هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعدته مراسلتها في بيروت لويزا لافلاك، تحت عنوان "القوات السورية تستخدم الانتهاكات الجنسية لإسكات السجناء".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى تقرير جديد لمنظمات حقوقية ورقابية على الحرب الأهلية السورية، وذلك في الذكرى الثامنة لاندلاع الثورة السورية، التي لا يزال فيها هناك 100 ألف سجين مفقود ولا يعرف عنهم الكثير.
وتقول لافلاك إنه بحسب تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإن العدد الأكبر من هؤلاء تعرضوا لانتهاكات منظمة، وربما ماتوا تحت التعذيب، مستدركة بأنه رغم أن هناك أشكالا عدة من الانتهاكات والتعذيب، إلا أن الرجال الذين يخرجون من المعتقل بعد عدة سنوات لا يناقشون ما حدث لهم إلا في النادر، ولا يتوفر الدعم النفسي لهم.
وتفيد الصحيفة بأن التقرير، الذي نشر يوم الاثنين، وأعدته منظمة "محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان"، وثق ما قامت به قوات الأمن ضد المعتقلين من استخدام الاغتصاب والإخصاء الإجباري، وربط وتقطيع وحرق الجزء الحساس من الجسم؛ وذلك لإجبار المعتقل على الاعتراف.
ويكشف التقرير عن أن الانتهاكات حدثت عند نقاط التفتيش، أو في الطريق إلى السجن وفي غرف التحقيق، حيث قال عدد من المعتقلين إن جلاديهم أدخلوا أنابيب مياه في أجسادهم وفتحوا صنبور المياه بحيث انتفخ جسم المعتقل.
وتقول الكاتبة إنه لا أحد يعرف مدى التعذيب والانتهاكات في السجون السورية؛ لأن المعتقلين مشتتون حول العالم، فيما يتردد المعتقلون السابقون بالحديث عما حدث لهم من انتهاكات، خاصة إن كانوا من مجتمعات محافظة يعد فيها الحديث عن الانتهاكات الجنسية أمرا محظورا.
وتلفت الصحيفة إلى أن نسبة 40% ممن تحدثوا في اللقاءات التي أجرتها منظمة "محامون وأطباء لحقوق الإنسان"، وعددها 138 مقابلة، قالوا إنهم تعرضوا لشكل من أشكال الانتهاك الجنسي، مشيرة إلى أن النسبة ارتفعت إلى 90%، عندما تم الحديث عن التعري الإجباري، الذي أمرهم حرس السجن بالقيام به.
وينقل التقرير عن المنظمة، قولها: "مهما كان ما تم الكشف عنه فقد مورس العنف الجنسي والانتهاكات ضد المعتقلين السياسيين السوريين في معظم الوقت داخل أجهزة الأمن الحكومية ومعسكرات الاعتقال".
اقرأ أيضا: عدد صادم للأردنيين بالسجون السورية.. وغموض بالتفاصيل
وتبين لافلاك أن الشهادات أرفقت بتقييم طبي قام به خبراء التعذيب الجنسي بتقييم ودراسة الشهادات وتحليلها، لافتة إلى أنه في سلسلة من المقابلات التي أجرتها "واشنطن بوست" مع عدد من المعتقلين السابقين الذين اعتقلوا في سجون الحكومة في دمشق، تحدثوا فيها عن أوامر الحرس لهم بالتعري والبقاء لأيام مستلقين مع بقية السجناء في الزنازين البائسة والمزدحمة، فيما تحدث آخرون عن أشكال متطرفة من الانتهاك الجنسي، التي استخدمت فيها آلات ميكانيكية أو أدوات حادة.
وتورد الصحيفة نقلا عن أحد السجناء الذي لم تكشف عن هويته، قوله: "مرت أيام عليك لم تكن تعرف فيها نفسك هل أنت إنسان.. عندما كنت ممددا هناك لم أتمن الموت لكنني تمنيت لو أنني لم أخلق أبدا".
وينوه التقرير إلى حالات قديمة، لافتا إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى توقف هذه الممارسات، وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن القوات الحكومية اعتقلت منذ تشرين الثاني/ نوفمبر أكثر من ألفي شخص، فيما من غير المعلوم عدد من تم إرسالهم إلى مراكز الاعتقال، ومن أجبروا على التجنيد الإجباري.
وتستدرك الكاتبة بأن المعتقلين الذين خرجوا من سجون النظام قالوا إن حجم ومستوى التعذيب والانتهاكات لم يتغيرا، مشيرة إلى أن الانتهاكات الجنسية في السجن ترافق المعتقل حتى بعد خروجه.
وتذكر الصحيفة أن عددا من المعتقلين تحدثوا عن شعورهم بالكآبة والصور التي تلاحقهم والكوابيس الليلية، لافتة إلى أن الأطباء النفسيين في غازي عينتاب، المدينة القريبة من الحدود السورية، والتي تعد مركزا للمعارضة، سجلوا هناك حالات انتحار يعتقد أنها مرتبطة بالتعذيب والانتهاك الجنسي في سجون النظام السوري.
ويورد التقرير نقلا عن المحلل النفسي السوري جلال نوفل، الذي يعمل مع السجناء السابقين، قوله: "يشعر هؤلاء الرجال الذين جاؤوا من مجتمعات محافظة بالدمار والإهانة.. معظم المرضى الذين نراهم يعتقدون أنهم لن يستطيعوا الخلاص من هذا الأمر"، مشيرا إلى أن رجلا من بلدة دوما لم يتحدث مع عائلته لثلاثة أيام بعد خروجه ثم قتل نفسه، "وعلمنا ما حدث له من زملائه في الزنزانة بعد وفاته".
وتؤكد لافلاك أنه لا يتوفر إلا دعم قليل لمساعدة السجناء السابقين؛ نظرا لأن إعادة تأهيلهم تتجاوز قدرات المنظمات الدولية والمحلية، ولأن الرجال لا يتحدثون إلا في النادر عن تجربتهم، مشيرة إلى أنه بحسب منظمة أطباء بلا حدود، فإن نسبة 5% كانوا رجالا بحثوا عن العلاج النفسي وهم ناجون من التعذيب، وجاؤوا من 61 دولة، وتم تسجيل تجاربهم في الفترة ما بين 2004- 2014.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن تقرير "محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان"، قال إن الناجين اختاروا العزلة، ونسوا في بعض الحالات تفاصيل عن عائلاتهم، وشبه أحدهم نفسه بالطائر، فيما قال آخر واسمه عبد الله: "دكتور لقد ماتت روحي".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)