هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناول مختصون فلسطينيون دلالة إفراج السلطات المصرية عن عدد من المختطفين الفلسطينيين في سجونها منذ سنوات، غير مستبعدين أن تمهد الخطوة المصرية الأجواء لتعزيز الثقة للمضي قدما في صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
إنجاز كبير لحماس
وبشأن دلالة إفراج مصر عن عدد من المختطفين الفلسطينيين لديها، ومن بينهم الأربعة الذين يعتقد أنهم ينتمون لكتائب القسام الجناح العسكري لـ"حماس"، عقب زيارة رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، الأخيرة لمصر، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، أن "هذه الزيارة أثمرت إنجازا كبيرا لحماس وللشعب الفلسطيني، بإطلاق سراح الشبان الأربعة بعد إنكار وجودهم في مصر".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، أن "إنكار وجودهم كان يشير إلى أنهم قد قتلوا أو تمت تصفيتهم"، معتبرا أن "نجاح حماس في الإفراج عن هؤلاء الشبان يؤكد أن هذه الحركة تعمل لصالح الشعب الفلسطيني، وليست صاحبة تفكير ضيق هدفه هو التنظيم".
ونوه الصواف بأن "حماس استطاعت بحنكتها ودبلوماسيتها أن تقنع الجانب المصري بأن هؤلاء لا علاقة لهم بما يجري بمصر، وأن الإفراج عنهم بات أمرا ضروريا بعدما تم الاعتراف بوجودهم في مصر".
وأضاف: "قد يكون هناك مصالح ناتجة عن هذا الإفراج للجانب المصري، وبغض النظر عن تلك المصالح أعتقد أننا كفلسطينيين وكحركة حماس، لم ندفع أثمانا سياسية لا لمصر ولا لغيرها؛ لأن أمر الإفراج عن الشبان هو أمر قانوني، ولأن اختطافهم والتحقيق معهم غير قانوني".
وقدر الكاتب أن "هناك تطورا في العلاقة بين حماس والنظام المصري الحالي، لكن هذا التطور مرتبط بالمصالح، هناك مصالح لمصر تريد أن تحققها، هل ستستطيع؟ في ظني أن الأمر من جهة حماس سيخضع للمقارنة، إن كانت هذه المصالح ضد أو تتعارض مع مصالح الشعب الفلسطيني فلن تقبل حماس ولا قوى المقاومة في غزة".
وحول إمكانية ارتباط الإفراج عن المختطفين ضمن صفقة شاملة بوساطة مصرية لتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، قال: "أعتقد أن زيارة أبو العبد (هنية) للقاهرة بحث فيها موضوع صفقة تبادل، لكن هذه الصفقة لن ترتبط بشكل أساسي بالمختطفين الأربعة".
صفقة تبادل محتملة
وذكر أن "هناك شرطا للمقاومة بإفراج الاحتلال عمن أعيد اعتقالهم من صفقة وفاء الأحرار (شاليط)، وهذا الشرط لا بد أن يتحقق"، مؤكدا أن "حماس ليس لديها مانع أن تخوض في مباحثات جديدة عبر الوسيط المصري مع الجانب الصهيوني إذا نفذ هذا الشرط أولا".
ورجح الصواف أن "كشوفات حماس جاهزة، والاحتلال يعرف ماذا تريد حماس، وحماس تعرف ماذا تريد، وقد أفهمته للجانب المصري"، منوها بأن "هناك الكثير من الزيارات والوفود التي جاءت لحماس حول هذا الموضوع منذ سنوات، وحماس لا تزال على موقفها وشرطها للبدء في مفاوضات حول صفقة تبادل، كما أن الكشف عن الجنود المتواجدين عندها وحالتهم يرتبط بإفراج الاحتلال عن المعتقلين من صفقة وفاء الأحرار وعدد نحو الستين".
اقرأ أيضا: ما دلالات إفراج مصر عن الأربعة فلسطينيين.. ما علاقة إسرائيل؟
من جانبه، قدر الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني، أن الخطوة المصرية تأتي "من باب تعزيز الثقة ومنح عناصر قوة للسيد هنية وحركة حماس لتعزيز حضورها في الساحة الفلسطينية، وهي ضمن المراجعات في طبيعة وجوهر العلاقة بين حماس والقاهرة".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذه الخطوة هي ترجمة عملية للحوار الاستراتيجي بين الطرفين الذي انطلق منذ فترة، فالفلسطيني لم يعد يكترث بالكلام المنمق بقدر ما ينتظر أفعالا؛ سواء على صعد المعتقلين في مصر أو على صعيد حصار غزة والتهدئة وكافة الملفات الأخرى".
وحول تعزيز الخطوة المصرية من دور القاهرة في إتمام أي صفقة تبادل جديدة للأسرى مع الاحتلال، قال الدجني: "هذا هو الوجه الآخر للعملية، بأن تكون هناك جهود مصرية في صفقة تبادل محتملة مع الاحتلال، مع أدراك أن متطلبات هذه الصفقة متعلقة في الأساس بالجانب الفلسطيني والإسرائيلي".
هناك عقبات ومطبات
واستبعد الكاتب أن يكون إفراج مصر عن المختطفين "جزء من صفقة شاملة تتعلق بصفقة تبادل مع الاحتلال، وهذا ما لا تسمح به مصر أو حماس"، مؤكدا أن "مصر هي الدولة الأكثر تأهيلا في لعب دور هام في هذا الملف، مع التذكير بأن هناك شروطا للمقاومة تؤمن بها القاهرة كرعاية لصفقة وفاء الأحرار".
أما رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، إياد الشوربجي، فرأى أن "إفراج مصر عن المختطفين الأربعة من الجهاز العسكري لحماس، يشكل خطوة مهمة في مسار تطور العلاقات بين الطرفين"، معتبرا أنها "خطوة جاءت لتصحيح واقعة لم تكن مبررة بأي شكل من الأشكال".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "كلا الطرفين بدأ بفهم الآخر والتعامل معه بطريقة أكثر جدية وواقعية، تخدم مصالحة وتحسن من بيئة علاقاته البينية"، منوها بأنه "لا تزال هناك عقبات ومطبات تعتري هذه العلاقة لاعتبارات سياسية وأيديولوجية، من المتوقع أن تخف حدتها مع تطور العلاقة وإذابة التوترات والتركيز على البعد المصلحي والواقعية السياسية".
ولجملة من الاعتبارات الداخلية والارتباطات الدولية والإقليمية، استبعد الشوربجي حدوث "تغير جذري واسع في طريقة تعامل مصر مع حماس في الأفق القريب، لكن المتوقع أن تحدث انفراجات وتحسينات في طبيعة العلاقة، بما ينعكس على حجم التجارة البينية وحركة المعبر وتطور عملية التعاطي السياسي، مع بقائها في المستويات الأمنية دون المستويات السياسية الرسمية".
من جهته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله العقاد، أن "الإفراج عن الأربعة المختطفين وآخرين كانوا محتجزين، فعلا، هو ثمرة جهود استمرت وتواصلت منذ سنة ونصف، والتي بدأت برعاية مصرية لما أسمته حماس حينها بهجوم المصالحة، واستمرت في الوساطة بين فصائل المقاومة والاحتلال؛ للحفاظ على استمرار التهدئة، وإن بمستويات دون المنشودة بعد".
وأوضح العقاد أن الإفراج عن المختطفين هو "مقدمة أساسية لتهيئة الأجواء لنجاح جهود وساطة مصرية لصفقة وفاء جديدة للإفراج عن معتقلين فلسطينيين من سجون الاحتلال، مقابل ما لدى المقاومة الفلسطينية من جنود إسرائيليين أسرى وآخرين بحوزة كتائب القسام".