سياسة عربية

أوربون: بريطانيا لا تقول الحقيقة بشأن مبيعات السلاح للسعودية

وزير خارجية بريطانيا مع العاهل السعودي الملك سلمان - جيتي
وزير خارجية بريطانيا مع العاهل السعودي الملك سلمان - جيتي

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب البريطاني بيتر أوربون حول بيع بلاده للسلاح، وقال إنه "من المستحيل أن ينتصر المرء للمملكة العربية السعودية ولحقوق الإنسان في نفس الوقت".

 

وأضاف أنه "لا عجب إذن أن ينجر وزير الخارجية البريطاني إلى ممارسة الخداع الذي كاد أن يصبح عادة من عاداته".

وفيما يلي نص المقال الكامل الذي ترجمته "عربي21": 

 

ما من شك في أن وزير الخارجية البريطاني جريمي هانت أفضل بكثير من سلفه بوريس جونسون، فقد تحدث دفاعاً عن الصحفيين الذين يتعرضون للتهديد وتفاعل مع قضايا حقوق الإنسان. وبعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي تصرف بشكل كشف عوار جونسون، إذ وضع نهاية للدعم البريطاني المتذلل للنظام في المملكة العربية السعودية

إلا أنه أيضاً يعاني من نفس بعض نقاط الضعف لدى جونسون، ومنها فشله في أن يصدق فعله قوله، بل ربما كان أسوأ من جونسون في هذه المسألة لأنه بذل أقل مما بذله سلفه في مواجهة انعدام الأمانة وازدواجية المعايير التي عادة ما تتصف بها وزارة الخارجية. 

لحظة إذلال

يذكر لجونسون أن أول إجراءاته تمثل في تحدي التضليل السافر الذي مارسه سلفه فيليب هاموند حين قال لنواب البرلمان البريطاني إن بريطانيا خلصت إلى أنه "لا يوجد دليل" على أن المملكة العربية السعودية انتهكت القانون الإنساني الدولي في اليمن. 

وأمر جونسون بالتصحيح الفوري لما كان صرح به سلفه من معلومات غير صحيحة. وفيما يعتبر لحظة إذلال لهاموند، أصدرت وزارة الخارجية بياناً تقول فيه إن عبارته كانت خاطئة. 

من المؤسف أن هانت لم يتبع نموذج جونسون حين يتعلق الأمر بمواجهة النزعة الفطرية لدى وزارة الخارجية نحو ممارسة الخداع، وثمة مثل مزعج جداً يثبت ذلك. 

بعد وفاة خاشقجي ألقى هانت كلمة أمام مجلس العموم ندد فيها بعملية القتل، ولقد تحدث بقوة وبشكل جيد، إلا أنه ورداً على مساءلة وجهتها له وزيرة الخارجية في حكومة الظل إيميلي ثورنباري قال إن الضوابط البريطانية للتحكم بصادرات السلاح "تعززت في عهد الائتلاف الذي تزعمه المحافظون في عام 2014." وهذا كلام فارغ. 

ثم ألح عليه نائب البرلمان العمالي لويد راسيل مويل في السؤال حول هذه القضية، فأجابه هانت بأنه إنما كان يبلغ البرلمان ما تم إبلاغه به من قبل مكتبه في الخارجية وأنه سيكتب خطاباً إلى راسيل مويل ليشرح له فيه ما أورده في تصريحه السابق. 

حتى ذلك الحين بدت الأمور علا ما يرام. إلا أن الخطاب الذي أرسله هانت إلى راسيل مويل كان تعيساً، وكل ما هنالك أنه أشار فيه إلى تصريح مكتوب صدر في شهر مارس / آذار من عام 2014 يشتمل على تحديث لمواصفات ترخيص صادرات السلاح. وشتان بين ذلك وبين تعزيز الضوابط. 

صادرات السلاح
 
تبدو الحقيقة مناقضة لما زعمه هانت. فلقد خلصت لجنة ضبط صادرات السلاح، وهي الكيان الذي تناط به مهمة الرقابة على صادرات السلاح، إلى أن التغييرات التي أجريت في عام 2014 "تمثل إضعافاً كبيراً لضوابط صادرات السلاح البريطانية."

وفي أكتوبر من عام 2014 أعلن السير جون ستانلي، السياسي السابق في حزب المحافظين ورئيس لجنة ضبط صادرات الأسلحة، أمام البرلمان أن الحكومة تبنت " مقاربة أكثر استرخاءً تجاه صادرات الأسلحة التي يمكن أن تستخدم لأغراض القمع الداخلي."

وفي ضوء ذلك كرر راسيل مويل دعوته للسيد هانت بأن يصحح المعلومة داخل البرلمان أو يقدم شرحاً إضافياً لما صدر عنه من رأي يفيد بأن ضوابط صادرات السلاح قد تم تعزيزها. 

قمت بفحص الدليل، وخلصت إلى أنه لا يوجد سوى استنتاج واحد: يتوجب على هانت أن يحضر إلى البرلمان ويصحح المعلومة. ولكنه إذا لم يفعل ذلك فسيكون مرتكباً لانتهاك صريح للتشريعات الخاصة بالعمل البرلماني. وذلك أن التشريع الوزاري ينص على ما يلي: "إنه لمن الأهمية بمكان أن يقدم الوزراء معلومات صحيحة وصادقة للبرلمان، وأن يقوموا في أقرب فرصة ممكنة بتصحيح أي خطأ قد يكون وقع سهواً." 

لم يصحح هانت الخطأ الذي بدر منه، ومازال تصريحه مدوناً في سجلات الخارجية البريطانية. ولكن بالأمس صرح متحدث باسم الخارجية البريطانية لموقع ميدل إيست آي بأن الوزارة مستمرة في الإصرار على أن المواصفات الخاصة بصفقات السلاح تم تعزيزها في عام 2014. 

تاريخ من التصريحات المضللة

 

من المهم ملاحظة أن هذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها وزراء الخارجية تصريحات مضللة حول المملكة العربية السعودية. 
 
وثمة سبب من وراء هذه الازدواجية. من ناحية، تعتبر بريطانيا المملكة العربية السعودية أقرب حلفائها في الشرق الأوسط بعد إسرائيل. 

ومن ناحية ثانية، يتمثل الزعم المركزي للسياسة الخارجية البريطانية في دعم حقوق الإنسان. يناقض الموقفان بعضهما البعض، إذ من المستحيل دعم المملكة العربية السعودية وحقوق الإنسان في نفس الوقت. ولا عجب إذ ذاك أن تُجر وزارة الخارجية نحو عادات دائمة من المخادعة. 

ولذلك يُنصح هانت بالتحرك بسرعة وقول الحقيقة أمام البرلمان، وإلا فإنه سيجر نحو مستنقع أخلاقي سيجد من العسير تخليص نفسه منه. 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)