هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذي كونفرسيشن" الأسترالي
مقال رأي للكاتب الأمريكي المختص في علم النفس، ريتشارد ماتسون، تحدث فيه عن تأثير
الجينات الوراثية على الزواج.
وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته
"عربي21"، إنه من المهم النظر في الملف الجيني للشريك قبل الزواج، نظرا
لأن العوامل الوراثية تلعب دورا هاما في العديد من السمات الشخصية المميزة لكل فرد
التي قد تعزز الكيمياء والتناغم بين الشخصين.
وذكر الكاتب أنه من المنطقي التفكير في أن
العوامل الجينية قد تكون هي المحددة للعديد من الصفات لدى الإنسان المستخدمة
بالفعل من قبل مواقع المواعدة التي تقوم بالتنسيق بين الأشخاص الذين يناسبون بعضهم
البعض بناء على معايير مثل الشخصية ومدى التعاطف. ويعتقد كثيرون أن هذه الصفات
تساعد على إيجاد التناغم بين الطرفين وإقامة علاقات طويلة المدى. لذلك، بات من غير
المفاجئ أن نجد مواقع إلكترونية تمزج بين عمليات الوساطة للزواج واختبارات الخصائص
الوراثية.
وأفاد الكاتب أن الدراسات أثبتت أن التوائم
المتطابقين وراثيا، حتى عندما تتم تربيتهم بشكل منفصل، تكون حياتهم الزوجية
متشابهة، ما يعني أن الخصائص الجينية تؤثر على الحياة الزوجية على المدى الطويل.
في المقابل، لا تزال علاقة هذه الجينات بالزواج يشوبها الغموض.
ووفقا لهذه المعلومات، تظل عملية حساب التوافق
بين الشريكين بناء على الخصائص الجينية أمرا غير مؤكد من الناحية العلمية. لكن في
الوقت الحالي، بدأ العلماء في تحديد الجينات التي قد تكون مرتبطة بالسعادة
الزوجية.
وأوضح الكاتب، باعتباره عالما وطبيبا نفسيا،
أنه لطالما كان مهتما بتحديد العوامل التي تساهم في الحفاظ على الزواج السعيد، على
غرار كيفية إدارة الشريكين للخلافات، إلا أن اهتمامه بالخصائص الوراثية المحددة
لهذا الأمر تطور مؤخرا.
في الواقع، تمثل الجينات أجزاء من الحمض النووي
للإنسان التي تحدد صفات معينة لديه. وتتخذ هذه الجينات عدة أشكال تعرف باسم
الأليل، ويقع تحديد كل نمط جيني للإنسان من خلال أليلان يرثهما الشخص من أمه
وأبيه. وينتج عن الاختلافات في النمط الجيني اختلافات جسدية ونفسية بين كل إنسان
وآخر.
وأضاف الكاتب أنه على الرغم من هذه الاختلافات
الفردية المتنوعة والمتعددة التي يعتقد أنها ترتبط بالزواج، إلا أن اهتمامه موجه
بشكل خاص نحو جين مستقبلات الأكسيتوسين. ويبدو أن هرمون الأكسيتوسين، الذي يعرف في
الأوساط العلمية باسم "هرمون الحب"، يلعب دورا كبيرا في التعلق العاطفي
بين الجنسين. تجدر الإشارة إلى أن جين الأكسيتوسين يزداد نشاطه كثيرا عندما تلد
الأم طفلها، أو أثناء ممارسة العلاقة الحميمية.
إقرأ أيضا: إليك 8 شائعات حول السعادة طالما اعتقدنا أنها صحيحة
وأدرك الكاتب أن القيام بدراسة حول الجين الذي
ينظم هرمون الأكسيتوسين، والذي يعرف باسم جين مستقبلات الأكسيتوسين، يعد بمثابة
فكرة جيدة فيما يتعلق بسياق الزواج خاصة وأنه يلعب دورا هاما في تعلقنا بالأشخاص.
علاوة على ذلك، أثبت العلم أن هرمون الأكسيتوسين على علاقة بمجموعة متنوعة من
الظواهر الاجتماعية والسلوكيات الإنسانية، مثل الشعور بالثقة تجاه الآخرين،
والاندماج الاجتماعي.
وقال الكاتب إن لهذا الجين علاقة بالتفاعل
النفسي للإنسان مع مختلف أشكال الدعم الاجتماعي الذي يحصل عليه، مثل تقديره لتعاطف
الآخرين معه. وبالنظر إلى كل هذه الأدلة العلمية، يبدو أن الأكسيتوسين يلعب دور
العامل المحدد بشكل كبير لجودة الحياة الزوجية، باعتبار أنه يؤثر على كيفية دعم
الزوجين لبعضهما خلال مختلف مراحل الحياة.
ومن أجل مواصلة البحث حول هذا الموضوع ودراسة
هذه الفرضية، استعان الكاتب بفريق من العلماء منهم أطباء نفس وخبراء في علم
الجينات وعلم الأعصاب. وشارك في هذه الدراسة 79 زوجا أقاموا جلسات لمناقشة بعض
المشاكل الخاصة، التي لا تتعلق بحياتهم الزوجية، لمدة 10 دقائق. وقد وقع تسجيل هذه
المناقشات وتحليلها لاحقا وفقا للطريقة التي اعتمدها كل شريك في دعم نصفه الآخر.
وفي الأثناء، خضعوا لاختبارات تحليل اللعاب، من أجل تحديد العلاقة بين تفاعل
الشريكين، وأنواع الجينات التي يحملانها والهرمونات النشطة لديهما.
وأكد الكاتب أن هذه التجربة، كما كان متوقعا،
أثبتت وجود علاقة بين أنواع معينة من الجينات، وجودة الدعم الاجتماعي المقدمة بين
الشريكين ومدى التفاهم بينهما. كما تبين أن هذه الخصائص الوراثية هي التي أثرت على
سلوك كل طرف أثناء جلسات الحوار حول المشاكل الخاصة.
ونوه بأن البدء بفحص الخصائص الوراثية للرجال
والنساء من أجل توقع الزيجات الفاشلة والمضرة، لا زال غير منصوح به، لأن الجينات
قد تؤثر على شخصية الإنسان بطرق متعددة ومتغيرة، وقد تكون مضرة ببعض العلاقات
ونافعة في علاقات أخرى. أما الآليات التي تتفاعل بها هذه الخصائص الوراثية بين
الرجل والمرأة وتؤثر على علاقتهما، فلا تزال غير واضحة في الوقت الحالي.
وأكد الكاتب أن هناك بعض التبعات العملية
لنتائج هذه الأبحاث، إذ أن الوعي بالدعم الاجتماعي الذي يحصل عليه شريك الحياة
بفضل خصائصه الجينية، يمكن أن يحميه من الانعكاسات السلبية للتوتر والقلق المضرة
بالصحة العقلية والجسدية.
وأشار الكاتب إلى أن أهمية هذه الجينات تكمن في
أن بعض الأشخاص لا يحملون الخصائص الوراثية التي تمكنهم من الشعور بهذا الدعم
الاجتماعي، ولهذا السبب يشعرون أكثر بالوحدة ويتأثرون سريعا بحالات التوتر.