هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلط موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الضوء على وثائق تكشف الخطط السرية التي
تضعها وحدة دعائية غامضة تابعة للحكومة البريطانية لاستهداف المسلمين الفرنسيين.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته
"عربي21"، إن وحدة اتصالات المعلومات البحثية التي تزعم أنها تعمل على
"إحداث تغيير في السلوك والمواقف" بين المسلمين البريطانيين، بصدد وضع
خطط لبدء العمل في فرنسا. وتعمل هذه الوحدة، الواقع مقرها في وزارة الداخلية
بلندن، على إنتاج الأفلام ونشر محتوى على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت
ومطويات وأخبار تهدف إلى التأثير على الرأي العام مع الحرص على إخفاء دور الحكومة
البريطانية في إنشائها.
وأشار إلى أن هذه الوثائق تظهر أن وحدة اتصالات
المعلومات البحثية قد منحت عقدًا لمجموعة شركات اتصال أثبتت قدرتها على العمل في
فرنسا. ويوضح العقد أنه بينما يُتوقع أن تكون هذه الشركات قادرة على التأثير على
الرأي العام الإسلامي في فرنسا كجزء من برنامج سري لمكافحة التطرف، فإن الهدف
الأساسي للبرنامج هو تشجيع السلطات الفرنسية على تطوير مبادرات الدعاية الخاصة
واتباع نموذج وحدة اتصالات المعلومات البحثية.
ووفقا لهذه الوثائق، "تتوقع وحدة اتصالات
المعلومات البحثية رؤية دليل على زيادة الإرادة السياسية للتصدي للإرهاب والاعتراف
والإعراب عن الرغبة في العمل وفقًا لأولويات المملكة المتحدة".
ونوّه الموقع إلى أن هذه الوثائق تسلط مزيدًا
من الضوء على بلدان أخرى في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا تنشط فيها وحدة اتصالات
المعلومات البحثية بالفعل. وحسب ما أفاد به "ميدل إيست آي" السنة
الماضية، فإن هذه الوحدة شاركت في مشاريع تستخدم موسيقى الراب والكتابات على
الجدران في محاولة للتأثير على تفكير وسلوك الشباب في تونس والمغرب ولبنان. كما
تُظهر الوثائق أنه بحلول نهاية 2018، كانت عمليات الوحدة جارية في الأردن والجزائر
وباكستان.
وأورد أن الدور الريادي الذي لعبته وحدة
اتصالات المعلومات البحثية في عدد من مشاريع الاتصالات الاستراتيجية على مستوى
الاتحاد الأوروبي معروف بالفعل. وقد ثبت خلال السنة الماضية أن الوحدة كانت تعمل
مع المجلس الثقافي البريطاني في مشروع يموله الاتحاد الأوروبي لدفع حملة على وسائل
التواصل الاجتماعي وموسيقى الراب بعنوان "على خاطرك تونسي" (لأنك تونسي)
للترويج للشعور بالهوية الوطنية التونسية بين شباب البلاد.
وأضاف الموقع أن هذه الوحدة أفادت بأن عملها في
المملكة المتحدة يتم "على نطاق ووتيرة صناعية". وتشمل المشاريع السرية
إنشاء منظمة تعقد محادثات مباشرة مع طلاب الجامعة دون الكشف عن أنها تمثل الحكومة،
ونشر أفلام قصيرة وصور على تويتر وفيسبوك وإنستغرام دون الإقرار بمشاركة الحكومة
البريطانية، بالإضافة إلى إنشاء وكالة علاقات عامة لنقل الأخبار إلى الصحفيين دون
الكشف بأي طريقة عن أن الوكالة كانت تدار وتُمول وفقًا لعقد حكومي.
إقرأ أيضا: لندن: هل يواجه كوربين اللوبي الصهيوني بسبب فلسطين؟
وتجدر الإشارة إلى أن الوحدة تأسست سنة 2007
كجزء من مكتب الأمن ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية البريطانية. ويقول عدد من
الأشخاص المشاركين في إنشائها وإدارتها إنها كانت مستوحاة من وحدة الدعاية
البريطانية في عهد الحرب الباردة، وهي إدارة أبحاث المعلومات.
وأوضح الموقع أنه حسب ما ورد في جميع الوثائق،
لا يقتصر دور هذه الوحدة على قيادة عمليات الدعاية خارج المملكة المتحدة، وإنما
ترغب أيضًا في إقناع حلفاء المملكة المتحدة بضرورة إشراكهم بشكل أعمق في هذه
العمليات. وحسب ما ورد في إحدى الوثائق، يتمثل الهدف الرئيسي للمتعاقد في القطاع الخاص
في "تزويد وحدة اتصالات المعلومات البحثية الدولية ببنية لتقديم الخدمات فضلا
عن القدرة على بناء قدرة شركائنا على تقديم اتصالات استراتيجية، داخل المملكة
المتحدة وخارجها".
وأفاد بأن العديد من النشطاء العاملين في
المجتمعات الإسلامية في فرنسا أعربوا عن دهشتهم إثر معرفتهم بخطط الحكومة
البريطانية المتعلقة بتنظيم حملات تهدف إلى مكافحة التطرف في فرنسا، وقد عبّروا عن
قلقهم من احتمال أن تزيد مثل هذه المبادرات من عزل المجتمعات التي تتعرّض للمراقبة
والتشكيك. وقد شكّك المدعو فاتح كيموش، رئيس تحرير موقع الكنز الذي يتناول قضايا
تمس مسلمي فرنسا، في فعالية حملات مكافحة التطرف.
ونقل الموقع عن كيموش أنه "في حال أصبح
الشخص راديكاليًا، فهل سيكون الجرافيتي والراب كافيين؟ من الأجدر أن نطرح أسئلة
حول السياسات الخارجية للدول الغربية بدلا من الاهتمام بهذا النوع من المبادرات،
فعلى سبيل المثال، لماذا لا تتوقف السعودية عن التزود بالأسلحة؟".
وذكر نقلا عن الناشطة الفرنسية الجزائرية حورية
بوثلجة إنه لطالما مثّل المسلمون الفرنسيون هدفا لسياسات الدولة التي سعت إلى
صياغة وإنشاء نسخة فرنسية "معتدلة" من الإسلام. وأضافت بوثلجة بصفتها
المتحدثة الرسمية باسم حزب "أهالي الجمهورية"، وهو حزب سياسي ينظم حملات
مناهضة للعنصرية، أن إحدى نتائج حملات مكافحة التطرف تتمثل في خلق "سلوكيات
الذنب والنقد الذاتي" لدى المجتمعات المستهدفة.
وبيّن الموقع أن ائتلافا تجاريا ترأسه مؤسسة آدم
سميث الدولية، وهي جهة تعاقد أجنبية مساعدة تتخذ من لندن مقرا لها، قد فاز بعقد
لإدارة عمليات وحدة اتصالات المعلومات البحثية في كل من فرنسا وبلجيكا والشرق
الأوسط وشمال إفريقيا.
وقبل سنتين، اضطر مؤسسو مؤسسة آدم سميث الدولية إلى
الانسحاب حين قامت الحكومة البريطانية بتجميد عقودهم المستقبلية بعد أن تبين أن
المتعاقد يستخدم الوثائق الرسمية المسربة لتأمين المكاسب التجارية. وقد اتهمت هذه
الشركة لاحقا بالسماح لأموال المساعدات البريطانية بأن يقع دفعها للجماعات المسلحة
في سوريا، وهو ما نفته الشركة.
وأكد الموقع أن شركة بريك ثرو ميديا للاتصالات
بلندن تعتبر من أعضاء المجموعة التي تقودها مؤسسة آدم سميث الدولية، التي عملت عن
كثب مع وحدة اتصالات المعلومات البحثية لعدة سنوات.
وقد واجهت شركة بريك ثرو ميديا
خلال السنة الماضية انتقادات في أستراليا على خلفية تنظيمها عددا من الحملات دون
ذكر أنها تتلقى التمويل من قبل الحكومة الفيدرالية. وفي وقت لاحق، بدأت الشركة
العمل في أستراليا تحت اسمها الجديد "زنك نتورك"، التي تبنتها المملكة
المتحدة أيضا منذ ذلك الحين.
ومن جهتها، أفادت وزارة الداخلية البريطانية:
"نحن نتعامل مع العديد من الشركاء الدوليين من أجل تبادل الدروس والخبرات
لدعم أهداف وزارة الداخلية". ومن جهتها، اكتفت مؤسسة آدم سميث الدولية بالقول
إنها بصدد "وضع الأنظمة في مكانها"، إلا أنها أقرت بأنه بموجب شروط
العقد المبرم مع وحدة اتصالات المعلومات البحثية، لم تتمكّن من تقديم تفاصيل حول
نشاطها أو مكان عملها. ومن جهة أخرى، لم تعلق شبكة زنك نتورك على ما ذكر آنفا.