هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كان
الشيخ عائض القرني ضيفًا على برنامج تليفزيوني في «روتانا خليجية» منذ يومين، وقد قدم
للجمهور شديد اعتذاره عن آرائه وفتاواه السابقة التي اتسمت بالتشدد والتحجر، قائلًا:
بكل صراحة، باسم الصحوة أعتذر للمجتمع عن الأخطاء التي خالفت الكتاب والسنة وخالفت
سماحة الإسلام وخالفت الدين الوسطى المعتدل الذي نزل رحمة للعالمين.
من
المعروف أن الشيخ عائض القرني الذي يحظى بملايين الأتباع قد تمت إدانته أكثر من مرة
بالسرقة الأدبية، وسبق أن حكمت ضده محكمة سعودية في فبراير 2018 بغرامة مقدارها 30
ألف ريال لانتهاكه حقوق الملكية الفكرية للأديب السورى عبدالرحمن رأفت باشا، وكذلك
تغريمه 120 ألف ريال لصالح شركة «دار الأدب الإسلامى»، إضافة إلى إلزام الإذاعة بوقف
بث برنامج القرني التي كان يذيع به فقرات من الكتاب المسروق!.. وهناك سرقة أخرى أدانته
فيها لجنة حقوق المؤلف بوزارة الثقافة والإعلام وذلك في يناير عام 2012 لثبوت سرقته
كتاب الأستاذة سلوى العضيدان وعنوانه (هكذا هزمت اليأس) وقد سطا عائض القرني على
90 بالمائة من هذا الكتاب في كتاب له سماه (لا تيأس).. هذا وقد حقق الشيخ القرني من
سرقاته الأدبية أموالًا باهظة، غير الملايين من الأتباع الذين ساروا وراءه كالعميان
لاعتقادهم أنه مفكر كبير، وهو الأمر الذي سهّل عليه أن يسوق فتاواه القاتمة العنيفة
وسط المريدين، تلك الفتاوى التي يأتى اليوم ليعتذر عنها!.
تكمن
المأساة في أن الجميع يعلم أن هذا التراجع ليس وليد دراسة أو بحث أو مراجعة فكرية،
وإنما هو مجرد تماهٍ وانصياع لتوجهات الحكم الحالي التي تتسم بالاعتدال وتنبذ التشدد
فيما يخص الفن والترفيه، لكننا لا ندري هل يفيد هذا الاعتذار عائلات المسيحيين في مصر
الذين قتلتهم فتاوى الصحوة التي ظن مرتكبوها بناء على تعاليم القرني وغيره أنهم يجاهدون
في سبيل الله؟ هل يفيد اعتذاره كل الذين حاربوا حروب أمريكا تحت راية وكالة المخابرات
فقتلوا وقُتلوا ويتّموا عائلات وتيتّمت عائلاتهم وهم يحسبون بفعل القرني ورفاقه أنهم
يجاهدون أعظم الجهاد؟ هل يفيد اعتذاره في محو عشرات السنين السوداء التي حرم فيها الناس
من الفن والذوق وجعلهم يشعرون بالإثم لو طربوا لغنوة أو أحبوا مسرحية؟ هل يفيد اعتذاره
ملايين النساء اللاتى حرمهن من قيادة السيارة وقادت فتاواه حملات تحريضية أودت ببعض
من تجرأن على قيادة السيارة للسجن؟.
لعل
خير رد عن اعتذار هذا القرني وكل قُرَني ما كتبه الفنان ناصر القصبى تعليقًا على الاعتذار
البائس: «عائض القرني.. تقول بكل شجاعة أعتذر.. اعتذارك هذا لا يكفى لأن الثمن كان
باهظًا، اعتذارك الحقيقى يكمن في تقديم كتاب ناقد مفصل من داخل هذه الحركة تكشف فيه
بهدوء ووضوح أصولها، ومع من ارتبطت، وكيف نشأت، وكل رموزها ونهجها وكواليسها ومخططاتها..
هذه هي الشجاعة وغيرها استهلاك إعلامي».
عن صحيفة "المصري اليوم: المصرية