قضايا وآراء

سياسي هولندي من العنصرية إلى الإسلام .. ماذا بعد؟

ماهر حجازي
1300x600
1300x600
في صلاة الجمعة بمسجدنا (مسجد السنّة) في مدينة "نالدفايك" جنوب غرب هولندا، وفي بداية الخطبة، تحدث الإمام عن خبر مفرح سيعلن عنه في نهاية صلاة الجمعة.

شاب لم أعرف من أية دولة هو، تنقل بين ديانات مختلفة، لم يطمئن قبله ولم يشعر أنه قد وجد ضالته التي يبحث عنها، حتى أكرمه الله باعتناق الإسلام. وفي مشهد أبكى المصلين، نطق هذا الشاب بلكنة عربية الشهادة معلنا بذلك دخوله الإسلام.

حالات ليست بالقلية تسجل في المملكة الهولندية لأشخاص من جنسيات مختلفة يعتنقون الإسلام، ليس آخرها قصة كان لها وقع على الكثير من المسلمين في هولندا، هي دخول "يورم فان كالفرن"، وهو شخصية حزبية هولندية كانت تعتبر من أشد أعداء الإسلام وعضو سابق في حزب عنصري يضع محاربة الإسلام شعارا له.

حزب "PVV" (من أجل الحرية) تأسس عام 2006، وهو صاحب توجهات يمينية متطرفة معادية للأجانب وخاصة المسلمين. ويعتبر "خيرت فيلدرز" مؤسس الحزب، وهو من أكثر الشخصيات عداء للمسلمين في هولندا، وقد أنتج فيلما بعنوان" فتنة" يربط الإسلام والقرآن بالإرهاب والتطرف.

في انتخابات 2010 حصل حزب "PVV" على 24 مقعدا من أصل 150 في البرلمان الهولندي، حيث يعتبر ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد.

لم يكن "يورم فان كالفرن" أول سياسي هولندي سابق في حزب من أجل الحرية "PVV" العنصري يعتنق الإسلام، ففي آذار / مارس 2013 أعلن نائب رئيس تجمع حزب "PVV” في بلدية " لاهاي"، "ارنولد فان دورن"، دخوله رسميا في الإسلام.

ضربات موجعة تتوالى على "خيرت فيلدرز" "رئيس حزب "PVV"، بعد دخول اثنين كانا يعتبران من أهم أعضاء الحزب اليميني المتطرف في الإسلام، ليسهم ذلك في إضعاف الحزب الذي يعتبر معاديا بشكل واضح للإسلام، ويشكل ضربة لجميع نظرياته وسياساته وتصريحاته حول الإسلام والقرآن وربطهما بالإرهاب في العالم.

ولا شك في أن هناك مخاوف تتوالد لدى قيادة الحزب المتطرفة من المزيد من حالات اعتناق الإسلام في صفوف أعضائه، مما يهدد مستقبل حزب "PVV" في المشهد السياسي الهولندي.

دخول "يورم فان كالفرن" لم يكن محل صدفة، فهو الذي كان يعد كتابا حول الإسلام، يشن من خلاله هجوما عنيفا على المسلمين، لكن بحثه في القرآن والعديد من الكتب والدراسات حول الإسلام ساهم في تغيير قناعاته واعتناقه الإسلام.

"كما لو كان نباتيا وأصبح يعمل في مسلخ".. أول رد من قبل المتطرف "خيرت فيلدرز" على دخول "يورم فان كالفرن" في الإسلام في شهر شباط / فبراير 2019، وهو وصف ينم عن العقلية المتطرفة والعنصرية حتى تجاه الهولنديين أنفسهم، فمن اليوم لا مكان للمسلم "كالفرن" في المجتمع الهولندي بحسب "خيرت فيلدرز".

أعتقد أن استمرار الانشقاقات في صفوف حزب "PVV"، خاصة من قبل الشخصيات البارزة في الحزب واعتناق الإسلام، دليل واضح على فشل السياسة العنصرية للحزب، والتي ستقود إلى إضعاف حزب "PVV" وتقويض تحركاته في محاربة الجاليات الأجنبية في هولندا، وبالأخص المسلمين.

يقول "كالفرن" في مقابلة صحفية بعد إسلامه: "في السنوات السابقة كنت قد كرهت الإسلام كراهية كبيرة، استنتجت الآن أنني لم أكن على صواب.. شعرت وكأنني كنت تائها والآن عدت إلى المنزل".

بكل تأكيد سيكون لمثل هذه الكلمات وقع خاص على قيادة الحزب العنصري، ولها تأثير سيبدو جليا في المرحلة المقبلة لدى جمهور الحزب ومؤيديه، من خلال إعادة التفكير في سياسة الحزب العدوانية تجاه مسلمي هولندا.

الجالية المسلمة في هولندا يجب أن تستثمر هذه التحولات، من خلال بناء علاقات جيدة وتقوية الترابط مع الشخصيات السياسية الهولندية التي تعتنق الإسلام، والتي تعود بالفائدة على المسلمين في هولندا.

لا بد من فتح قنوات اتصال مع السياسيين الهولنديين المعتنقين للإسلام، والعمل على أن تتبعها خطوات مماثلة مما يضعف جبهة العنصرية والتطرف ضد الإسلام في هولندا، ويظهر الحقيقة عن الإسلام التي يحاول حزب "PVV" تحريفها وتجريم الإسلام بالإرهاب.

كذلك المنابر الإعلامية للجالية المسلمة في هولندا بالإضافة إلى المساجد، يجب أن تستضيف هذه الشخصيات الهولندية للحديث عن تجاربها السابقة قبل الإسلام ومسببات اعتناقها الإسلام. هي فرصة حقيقية متاحة أمام الجالية المسلمة لا بد من استثمارها، لوضع حد للعنصرية التي تحارب الإسلام في هولندا.
التعليقات (0)