحدث هو تطبيق لأجندة إسرائيلية ينفذها أحجار شطرنج في الساحة العربية ليوهموا الشعوب أن التطبيع انتشر بشكل واسع وليحبطوا الشارع الفلسطيني بأن خاصرة الأمة العربية خذلتهم.


ويعتبر في حديث لـ "عربي21"، بأن هذا كله محاولة يائسة من "إسرائيل" والولايات المتحدة لتمرير المخططات على الأمة لتصفية القضية، على حد وصفه.


ويضيف: "الشعوب العربية التي خرجت بالملايين ترفض الذل والعبودية لعبيد إسرائيل الذين وضعتهم ليحموا حلمها؛ هو ردهم طبيعي على أن التطبيع وهمي وليس حقيقيا، فالشهيد التونسي محمد الزواري والضباط العراقيون والمؤسسات العربية والداعمون للمقاومة والذين يستشهدون ويعملون بسرية حتى هذه اللحظة لدعم القضية من العرب؛ كل ذلك رد طبيعي على وهم التطبيع، والأهم من هذا كله أننا لم نر علم إسرائيل ضمن مسيرات شعبية في العواصم العربية لنقول إن الشعوب ماتت وإن التطبيع نجح".

 

اقرأ أيضا: وزير خارجية البحرين يلتقي "ليفني".. هكذا أثنت عليه

ويشير القيق إلى أن ما يرى حتى اللحظة من الشعوب العربية هو إحراق للعلم الإسرائيلي في كل بقعة عربية وإسلامية وهو دليل نبذ للتطبيع وأدواته.


وتابع: "من يحمل هذا الجنين المشوه أو الفكرة الميتة سريريا وهو التطبيع هم النطيحة والمتردية الذين ليس لهم ثقل في الشارع العربي".


من جانبها تقول السيدة بنان حامد لـ "عربي 21" بأنها شعرت بالإحباط حين تم الإعلان عن مؤتمر البحرين وتشجيع تنفيذ صفقة القرن من دول عربية، وكأن قضية فلسطين ودماء شهدائها وآلام أسراها اختُزلت في ملايين الدولارات؛ أو كأن الفلسطينيين هدفهم تحسين الاقتصاد وليس التخلص من الاحتلال البغيض.


وتوضح حامد بأن حالة الإحباط تلاشت حين شاهدت موقف الشعب البحريني الرافض لعقد المؤتمر وموقف الشعب العراقي حين حمل الأعلام الفلسطينية محاصرا سفارة البحرين؛ كما تثبتت لديها نظرية التحرير حين شاهدت المواقف العربية المشرفة من دول مثل الكويت ولبنان والجزائر وغيرها، حيث باتت القضية مالية بحتة تتنافس فيها رؤوس أموال عربية وغربية غير مكترثة لمصير شعب بأكمله.


العالم الافتراضي


وفي ظل انعقاد مؤتمر البحرين غزت التعليقات الفلسطينية منصات التواصل الاجتماعي معبرة عن رفضها له ولصفقة القرن، كما تداول المعلقون عبارات مثل "يسقط مؤتمر البحرين" و"فلسطين ليست للبيع" وغيرها من التعليقات المنددة بالمؤتمر والتي تعول على الشعوب العربية التي ما زالت ترفض التطبيع.


وأورد الفلسطيني أديب السعدي منشورا قال فيه: ".. أنا لم ولا ولن أفرِّطَ بذرَّة من تراب وطني فلسطين فذرَّة من ذلك التُّراب الطَّاهر المبارك المقدَّس تساوي كنوز الدُّنيا كلِّها، أنا لم ولا ولن أفوِّضَ أحدا كائنا من كان بالحديث باسمي والتنازل عن حقِّي في وطني فلسطين وكل ما ستتمخَّض عنه الورشة المذكورة أو غيرها من الورش والمؤتمرات واللقاءات مرفوض عندي مرفوض مرفوض".


بدوره علق والد الشهيد المقدسي بهاء عليان على المؤتمر المعقد في المنامة بالقول:" الخامس والعشرين من حزيران.. هو لم يكن يحب الاحتفاء بذكرى ميلاده التي تصادف اليوم.. لكن تزامناً مع ورشة العار في البحرين اكاد اسمعه اليوم يقول ، وهو يشير الى الخريطة دون صخب او ضجيج ، ان فلسطين ليست للبيع وقال الشهداء كلمتهم ورحلوا".


أما الناشط الشبابي نزار بنات فعلق بمنشور خاص عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" على موقف العراقيين من المشاركة في المؤتمر قائلا:" ويأبى العراقيون إلا أن يسجلوا بصماتهم الناصعة، اقتحام مقر سفارة البحرين في بغداد يعني أن العراقيين يستشعرون الخطر الأعرابي على كل بلاد العرب وعلى العراق تحديدا ".

 

اقرأ أيضا: تنديد فلسطيني بمطالبة البحرين الاعتراف بوجود "إسرائيل"

بدوره استنكر المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني ساري عرابي، تعميم حالة التطبيع على كل العرب ووصفهم بالمطبعين لأن ذلك يخدم أهداف الاحتلال الإسرائيلي، وقال في منشور على صفحته:"أهل الجزيرة العربية، ليسوا عربانًا ولا بعرانًا، والردّ على الأصوات الشاذّة التي تخرج من هناك وتتبنى رواية عدوّنا وتستهدف شعبنا وقضيتنا وأقصانا.. لا ينبغي أن يتورط في تعميمات تحقيرية واستشراقية تافهة تخدم أهداف حكومة ذلك البلد التي تسعى لتصوير الرأي العامّ هناك وكأنه بالمطلق ضد الفلسطينيين، وتجتهد في خلق صورة غير حقيقية عن الفلسطيني، تظهره كارهًا لأهل ذلك البلد، ناكرًا للمعروف، بائعًا لأرضه".


وفي السياق ذاته أظهرت إحصائية صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بأن 87 بالمئة، من العرب يرفضون أن تعرف حكومات بلادهم بدولة الاحتلال، فيما يرى 67 بالمئة، منهم أن إسرائيل والولايات المتحدة هما الأكثر تهديدًا للأمن القومي العربي، وأظهرت النتائج أنّ الرأي العامّ متوافق بما يقترب من الإجماع بنسبة 90 بالمئة? على أن سياسات إسرائيل تهدّد أمن المنطقة العربية واستقرارها، كما توافق 84 بالمئة من الرأي العام على أن السياسات الأميركية تهدّد أمن المنطقة واستقرارها.

0
التعليقات (0)