صحافة دولية

لماذا حظر الاتحاد الأوروبي نشر القائمة السوداء لممولي الإرهاب؟

السعودية مارست ضغوطا كبيرة خلال القمة العربية الأوروبية على الزعماء الأوروبيين- الإسبانيول
السعودية مارست ضغوطا كبيرة خلال القمة العربية الأوروبية على الزعماء الأوروبيين- الإسبانيول

نشرت صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن القائمة السوداء التي أعدتها المفوضية الأوروبية للدول التي تسهل عملية غسيل الأموال الموظفة في رعاية الإرهاب والجريمة المنظمة، ومن بينها المملكة العربية السعودية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المفوضية الأوروبية لحقت بها يوم الجمعة هزيمة دون سابق إنذار، في سعيها لإدراج السعودية وأربعة أقاليم أمريكية ضمن القائمة السوداء للجهات المتهمة بضعف الرقابة على تمويل الإرهاب وتبييض الأموال.

 

ووفقا لمصادر دبلوماسية، منعت حكومات الدول الأعضاء بالإجماع تقريبا نشر هذه القائمة؛ بحجة أنها أعِدّت بطريقة تفتقر إلى الشفافية والدقة. وتعدّ بلجيكا البلد الوحيد الذي لم يعترض على نشر القائمة.

وأوضحت الصحيفة أن حظر القائمة السوداء لتبييض الأموال كان نتيجة للضغوط الشديدة المسلطة من قبل السعودية. ويأتي ذلك على خلفية إرسال العاهل السعودي، الملك سلمان، خطابات إلى جميع زعماء دول الاتحاد الأوروبي، يحذرهم فيها من أن إدراج المملكة العربية السعودية ضمن هذه القائمة سيضر بسمعتها من ناحية، ومن شأنه أيضا أن يخلق صعوبات في تدفقات التجارة والاستثمار بين المملكة والاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى.


وأوردت الصحيفة أن هذا الخطاب سُلّم إلى السفراء الأوروبيين خلال القمة التي انعقدت بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية في بداية هذا الأسبوع في مدينة شرم الشيخ المصرية. وخلال هذه القمة، تناولت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي شخصيا مسألة قائمة الدول الممولة للإرهاب في لقاء ثنائي جمعها بالملك سلمان. وعلى الرغم من الأزمة الناجمة عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي، ما زال الاتحاد الأوروبي يعتبر السعودية شريكا متميزا، ويرفض تطبيق حظر الأسلحة الذي طالب به البرلمان الأوروبي.

وأضافت الصحيفة أن البيت الأبيض احتج بدوره على القائمة السوداء التي وضعتها بروكسل، ورفض مسألة إدراج أربع مناطق تابعة للولايات المتحدة ضمنها، من بينها بورتوريكو وغوام وساموا وجزر فيرجن الأمريكية.

 

وفي بيان له، أكد البيت الأبيض أن "وزارة الخزانة الأمريكية لديها مخاوف مهمة بشأن محتويات القائمة والطريقة "المعيبة" التي أعدت بها". ونددت الحكومة الأمريكية بأن هذه الأقاليم الأمريكية تستجيب للمعايير الدولية عندما يتعلق الأمر بمكافحة غسيل الأموال، ولم تمنحها بروكسل أي فرصة للدفاع عن نفسها أو تصحيح مشاكلها قبل إدراجها ضمن القائمة.

وعندما يتعلق الأمر بتبرير الحظر، تجنبت الحكومات السبع والعشرون الإشارة بشكل مباشر إلى القضايا المتعلقة بالمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة؛ بحجة أن إعداد هذه القائمة كان من قبل المفوضين، والتي وفقا لرأيهم وُضعت بشكل لا يفي بشروط الشفافية المطلوبة، ولم تستجب لطلبات الدول الأعضاء.

 

اقرأ أيضا: السعودية تأسف لإدراجها ضمن قائمة أوروبا السوداء لتمويل الإرهاب

وذكرت الصحيفة أن الحكومة الإسبانية تزعم أن هناك أيضا أسبابا تتعلق بالأمور الإجرائية، فقد افتقرت اللجنة التنفيذية المحلية إلى الدقة في المنهجية والمعايير اللازمة لإعداد القائمة، وانتهى بها المطاف إلى استخدامها كسلاح دعائي بدلا من أداة لحماية النظام المالي للاتحاد الأوروبي. وفي المرحلة الأولية، احتجّت إسبانيا ضد إدراج بنما ضمن القائمة؛ لأن هذا البلد قد تعهد بالفعل بتصحيح المشاكل التي وقع اكتشافها من الآن إلى غاية شهر حزيران/ يونيو المقبل.

وفي أروقة بروكسيل، تعتبر هذه الحجج مجرد ذريعة. فقد أصبحت هذه المنهجية معروفة منذ شهر حزيران/ يونيو، وقد تشاورت السلطة التنفيذية مع الدول الأعضاء في كل مرحلة، وأخذت جميع الاعتراضات بعين الاعتبار. وحسب المصادر التي وقع استشارتها، فإن "حظر هذه القائمة يستجيب للجهود التي كرستها جماعات الضغط التي نظمتها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة بدعم من فرنسا، والتي طالت في نهاية المطاف جميع الدول الأعضاء".

ونقلت الصحيفة عن عضو البرلمان من "مبادرة من أجل كتالونيا"، إرنست أورتاسون، أن "موقف حكومات الاتحاد الأوروبي مخجل جدا. وقد كان للضغوط الدبلوماسية السعودية تأثير كبير أكثر من الجهود الصارمة التي بذلتها المفوضية لإعداد هذه القائمة السوداء".

وأفادت الصحيفة بأن البلدان الثلاثة والعشرين المدرجة في القائمة السوداء هي: أفغانستان، ساموا الأمريكية، جزر البهاما، بوتسوانا، كوريا الشمالية، إثيوبيا، غانا، غوام، إيران، العراق، ليبيا، نيجيريا، باكستان، بنما، بورتوريكو، المملكة العربية السعودية، سريلانكا، سوريا، جمهورية ترينيداد، وتوباجو، وتونس، وجزر فيرجن الأمريكية، واليمن. وترى بروكسل أن هذه الدول تعاني من أوجه قصور استراتيجية في أطرها القانونية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه سيقع تبني قرار حظر قائمة بروكسل رسميا خلال اجتماع وزراء العدل والداخلية الأوروبيين في السابع من شهر آذار/ مارس الجاري. ومن الآن فصاعدا، سيتعين على اللجنة أن تبدأ من الصفر مرة أخرى لإعداد قائمة جديدة، التي ستُحدد وفقا تشريعات الاتحاد الأوروبي لمكافحة غسيل الأموال.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)