نشرت صحيفة
"
لاكروا" الفرنسية تقريرا تطرقت فيه إلى تأثير البث الحي لألعاب الفيديو
على البيئة، خاصة في حال لاقت هذه الخدمة إقبالا هائلا من طرف اللاعبين.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن كلا من شركة غوغل ومايكروسوفت وأبل
وسوني، قد انخرطت في خدمة البث المباشر لألعاب الفيديو. وعلى الرغم من أنها خدمة
مغرية، إلا أنها تهدد بمفاقمة التلوث المرتبط بالإنترنت.
وذكرت الصحيفة أن شركة
غوغل أحدثت ضجة من أجل الإعلان عن إطلاق منصة "ستاديا" لخدمة البث
المباشر لألعاب الفيديو. وتَعِدُ الشركة بتمكين المستخدمين من الوصول إلى اللعبة من
أي شاشة عبر اتصال بشبكة الإنترنت، وهو وعد مغر لصفقة عملاقة، إذ تقدر الشركة
وصول عدد اللاعبين إلى ملياري لاعب محتمل.
ووفقا لدراسة أجرتها
نقابة ناشري البرمجيات الترفيهية، استخدم 47 بالمئة من اللاعبين الفرنسيين مشغل
ألعاب فيديو منزلي، بينما اعتمد 55 بالمئة آخرون حواسيب محمولة في سنة 2018. ولجذب
أفضل الناشرين واستقطاب اللاعبين، عرضت شركة غوغل نقاط قوة خدمتها، معلنة عن دقة
صور تصل إلى 8 كيبي، وهي جودة أعلى بكثير من الفيديوهات عالية الوضوح.
وبينت الصحيفة أن هذا
الإعلان، الذي يدفعنا إلى توقع إمكانية ترك العديد من اللاعبين حواسيبهم الشخصية
أو هواتفهم الذكية لشاشاتهم الصغيرة للعب بالبث المباشر على شاشة تلفزيون كبيرة،
يُثير قلقا كبيرا متعلقا بالمخاطر البيئية؛ فقد أكد الخبير المستقل في المجال
الرقمي، فريديريك بوردج، بأن "هذا السيناريو كارثي. فبالنظر إلى مخاطر هذه
الخدمة على البيئة، يعتبر مشغل ألعاب الفيديو تفصيلا بسيطا، ذلك أن الأمر الأخطر
يتمثل في إنتاج الشاشة الكبيرة واستخدامها. وساعة واحدة من اللعب تعني استخدام
حواسيب متعددة في الوقت ذاته".
وحين تواصلت معه صحيفة
لاكروا، تحدث عملاق الإنترنت غوغل عن "انتهاج الحياد الكربوني منذ أكثر من 10
سنوات. وفي سنة 2017، اشترينا ما يكفي من الطاقة المتجددة لتلبية 100 بالمئة من
استهلاك الكهرباء". وفي الواقع، ليست الكهرباء سوى جزء من الموارد المستهلكة.
ونقلت الصحيفة عن
فرانسواز بيرثود، وهي مهندسة في المركز الوطني للبحث العلمي، أنه "في العالم
الرقمي، يتم استخدام نصف الطاقة اللازمة في تصنيع المعدات". ومع تعميم البث
المباشر، فإن عدد هذه المعدات المتمثلة في الموارد الحاسوبية لمراكز البيانات أو
كابلات من أجل الشبكة أو الشاشات الكبيرة للعرض، يوشك على التضاعف.
ويتوقع فريديريك بوردج
أنه "بإزالة مشغل ألعاب الفيديو، فإنه يجب إيجاد ما يعادله في مركز البيانات.
سيُجبرون على إضافة كمية كبيرة من الموارد الحاسوبية لتشغيل البث الحي". من
ناحيتها، تخشى فرانسواز بيرثود من ردود الفعل المنتظرة لعدد من المنافسين عند
الإعلان عن ستاديا، "فالشركات المصنعة الأخرى لن تتوقف عند هذا الحد. وسترغب
في المزايدة على هذه الخدمة من خلال اقتراح عروض جديدة أيضا، وسيؤدي هذا الأمر
إلى استقطاب لعبة الفيديو المزيد من الأشخاص".
وأوردت الصحيفة أنه من
المتوقع أن تقدم مايكروسوفت مشروعها "إكس كلاود" هذا الصيف، وقد سبق أن
ذكرت أنه سيتم تخصيص مركزين للبيانات في فرنسا لهذا المشروع. وتوجد شركة سوني
بالفعل في السوق بفضل خدمة " بلاي ستيشن ناو"، مع عرض محدود في الوقت
الحالي. ومن جهتها، أعلنت أبل يوم 25 آذار/ مارس عن إطلاق "آبل أركايد"
في خريف 2019.
في غضون بضعة أشهر، وفي
ظل تدفق كل هذه الاتصالات بألعاب الفيديو في الوقت ذاته، ستكثر طلبات الاتصال على
شبكة الإنترنت. وحاليا، تمثل ألعاب الفيديو أكثر من سبعة بالمئة من حركة الإنترنت،
وهي نسبة تفوق بكثير البث الحي للفيديو. وتحتكر نتفليكس 15 بالمئة من عرض النطاق
العالمي، بينما تتجاوز نسبة يوتيوب ما يزيد عن 11 بالمئة، وفقا لتقرير شركة
ساندفاين حول ظواهر الإنترنت العالمية. لكن، قد يتغير هذا الأمر في حال ارتفع
استهلاك البث الحي للألعاب.
وبينت الصحيفة أن المشكلة تكمن في أنه لا يمكن للكابلات التي تربط الشبكة أن تمتص
كمية لا محدودة من هذا التدفق بين اللعبة وفيديو البث الحي. وتقول فرانسواز بيرثود
إنه "إذا ارتفع الطلب، سيتطلب ذلك إضافة كابلات في الشبكة، ما لم يتم تغيير
النموذج تماما".
وبالنسبة "للعب
السحابي"، فإنه من الضروري المرور عبر الوصلات المدفونة تحت البحر، التي
تستخدم معادن مثل النحاس والجرمانيوم. وبين سنتي 2019 و2021، سيتم تركيب 65 كابل
اتصالات بحري جديد، وذلك وفقا لما أعلنه خبراء من تيلي جيوغرافي لصحيفة لاكروا،
وهو ما يعادل 281 ألف كيلومتر إضافية من الكابلات.
ووفقا لصحيفة
"نيويورك تايمز"، تخطط غوغل بالفعل لربط فرجينيا بفرنسا بحلول سنة 2020.
وحسب تيلي جيوغرافي، ستكون شركة مايكروسوفت أحد أبرز الفاعلين الرئيسيين في تشغيل
هذه الروابط البحرية. وأوضح فريديريك بوردج أنه يجب اتباع بعض الممارسات للحد من
تأثير هذه الألعاب على البيئة، على غرار "اللعب على شاشات صغيرة مثل الهواتف
الذكية أو الحواسيب المحمولة أو تفضيل نينتندو سويتش، وهي مشغل ألعاب فيديو أقل
جشعا من منافسيه، وقادر على الاستغناء عن التلفزيون".