تسارعت التحركات الداخلية في الأردن، وفاضت التوقعات والتكهنات عن منسوبها السياسي التقليدي بعد إقالة مدير المخابرات العامة الأردنية اللواء عدنان الجنيدي، والتي سبقتها تغيرات واسعة في الديوان الملكي شملت عددا كبيرا من المسؤولين.
تحركات على مستوى النخبة وأعلى الهرم استبقت إعلان رئيس الوزراء عمر الرزاز في اليوم الثالث من رمضان (8 أيار/ مايو)؛ بدء الخطوات العملية لإجراء تعديل على حكومته، بطلبه من أعضاء مجلس الوزراء الاستقالة.
الرزاز بات متحررا من الضغوط المتولدة عن حركة الشارع او التنافس والتصارع بين مراكز القوى؛ فالتعديل الوزاري متيسرا أكثر من أي وقت مضى، بعد حركة تنقلات وهيكلة في عدد من المؤسسات السيادية.
فالتغيرات في الديوان الملكي تعددت القراءات لها؛ بربطها بالاستعدادات لمواجهة
صفقة القرن وتمتين الجبهة الداخلية، غير أن المفاجأة الكبرى التي أثارت اهتمام المراقبين كانت الرسالة الملكية التي تضمنت تكليف اللواء أحمد حسني كمسؤول جديد للجهاز؛ فالرسالة احتوت مضامين إصلاحية إدارية وتركيز واضح على المهنية لم تخلو من الانتقادات، قابلتها تكهنات كبيرة ومعالجات مثيرة لوسائل الإعلام؛ تجاوزت المعقول في الساحة الأردنية.
رسالة الملك عبد الله الثاني إلى اللواء أحمد حسني تعكس إصرار الملك عبد الله الثاني على ضرورة إجراء إصلاحات، والتركيز على المهنية في الأداء، وتعزيز الرقابة الداخلية والانضباط، خصوصا بعد موجة من التسريبات التي تضمنت وثائق حساسة أربكت عمل الدولة وأجهزتها، وعلى راسها الحكومة؛ عنصر سرع على الأرجح إجراء التغيرات الداخلية، بعد أن سبقتها تعديلات وتعيينات شملت المحاكم الخاصة بالجهاز، وغيرها من الإجراءات التي ارتبطت بإرادة ملكية.
الرزاز بات متحررا من الضغوط المتولدة عن حركة الشارع أو التنافس والتصارع بين مراكز القوى. فالتعديل الوزاري متيسر أكثر من أي وقت مضى، بعد حركة تنقلات وهيكلة في عدد من المؤسسات السيادية، وبعد سلسلة من الإجراءات الوقائية على الصعيد الاقتصادي؛ تحد من إمكانية تفجر الاحتجاجات في الشارع.
ورغم ذلك، فإن الإعلان عن تعديل حكومي قبل انتهاء شهر رمضان يمثل تحديا لرئيس الوزراء، فالحكومة في سباق مع الزمن ومع صفقة القرن التي اقترب موعد إطلاقها.. تحديا واختبارا للرزاز بعد سلسلة من التغيرات الهيكلية في مؤسسات الدولة السيادية حررته من الضغوط.
فالرزاز يملك فرصة كبيرة لتشكيل حكومة قائمة على التشاور مع القوى السياسية، وتشكيل حكومة موسعة من خلال توسيع دائرة المشاورات لتشكيلها ليشمل سائر القوى المجتمعية والسياسية؛ أمر يساعد الحكومة والدولة على الإعداد لمرحلة ما بعد الإعلان عن صفقة القرن الأمريكية الاسرائيلية. فهل تتحول حكومة الرزاز إلى حكومة معبرة عن المرحلة بتوسيع دائرة المشاركة لتشكل كافة أطياف الساحة الأردنية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لتشكل ند حقيقي للكيان الإسرائيلي وقواه اليمينية، أم تتحول إلى نسخة لما سبقها؟ إنه تحد حقيقي للرزاز، واختبار الفشل فيه سينعكس فاعلية السياسية الأردنية، وسيترك آثارا قوية على كامل المشهد الداخلي والإقليمي.
ختاما، المحفز الأساس والمسرع الحقيقي للحراك الداخلي والخارجي الأردني يتمثل بصفقة القرن التي تهدد بتقويض أمن واستقرار الإقليم والمنطقة، بما فيها الأردن، ما يجعل من تسارع الخطى لإعادة ترتيب المشهد الداخلي مبررا منطقيا، خصوصا بعد إعلان صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير نيته إعلان عن مشروعه لتصفية القضية الفلسطينية بعد شهر رمضان وتشكيل حكومة نتنياهو.