حسب الاتحاد الدولي للصحفيين تقع مصر في المرتبة 163 من 180 دولة بحرية الصحافة
يحتفل العالم في الثالث من أيار/ مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية
الصحافة، الذي يأتي في ظل أوضاع سيئة تعيشها الصحافة المصرية.
حيث تشهد الصحافة المعارضة حالة
من القمع غير المسبوق بغلق الصحف والمواقع التي وصلت بمصر لأكثر من 500 موقع، وباعتقال
الصحفيين الذي وصل عددهم لـ90 صحفيا، إلى جانب التضييق على العمل الصحفي، وتهديد الصحفيين.
وحسب الاتحاد الدولي للصحفيين، تقع مصر في المرتبة 163 من 180 دولة بحرية
الصحافة، وتقع بالمنطقة الداكنة على الخريطة العالمية، وضمن 20 دولة بالقائمة السوداء،
التي تشير إلى سوء أوضاع الصحافة بها، فيما رصد تقرير الاتحاد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي،
إيداع 25 صحفيا مصريا بالسجون في عام 2018 وحده.
وفي تقرير لـ"مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، أكدت أن قضايا حرية
الرأي والتعبير تأتي أولا بقائمة الاتهامات أمام نيابة أمن الدولة بمصر، كما انتقدت
قانون الجريمة الإلكترونية الذي صدر في مصر، واعتبرته تقنينا لممارسات تعسفية تجاه الفضاء
الإلكتروني.
ومنتصف 2018، أقر البرلمان المصري قوانين تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس
الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، التي اعتبرها
صحفيون وإعلاميون تؤسس لرقابة صارمة من الدولة على العمل الصحفي والإعلامي، ومكبلة
لحريتهما.
وفي كانون الثاني/ يناير 2019، أصدر المجلس الأعلى للإعلام لائحة جزاءات
مثيرة للجدل لما تضعه من قيود وتفرضه من عقوبات على الصحف والفضائيات، التي تصل للمنع
والحجب والإيقاف.
ويرى محللون ومراقبون أن أزمة حرية الصحافية تعكس الحالة السياسية
في مصر.
"الأكثر جبروتا وتطرفا"
يرى الكاتب الصحفي عماد أبوزيد أن "العالم يحتفل بالمبادئ الأساسية
لحرية الصحافة؛ بهدف تقييمها بكل أنحاء العالم، والدفاع عنها ضد ما تتعرض له من هجمات
تهدد استقلالها، والإشادة بصحفيين ضحوا بحرياتهم بسبب واجبهم المهني".
الصحفي الذي تعرض للاعتقال في أيلول/ سبتمبر 2013، أضاف لـ"عربي21":
"في مصر نشهد كل عام مزيدا من قمع حرية التعبير في ظل النظام القائم وصلت مستويات
مروعة لم يشهدها تاريخ مصر الحديث"، موضحا أن "مصر أصبحت سجنا مفتوحا للمنتقدين
والمُعبرين عن رأيهم، والصحفيون يعاملون كمجرمين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بصورة سلمية".
وأشار أبو زيد إلى أن "الأجهزة الأمنية تقمع وبقسوة أي مساحات للتعبير
عن حرية الرأي بإجراءات تعد الأكثر جبروتا وتطرفا من سابقاتها بالعقود الماضية، ومع
حكم المخلوع حسني مبارك".
وتابع: "يقبع بالسجون ومراكز الاحتجاز أكثر من 90 صحفيا، ومئات
النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضين، وحتى مشجعي كرة القدم،
ورواد مواقع التواصل الاجتماعي"، موضحا أن "التهم جاهزة؛ كالانضمام للجماعة
الإرهابية، وتكدير السلم، ونشر أخبار كاذبة".
وختم قائلا: "لم تكتف السلطات بهذه التجاوزات والاعتداءات على
الحريات، بل فرضت رقابة واسعة على الإنترنت. ومنذ عام 2017، حجبت أكثر من 500 موقع
إلكتروني، في محاولة لمنع نشر تقارير وأخبار تتعارض مع الرواية الحكومية، خاصة عن حقوق
الإنسان".
"الأزمة هنا"
ويعتقد الكاتب الصحفي حسن حسين، أن "القمع الذي تتعرض له الصحافة
ليس جديدا، والجديد قمع الصحفيين بشكل غير مسبوق في المئة عام الأخيرة"، مؤكدا أن
"هذا لا يدل على مدى تأثير الصحافة على المجتمع، ولا قدرتها على تغيير الواقع
الرديء، بل يدل على مدى هشاشة النظام الحاكم، وتخوفه حتى من بعض منشورات بـ(فيسبوك)".
حسين، أحد الصحفيين الذين عانوا الاعتقال العام الماضي، قال لـ"عربي21":
"ربما الجهل بالعمل السياسي الذي يميز الأنظمة الفاشية المستبدة هو السبب الحقيقي
وراء ذلك"، مضيفا: "لكن يجب أن نشير إلى أن ضعف الجماعة الصحفية في مصر هو
الذي دفع النظام لممارساته القمعية".
وتابع: "بكل أسف، نقابة الصحفيين كمؤسسات المجتمع المدني، ترأسها
وتديرها مجالس موالية للسلطة، ولا تأبه بمصالح أعضائها ومنتسبيها، الذين يختارون بمحض
إرادتهم، ودون تلاعب بالانتخابات العناصر الموالية للنظام، لتحقيق مصالحهم، بغض النظر
عن مصالح الوطن والجماهير، وفي نهاية المطاف تنكل بهم السلطة، ولا تمنحهم حتى الثمن
البخس".
"الحرية منعدمة"
وأعلن الكاتب الصحفي، محسن هاشم، عن أسفه الشديد لحالة الحرية المنعدمة
من الأساس، والتي تمر بها حرية الصحافة بمصر، مؤكدا على تألمه الشديد لمعاناة زملاء
المهنة وصناع الكلمة في السجون والمعتقلات.
المرشح السابق لعضوية نقابة الصحفيين، أوضح لـ"عربي21" أن
من بين أزمة الصحافة في ظل النظام الحالي "عدم رعاية الصحفيين المسجونين، وغياب
من يدافع عنهم"، منتقدا ضعف دور نقابة الصحفيين.
وقال: "نقابة الصحفيين لا حول ولا قوه لها؛ حيث تفرغت للحفلات وتوزيع
الجوائز، وتركت زملاءنا بالسجون يواجهون الموت هم وأسرهم"، مطالبا بحماية المهنة، والإفراج عن جميع الصحفيين المعتقلين.
"تقدمت أفريقيا وتراجعت مصر"
وفي تعليقه عبر صفحته بـ"فيسبوك"، قال نائب رئيس تحرير
"الجمهورية"، ماهر عباس: "حلت مصر كعادتها بمجموعة الدول التي لا تحترم
حرية الصحافة، ووضعت مع 20 دولة أخرى بالقائمة السوداء، واحتلت المرتبة (163) متراجعة
مرتبتين عن العام السابق".
وأضاف أن 42 دولة أفريقية تقدمت على مصر، حيث قفزت إثيوبيا للمرتبة
(110)، متقدمة 40 مركزا عن العام الماضي.