قضايا وآراء

أنا أو الإخوان.. عندما تصبح الخيانة فرعا من الأخلاق

إبراهيم منير
1300x600
1300x600
(إذا لم نحصل على دعم أمريكي فإن جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن تستعيد السلطة في البلاد)، هكذا قالها صراحة الانقلابي الغادر (السيسي) لوفد أمريكي زار القاهرة في 28 فبراير 2019م، ليأتي تعليق الزائر (عزرا فريد لاندر) لصحيفة إسرائيلية: (من الواضح أنه يبحث عن الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وأعتقد أن من واجبنا الأخلاقي دعمه إلى أقصى حد ممكن ...).

السفيرة الأمريكية واللعب على المكشوف

في 14 فبراير 2019م وفي حديث للسفيرة الأمريكية السابقة في القاهرة (آن باترسون) والتي أشرفت على إتمام الانقلاب العسكري في مصر في يوليو 2013م، قالت: (الجيش المصري هو من أطاح بالرئيس مرسي، وربما هو من سيطيح بالرئيس السيسي في المستقبل).

(الإدارة الأمريكية وجدت في الرئيس مرسي شخصا غير مؤهل ...!!؟؟)

(أنها التقت بالجنرال السيسي قبل الانقلاب 32 مرة) في سنة واحدة!.

(كان من الواضح منذ البداية أن الإخوان المسلمين هم من سيفوزون في الانتخابات البرلمانية الأولى بعد الثورة).

(الإخوان المسلمون كانوا القوة الوحيدة التي كان بإمكانها حشد الناس، كنا نشاهد حافلات مملوءة بالنساء المنتقبات اللائي كن يشاركن في الانتخابات والفعاليات).

(كانت لدينا معلومات كافية فيما يتعلق بمشاركة دول الخليج ودورها في الإطاحة بالرئيس مرسي وكذلك دورهم في الانقلاب).

لسان السيسي

في 6 مارس 2019م تحدث الصحفي ياسر رزق رئيس تحرير الأخبار القاهرية الذي يُعد لسان قائد الانقلاب والناقل لأفكاره، ليؤكد في حديث تلفزيوني مع مناصر آخر للجنرال السفاح على ضرورة الدعم الأمريكي للجنرال بقوله:

* لا توجد حياة سياسية في مصر منذ عام 1952م (الانقلاب الأول) وأن الموجود على الأرض من هذا التاريخ هما الجيش والإخوان، وأن الإخوان هم البديل المتاح لحكم مصر بدلا من الجيش.

* ويقول إن التعديلات الدستورية المطروحة الآن والتي تعطي السيسي فرصة حكم مصر (ربما) مدى الحياة هدفها هو منع عودة الجماعة إلى الحكم.

* ويدعو (إلى إبادة جماعة الإخوان المسلمين ومعاملتهم معاملة النازيين لمنعهم من العودة إلى حكم مصر مرة أخرى). وهي إشارة تعني قتل من ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين ورسالة إلى داعمي الانقلاب العسكري وخصوصا الزعماء الذين ساهموا في مؤتمر شرم الشيخ بتاريخ 24 فبراير 2019م ليقرأها كما قرأها البعض ممن يعانون من سياسات الحكام والأفق المسدود أمامهم أنه لا سبيل لهم إلا نقض السلمية..!!

جنرال المخابرات الأمريكية

لم يتأخر الجنرال مايكل فلين الذي كان مسؤولا عن المخابرات العسكرية الأمريكية ثم مستشارا للأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي ترامب وهاجم الإسلام باعتباره سرطانا وأنه فكر سياسي مستتر خلف الدين، وهاجم نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، وتمت إحالته لاحقا ليس لهذا التعدي على دين الله ونبيه ولكن لاتهامه بالكذب وصلاته الخفية بالروس ... هذا الرجل يفتخر بأن السيسي عمل معه أثناء تنصيبه في المخابرات الأمريكية وتحدث عن صداقته ومعرفته الجيدة به!! وقال في مؤتمر عام (إن من الواجب أن نصنع للسيسي تمثالا).

السيسي نفسه

ويلتقط السيسي الإشارة ليدلي برأيه الشخصي - متجاوبا مع أستاذه – حول الإسلام والمسلمين في مؤتمر بالأزهر (!!) تحت غطاء تصحيح الأفكار الخاطئة ليهاجم الدين كله وكل المسلمين في العالم بالحديث عن وجود نصوص دينية مقدسة تعادي الدنيا كلها!! ويقول بالعامية المصرية مش (غير) معقول أن مليار وستمائة مليون عايزين (يريدون) يقتلوا الدنيا كلها)!

ويعترف علانية بأنه كان يقوم بالإعداد للانقلاب العسكري بدءاً من الشهر الثالث عام 2013م الذي تم في الشهر السابع من نفس العام، ويشهد الله سبحانه وتعالى على ما في قلبه وهو ألد الخصام لتبرئة نفسه مما قام به من مجازر وتجاوزات أنه وإشفاقا على تابعي (!!) الإسلام السياسي قد نصح القيادات بالابتعاد عن الحكم إشفاقا على موقفهم من تابعيهم لأنه (لا قِبَل لكم بتحديات مصر والمشاكل الموجودة فيها .. من فضلكم .. إبعدوا..!!)، ولم يبرئ نفسه من المقولات التي كان يتراقص بها مؤيدوه ( انتوا شعب ونحن شعب، لكم ورب ولنا رب ) ويعاود إعطاء صورة غير صحيحة عن موقف الإسلاميين من الحكم ليقول أنهم كانوا متعطشين إليه وليس في سبيل خدمة بلدهم عبر إعادة الحكم إلى الشعب بانتزاعه من العسكر.

ليقوم بعد ذلك بقتل الآلاف من الأبرياء واختطاف ما يزيد عن ستين ألف مواطن ومواطنة خلف القضبان، وإفساد القضاء والاقتصاد وكل مقومات الدولة، وانتهاك أعراض النساء والفتيات بما لم يفعله العرب في الجاهلية قبل الإسلام لأن شرف الجاهلي الشخصي يأبى عليه التعدي على إحداهن وهو ما تنزه عنه عدو الله ورسوله (أبو جهل) حينما بلغ به الغضب وهو يعامل السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها، وهو ما لم يفعله السيسي وداعميه ومن رقصوا على أنغامهم ليؤكد ما نطق به لسانه الصحفي (ياسر رزق) حول النازية الجديدة، وليتسابق مع الانقلابي الأول الذي أهلك مصر معتمدا على دعم الخارج وفي غياب جماعة الإخوان المسلمين الذين صابروا وصبروا وكانوا بدمائهم العلامة الواضحة والحجة القائمة على كل الناس الفاصل بين الحق والباطل وبين الوطنية والخيانة.

وسيظل هذا السلوك بعون الله واجب العمل الوطني إلى أن يأتي نصر الله وما نعتبره أنه واجب من واجبات الدعوة والبيعة حسب ما قال الإمام الشهيد عليه رحمة الله في رسالة التعاليم:

(ونحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء ...
وإنه لعزيز علينا أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا ... فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب، ولن نكون عليكم في يوم من الأيام).

استراحة مقاوم

وتذكرة لمن يعيشون الحدث حسبة لوجه الله سبحانه على أي ساحة كانوا مما جاءنا في قرآن ربنا في سورة الأحزاب عن قدر الله الرحيم لما حدث لأكرم خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصف الأول للمؤمنين به (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا...) عندما تكاثرت عليهم الأعداء بقصة قرآنية ترطب القلوب وتعين على تتبيثها، تبدأ بقوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى? وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ? وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) إلى قوله تبارك وتعالى: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ? وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ? وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا).

ونعيش مع من أفاء الله سبحانه وتعالى به على عبد من عباد الله هو الشهيد بإذن الله سيد قطب بقوله: (وبمناسبة ما سطر في كتاب الله، وما سبقت به مشيئته، ليكون هو الناموس الباقي، والمنهج المطرد، يشير إلى ميثاق الله مع النبيين عامة، والنبي صلى الله عليه وسلم وأولي العزم من الرسل خاصة، في حمل أمانة المنهج والاستقامة عليه، وتبليغه للناس، والقيام عليه في الأمم التي أرسلوا إليها، وذلك حتى يكون الناس مسؤولين عن هداهم وضلالهم وإيمانهم وكفرهم بعد انقطاع الحجة بتبليغ الرسل عليهم صلوات الله وسلامه).

رسالة إلى الصف الوطني

بمناسبة ذكرى الثورة الثامنة للشعب المصري، وفي 25 يناير هذا العام (2019م) تقدمنا بمبادرة حرصا على مصر وهويتها إلى كل القوى المعارضة المصرية قلنا في مقدمتها:

(يقول تاريخنا الحديث أن آباءنا وأجدادنا اتحدوا في أوائل القرن الماضي على هدف واحد هو الاستقلال وإنهاء الاحتلال وإعطاء شعب مصر بكل أطيافه حقه في تقرير مصيره، ولتكون كلمته هي الفاصلة والحاسمة في إدارة بلده .. وهو ما تحقق بعد جهاد حقيقي على الأرض ووحدة الكلمة والمصير على تحدي أعداء الحرية والاستقلال، بلغت ذروته عام 1919م أجبر أعداء الشعب الواحد وخصومه على الإقرار بحقوقه وهو ما تضمنه دستور عام 1923م).

وتم تقديم مقترحات وأهداف كان في مقدمتها: (إقامة كيان مصري واحد للمعارضة في الخارج .. لا يلغي الأحزاب والقوى والهيئات العاملة التي استنكرت الانقلاب ..)

وفي الحاشية الأخيرة جاء:

مقترح كمادة للتوافق العودة في وثائقنا إلى مضمون مواد دستور 1923م (عدى ما جاء فيه عن الملكية والنظام الملكي وغيرها) واعتماد مفردات هذا الدستور الخاصة بالحريات الفردية والعامة واستقلال الهيئات الخاصة، وخاصة القضائية والمواد الأخرى.

وهذا لا يعني إغلاق الباب أمام تقديم أي مقترحات مناسبة (ونكرر أي مقترحات مناسبة) ولكن المقصود رمزية هذا الدستور الذي جمع طوائف شعب مصر بعد ثورة حقيقية كانت رمزا في تاريخها، يمكن أن يجتمع عليها غيرهم من ثوار 25 يناير 2011م.

ومرة أخرى ودفاعا عن مصر كلها .. شعبها. تاريخها. حاضرها. مستقبلها، ودعما للصابرين الصامدين على الأرض من كل الهيئات والأطياف والتوجهات، والذين تشتعل بهم الثورة في وجه الانقلابيين، ننادي الجميع في خارج مصر تعالوا لنتفق على عمل مشترك يجمع ولا يفرق، لنظهر للعالم كله أن شعب مصر بكل أطيافه وتوجهاته كتلة واحدة رافضة للانقلاب العسكري.

وعودة إلى تراث 1919م ودستور 1923 .. وتراثهما التاريخي ومع رائعة أمير الشعراء أحمد شوقي بعد أن كادت انتكاسة دخيلة تذهب بهذه المكاسب يقول فيها:

إلام الخلف بينكم إلاما.. وهذه الضجة الكبرى علاما

وفيم يكيد بعضكم لبعض.. وتبدون العداوة والخصاما

وأين الفوز. لا مصر استقرت.. على حال ولا السودان داما

وترنم بها كبار الملحنين والمغنين في أجيال السابقين وفي المناسبات الوطنية قبل أن يعمل العسكر على إغفالها. وهل يجوز أن نتأخر عنهم؟!.
4
التعليقات (4)
abu ahmed
الأربعاء، 13-03-2019 06:44 م
اكرمكم الله استاذنا الكريم لكن اول حكم بعد حكم 60 سنة عسكر كان الاخوان ولم تنتبهوا لمصير الأمة في ايديكم - لقد ضاعت مصر ومقدرات مصر - كل العالم كان يرى الانقلاب آت في آخر 6 شهور من حكم الدكتور مرسي إلا انتم - لا انكر المؤامرات من كل جانب عليكم لكن كان يجب مصارحة الجماهير بهذا حتى لا تجروا دعوة موجودة من اكتر من 80 سنة لهذا الارهاب الدموي وتجروا الخراب على مصر من هذا الخسيس والله المستعان .
مصري جدا
الأربعاء، 13-03-2019 11:10 ص
منصة قيادة جديدة للاخوان والحركة المدنية هي بداية الخروج من النفق المظلم ،،، منصة بمستوى تحديات المرحلة وطموحات المستقبل ،،، تكون قادرة على صناعة أدوات إعادة التوازن لمعادلة الصراع ،، وأيضا تمتلك رؤية لمرحلة ما بعد السيسي ،، أما الأستاذ المحترم ابراهيم منير وبقايا هذا الجيل الكريم فشكرا لهم ،، لكن تجاوزتهم طبيعة المرحلة وهذه سنة الحياة ومتطلبات التغيير والتجديد ،، شكرا لهذا الجيل المعطاء ،، لكنها سنة التداول ،،
عثمان ابو محمد شامل
الأربعاء، 13-03-2019 09:44 ص
بوركت كلماتك ونظراتك ... نسأل الله ان يرد كيد الخائنين وان ينصر الاسلام والمسلمين ويدمر اعداء الدين من كفار ومنافقين
ADEM
الأربعاء، 13-03-2019 02:34 ص
كل ما ذكرتموه أستاذنا الفاضل نعرفه من حق الناس أن تعرف لماذا لم تنتبهوا إلى ما كان يخطط ؟ إذا كانت عند سيادتكم إجابة شافية بعيدا عن لغة الخشب و العموميات فتفضلوا بها و إلا لا تلوموا من ينعتكم - بالسذج الفاشلين - !!! و أن الأولى و الأصح أن تنسحبوا كقيادة لسبب فشلكم فلا يعقل أن تطلبوا من الناس أن يلتفوا حولكم و حول مشروكم و قد جعلتكم عصابة العسكر- مثالا للغباء السياسي -!!!