هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
منذ "عصر ما بعد الموحدين" كما يقول الأستاذ مالك ابن نبي، دخل العالم الإسلامي في سبات، أين منه سبات أهل الكهف الذي جاء عنه في القرآن
الكريم أنه استمر ثلاث مئة سنين وتسعا، حيث أخلد المسلمون إلى الأرض، وحيل بينهم
وبين قلوبهم..
لقد
أسلم "المسلمون"مصيرهم الخارجي إلى قوى أجنبية، سيطرت على هذه الرقعة
الشاسعة المسماة العالم الإسلامي، وإن لم يخل الأمر من صراع عنيف بين أطراف هذه
القوى نفسها، ولكن "الغربية رحم يرعاها الغربي للغربي" كما يقول إمام
الجزائر الإبراهيمي.
كما
أسلم أكثر المسلمين مصيرهم الداخلي إلى طوائف من أبنائهم، جردوا الإسلام من شحنته
الإيجابية بما أدخلوه فيه من بدع، وما أشاعوا فيه من خمول عقلي وجسمي، وألهوا عقول
المسلمين بما لا جدوى فيه، ولا عائدة له، ولا فائدة منه ممّا يسمى "التصوف
السلبي"، الذي نشر أتباعه ودعاته في الجسم الإسلامي ما سماه الإمام ابن باديس
داءي "الجهل والخوف" بأوسع معانيهما.
ولم
يخل العالم الإسلامي من ظهور علماء عاملين، بعضهم واجه العدو الخارجي، وبعضهم تصدى
لتطهير الإسلام مما علق به وأدخل فيه من بدع، ولمعالجة المسلمين من "الجهل
والخوف"، وآلوا على أنفسهم أن يؤدوا الأمانة التي حملوها، ولم يخونوها وهم
يعلمون، كما فعل الذين انسلخوا من آيات الله التي آتاهم، وركنوا إلى الذين ظلموا،
واتخذوا اليهود والنصارى أولياء.
من
هؤلاء العلماء الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الذي وإن كان ذا قلب حي، فإنه – كما يبدو
من آثاره العلمية والعملية – لم يكن ذا عقلية مستوعبة للإسلام الكامل الشامل،
فاكتفى بالتركيز على جانب العقيدة، وإن تشدّد في ذلك، ولم يكن – بعد تحالفه مع
السلطان – منتهجا الحكمة والموعظة الحسنة، مع إخوانه المسلمين الذين يخالفونه في
بعض اجتهاداته.
كان
لابد أن يأتي وقت يتناقض فيه "القرآن والسلطان"، وأن تتناقض فيه "الدعوة
والدولة"، وقد وقع ذلك عدة مرات. ما جعل الأستاذ مالك ابن نبي الذي كان –
ككثير من المسلمين – يعتبر "الفكرة الوهابية على أنها خميرة البعث العربي
والنهضة الإسلامية"، ولكنها لم تنشب حتى أحرقها البترول كما يقول. (انظر مالك
ابن نبي: ميلاد مجتمع.. ص 34. ط. دار الفكر. 2006).
وأمر
البترول ليس بأيدي "حماة البيت"، ولكنه بأيدي "حماة الزيت".
وإذا كان لـ"السلطان" منطقه اللامنطقي في هذه الأزمة الخليجية، ومحاصرة "إخوة"
برا وبحرا وجوا، فما هو منطق "أنبياء" الدعوة الوهابية من آل الشيخ إلى
السديس الذي صار "تسَيع"؟
فاللهم
ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولا تجعلنا لا من الغافلين ولا
من الخائنين.
عن صحيفة الشروق الجزائرية