هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لغاية
الآن، لم تُفلح حركة حماس في فك عُقدة الحصار عليها وعلى غزة المنكوبة، رغم تعاطيها
بإيجابية غير مسبوقة في كثير من الملفات، والتي كان من الصعب الحديث فيها من قبل.
سنوات مضت من الكّر والفّر والحروب والمؤتمرات واللقاءات
والقرارات الدولية، والتنقل بين العواصم العربية،
والدعم والمساندة المادية والمعنوية من الأشقاء والأصدقاء، والنتيجة صفر.
لقد
وقعت العديد من الاتفاقيات مع حركة فتح وعند التنفيذ تقع في فخ التفاصيل وما أدراك
ما التفاصيل، لتعود في كل مرة للمربع الأول ومن حيث بدأت دون أي تقدم يُذكر، لأن الثقة
أصلاً غير موجودة بين طرفي الانقسام، كل طرف يحاول إقصاء الطرف الآخر ومصطلح الشراكة
عبارة عن شعار رنان للاستهلاك المحلي فقط لا غير، والنوايا غير صادقة بالمرة.
حماس
تواجه تحديات صعبة للغاية وتسير في حقل ألغام، ومطلوب منها الخروج بأمان وهذا أشبه
بالمستحيل، ويبدو أن ملف المصالحة لم يعُد كما كان في سلم أولوياتها، فالظروف تغيرت
كثيراً والإجراءات التي اتخذتها السلطة مؤخراً قطعت شعرة معاوية، بحيث أصبح ملف التهدئة
وفك الحصار أكثر إلحاحاً في ظل الحياة الصعبة والمعاناة الحقيقية التي يعيشها أكثر
من مليوني إنسان ذنبهم الوحيد أنهم يعيشون في بقعة جغرافية صغيرة محاصرة اسمها غزة.
سعت
حماس، والحقيقة أنها نجحت نوعاً ما، في رسم علاقة
جيدة مع الدولة المصرية، وكسبت ثقتها مع بعض المحاذير، كون مصر لاعبا أساسيا ومهم في القضية
الفلسطينية، خصوصاً إذا تعلق الأمر بملف غزة، لكن وحتى الآن لم تُفلح أيضاً الجهود المصرية في تثبيت تهدئة مستمرة وفك الحصار؛ نظراً للتهرب التكتيكي وبذرائع مختلفة من قِبل
إسرائيل في تنفيذ التفاهمات، ويبدو أنها معنية بإطالة أمد الأزمة لما بعد انتخاباتها
البرلمانية، فالوسيط المصري أيضاً مهمته صعبة للغاية، فهو يحاول تجنيب غزة ويلات حرب
مُدمرة قد تكون على الأبواب وفك الحصار عليها، وفي الوقت ذاته لا يرغب في تجاوز السلطة
بصفتها الشرعية أمام العالم، ومعبر رفح وإغلاقه بعد انسحاب أجهزة السلطة خير دليل على
ذلك.
حماس -على ما يبدو- قد توصلت لقناعة راسخة أن تمكين الحكومة في غزة يعني بداية النهاية لها،
لذلك تسعى جاهدة للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، لكنها تعلم جيداً أنها
على المحك، فمن جهة تحاول التصدي للسلطة وإجراءاتها العقابية، والتي بدأت تستهدفها بشكل
مباشر بعد حل المجلس التشريعي، ومن جهة أخرى تحاول ضبط النفس قدر المُستطاع على جولات
التصعيد العسكري التي تنفذها إسرائيل بين الفينة والأُخرى لإجهاض أي تقدم في ملف التهدئة
واستحقاقاتها، إضافة للحصار الخانق الذي شل كل مناحي الحياة وحول غزة لمكان يستحيل
العيش فيه، وكأن الظروف تساهم بشكل أو بآخر لزج حماس في الزاوية وجرها لخوض حرب، المنطق
والعقل يقولان إنها الطرف الأضعف فيها.
خيارات
حماس أصبحت محدودة، وقدرتها على التحمل تنحصر، لذا فإن الأيام القادمة ستحمل في طياتها
الكثير من الأحداث الصعبة والمصيرية، فإما حرب يتبعها تهدئة وفك حصار، وإما مُصالحة
بضغط مصري وعربي قوي مع ضمانات لكل طرف.
ضاقت
ولما استحكمت حلقاتها فُرجت وما كُنت أظنها ستُفرجِ.