ملفات وتقارير

ما هي فرص نجاحات الفن العربي "المهاجر" خارج أوطانه؟

شتاء 2016 - عربي21
شتاء 2016 - عربي21

عقب تراجع الربيع العربي وصعود الثورة المضادة في المنطقة، والتي تجلت في الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب بمصر، محمد مرسي، اضطر بعض الفنانين والمؤلفين والمخرجين المصريين والعرب إلى السفر خارج أوطانهم، تجنبا لبطش الأنظمة، ولمحاولة العمل من الخارج، خاصة في ظل حالة التضييق والحصار التي يتعرضون لها في الداخل.

ورغم التحديات الكثيرة التي تواجه العاملين بالفن في الخارج، إلا أنهم يحاولون تحقيق نجاحات ملموسة، ويسعون لمعالجة القصور لديهم.. فهل يستطيعون؟

مسلسل "شتاء 2016"، وهو أول مسلسل درامي مصري عربي يتم تصويره في تركيا، كان آخر عمل فني يتم تقديمه بالخارج، ومن المقرر عرضه خلال شهر رمضان المقبل، من بطولة النجم الكبير "هشام عبدالحميد" وباقة من ألمع النجوم منهم الفنان "هشام عبدالله"، والفنان "محمد شومان"، والفنان الهوليودي "سيد بدرية"، والفنان السوري همام حوت، والفنانة التونسية ريم جبنون، وبمشاركة وجوه شبابية أبرزها أسامة صلاح، وعمرو مسعد، وعبدالرحمن الشافعي، وصلاح عبدالله، وآخرين.

من جهته، قال منتج مسلسل "شتاء 2016"، أحمد زين، إن إنتاج المزيد من الأعمال الفنية الهادفة والمختلفة سيكون له أثر ملموس على المدى المتوسط والبعيد في الوعي المصري والعربي مقارنة بالأعمال الفنية التي تشرف عليها الأجهزة الحكومية والأمنية، مضيفا: "الفن يبقى في الإنسان ويعمل على مناطق مختلفة في روحه وعقله، ويغير كثيرا من الأفكار والقناعات".

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "شتاء 2016 لا يقدم إجابات جاهزة، لكنه يقدم للمشاهد منظورا آخر للأحداث يغوص في النفس الإنسانية ليبحث عن المشترك الإنساني، ومعه سيدرك المشاهد أن كل حملات غسيل المخ، والتخوين وخطابات الكراهية هي أشياء يصنعها بعض السياسيين ليضمنوا تجذر الفرقة والأحقاد بين عناصر المجتمع فقط ليتمكنوا من البقاء على كراسيهم".

وتابع زين: "في هذا العمل سيتحير المشاهد من يُدين؟ ومن يكره؟ ومع من سيتعاطف؟ لأنه سيرى كل الشخصيات بخيرها وشرها، فيها جوانب النقص الإنساني، وفيها مظاهر السمو والتطهر البشري، وبالتالي سيطلق العمل في رأسه تساؤلات كثيرة وسيجعله يعيد التفكير في مسلماته الراسخة حول المشهد المصري المعاصر".

وحول مدى رضاهم عن الأعمال الفنية التي يقومون بإنتاجها، قال مدير شركة A to Z media strategy: "نحاول جاهدين عدم التوقف عن العمل وخلق مساحات جديدة للإبداع، وسط مناخ من الحصار، وخنق الإبداع، وغلق المجال أمام حرية التعبير، لكن الزملاء العاملين يتحدون هذا بكل وعي، وقوة، مُصرّين على التعبير عن أنفسهم بالفن الراقي".

وتابع: "نحن جميعا نؤمن أن الظروف القاسية تضيف تحديا جديدا أمام المُبدع، لكنها تستفز طاقاته لمزيد من الإبداع وابتكار الحلول، والتغلب على الصعوبات، ووفقا للظروف المحيطة فإننا راضون بنسبة كبيرة عن هذه الأعمال، لكننا مؤمنون أن العمل المستمر هو الضمانة الوحيدة للتطوير وتلافي العيوب، نقوم بدأب برصد تعليقات الجمهور ونحترمها ونعمل على الاستفادة منها للتطوير".

واستطرد زين قائلا: "بالطبع نحن نقدم دراما وأعمالا فنية مختلفة حريصين على أن تناسب الأسرة وتمكنهم من المشاهدة بكل أريحية، كما نحاول البعد عن المباشرة والخطابية التي لا تتواءم مع الفن، وفي نفس الأمر تلاقي الجماهيرية التي لا تنازل عنها من أجل الاستمرار، لأننا نخضع لمعايير السوق".

وعن هروب بعض الفنانين والمبدعين من مصر إلى الخارج، أكد أنه "رغم أنه ظرف استثنائي ومحبط أن يضطر العاملون في هذا الحقل للهروب من بلدانهم ليتنفسوا الحرية، إلا أن القيود قد تكون منحة لهم لمزيد من الإبداع وابتكار الحلول والتغلب على الصعوبات"، مؤكدا أن "المناخ في مصر طارد للإبداع والفن والفكر".

وأضاف: "هذا المناخ يفرز الفنان الحقيقي الذي يريد أن يقدم فنه بغض النظر عن المقابل المادي، ولا أخفيك سرا أن البعض قد عمل بعشرة في المائة مما يتقاضاه في أعمال أخرى فقط إعجابا بالكتابة وبرؤية المخرج الشاب أحمد أبو الفتوح، وبالرغبة في عمل فني متميز في هذه الأجواء".

وكشف زين عن تلقيه اتصالات من فنانين مصريين في داخل مصر وخارجها (رفض الإفصاح عن أسمائهم) قال إنهم منفتحين على التعاون معهم خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد انتشار أخبار مسلسل "شتاء 2016"، ومشاركة العديد من النجوم الكبار فيه.

واستطرد قائلا: "نتحدث هنا عن أسماء كبيرة ومرموقة من ممثلين وكتاب ومخرجين خاصة ممن يعانون من انسداد المجال الفني في مصر وحصره في أسماء بعينها تدين بالولاء والطاعة المطلقة لجهات وأجهزة معينة في مصر، واستبعاد كل من له رأي مخالف وحصاره".

 


من جانبه، ذكر مخرج مسلسل "شتاء 2016"، أحمد أبو الفتوح، أن من بين التحديات التي واجهتهم هي "خوف بعض الممثلين والفنيين من العمل في موضوعات قد تعرضهم للملاحقات في بلاد عربية مختلفة لا تقدر قيمة الحرية والفن الحر والكلمة الصادقة، لكن هناك تطور في هذه الجزئية وكثيرون كانوا متخوفين في البدايات، لكن بعد قراءة الأعمال وارتفاع مستوى فنيتها بدأوا في الاطمئنان".

وأردف في تصريحات لـ"عربي21": "من التحديات كذلك أن نمس الموضوعات السياسية دون الوقوع في فخ الخطابية والمباشرة، وحاولنا ذلك بالاعتماد على كتاب مهرة ولهم سوابق تجارب ناجحة في الدراما، حتى وإن كتبوا بأسماء مستعارة لأنهم يعيشون في بلدان قمعية لا تقدر الفن والحرية".

وأضاف أبو الفتوح: "من التحديات طبعا مسألة التمويل، فبعض الممولين قد لا يرى التأثير العظيم للدراما ويفضل تمويل مشروعات إعلامية مباشرة كالمهتمة بصناعة الأخبار أو التي تناقش الأمور السياسية بشكل مباشر".

وقال: "لا أفشي سرا أن الكثير من النجوم الكبار العاملين معنا قد تعجبوا من الأجور المعروضة عليهم في البداية لضآلتها وبذلنا جهدا مضاعفا في إقناعهم، ولذلك هم شركاء حقيقيون في هذا العمل، لأنهم حين قرأوا العمل وأعجبوا به شاركوا دون تردد، وهذا موقف مشرف لا شك".

وأشار إلى استمرار محاولات تطوير الفن الهادف والراقي والمتواجد خارج أوطانه، مضيفا: "المحاولات ما زالت محدودة، لكنها تنمو خاصة مع السعار الإعلامي والتحريض على قامات فنية كبيرة مثل الكاتب الكبير بلال فضل، والفنان عمرو واكد، والفنان خالد أبو النجا، وآخرين كثر، يعانون من عدم العمل في مصر، والحصار المفروض عليهم فقط لأنهم انحازوا للتغيير والحريات الشخصية والعامة".

وتوقع مخرج "شتاء 2016" تبلّور "أعمال فنية أكثر في الخارج مستقبلا، خاصة مع ارتفاع وتيرة الغاضبين على الأوضاع الديكتاتورية سواء في مصر أو غيرها من البلدان العربية، فقط إذا ما وجدوا الحماس من قنوات إعلامية جادة".

وبسؤاله عن مدى الاختلاف بين "شتاء 2016" ومسلسل "نقرة ودحديرة"، أجاب: "لا يمكن المقارنة، هنا حجم فنانين أكبر بكثير، وحجم إنتاجي مختلف، فـ"السيت كوم" هو في النهاية عمل محدود كتابة وعدد ممثلين، وديكورات وخلافه.

وشتاء 2016 نقلة نوعية ضخمة التصوير امتد لخمسين يوم تصوير، هناك نجوم كبار همام حوت، هشام عبد الحميد، محمد شومان، هشام عبد الله، سيد بدرية، فهناك مبارزات فنية وتمثيلية على أعلى مستوى، كما استعنا بكوكبة عربية واعدة من مصورين ومنتجين، أتاحت الاستفادة من كل القدرات المرصودة لهذا العمل".

ونوه إلى أنه "على مستوى كتابة مسلسل "شتاء 2016"، فقد توفرت لها ورشة عمل محترفة ناقشت كل صغيرة وكبيرة في الخطوط الدرامية ورسم الشخصيات لتخرج عملا محكما فيه صراع درامي، على خلفية سياسية، لكنها أخذت بُعدا إنسانيا ثريا سيكون مفاجئا للكثيرين".

ووعد أبو الفتوح الجمهور بعمل فني مميز لاسيما أنه تم الاستعانة بخبرات مصرية وأجنبية مميزة من عدة دول ضمن كوادر الفريق، مُشيدا بالدعم المستمر غير المحدود من شركة الإنتاج لتذليل الصعاب وخروج العمل على أفضل وجه.

الفنان الهوليودي "سيد بدرية" عبّر عن سعادته بالمشاركة في مسلسل "شتاء 2016" باعتبارها أول مشاركة عربية له، كاشفا أنه تردد في البداية عند عرض العمل عليه لاسيما مع ما يقوم به الإعلام الحكومي من محاولة شيطنة كل من يشارك في عمل فني أو سياسي، لكنه حسم الأمر وقرر المشاركة بعد تفكير، ليكتشف أن كل ما يقال ويتم تسويقه بعيدا عن الحقيقة.

وأشاد بفريق العمل الذي قال إنه وجد فيه وطنية عالية، إضافة إلى مواهب فنية مميزة، مضيفا: "ربما أختلف معهم في بعض الآراء السياسية، لكنهم يقدمون فنا حقيقيا يتماس مع الناس ويعبر عنهم".

واستشهد الفنان السوري "همام حوت" بموقف جمعه بصديقه السابق رئيس النظام السوري بشار الأسد قبل الثورة، أكد فيه أن الأسد أخبره أنه لا يخشى من 50 كتيبة عسكرية تواجهه بقدر خوفه من عمل فني واحد صادق وحقيقي ويصدقه الناس.

وشدّد حوت على أن "الفن الحقيقي قادر على إسقاط كل الأنظمة الحاكمة المستبدة في منطقتنا"، متوقعا نجاح باهر للمسلسل، خاصة لأنه حقق المعادلة الصعبة بالجمع بين الخبرات الفنية العالية وروح الشباب بطاقاتهم ومواهبهم المميزة.

ويوم السبت الماضي، أقيم في مدينة إسطنبول التركية حفل تدشين المسلسل الرمضاني "شتاء 2016". المسلسل من إنتاج شركة A to Z، وهو مستوحى من قصص حقيقية، وتدور أحداثه الرئيسية في أيام معدودة من حياة أبطال العمل وهم مجموعة من الشباب تجمعهم رحلة هروب عبر الحدود الجنوبية المصرية إلى السودان لأسباب مختلفة في سيارة محملة بالآثار والذهب يتم تهريبها لحساب مسؤولين في الدولة مع مهرب جامح، وتقابلهم تحديات وأزمات كبيرة، وتتكشف لهم حقائق جديدة.

بدوره، كشف الكاتب والسيناريست بلال فضل أنه سيعود للعمل في الدراما، ولكن من خارج مصر، وذلك بعد توقف إجباري منذ أن تم منع مسلسل (أهل إسكندرية)، ومحاربة مشاريع له حاول الاشتراك فيها أحيانا دون كتابة اسمه.

وذكر في تدوينة له على الفيسبوك أنه سيحكي التفاصيل حين يأذن أصحابها، لافتا إلى أن من يعيشون داخل مصر يدركون أن "الحكاية أصبحت مزرية من ناحية تدخل السادة الضباط في كل صغيرة وكبيرة".

وأردف: "للأسف في ناس ما كانتش عايزة تصدق إلا لما اتحاربت في رزقها، وأنا بأحمد ربنا إن الواحد قدر يتجاوز ده ويشتغل، وإن ربنا وفقني بفنانين حلوين يقدروا الشغل الحلو، وبيحترموا اختلاف المواقف السياسية اللي من العار إنها تكون سبب في قطع رزق حد، وإن الفيصل دايما هو الكتابة وتطورها. أدعوا لي بالتوفيق وإنها تكمل على خير".

يُذكر أن الفنان المصري، عمرو واكد، قال، مؤخرا، إنه تم تهديده بأنه محكوم عليه من قبل القضاء العسكري المصري بالسجن 5 سنوات و3 سنوات، بتهمتي "نشر أخبار كاذبة" و"إهانة مؤسسات الدولة"، مشيراً إلى أن القاهرة رفضت تجديد جواز سفره.

ومنذ أيام، كشف الكاتب والروائي المصري علاء الأسواني عن إحالته لمحاكمة عسكرية باتهامات من بينها إهانة القضاء.

واضطر المخرج السينمائي خالد يوسف، للسفر خارج مصر، على خلفية قضية "الفيديوهات المنسوبة" مع ممثلات، وإعلاميات، مؤكدا أن القضية كلها تهدف للنيل منه بسبب مواقفه السياسية المعارضة، وخاصة رفضه لتعديل الدستور.

كما تلاحق الفنان خالد أبو النجا، المقيم خارج مصر، العديد من البلاغات وحملات الهجوم من إعلام ومؤيدي النظام، الذي يعلن أبو النجا اختلافه مع بعض مواقفه وسياساته.

0
التعليقات (0)