هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي يواصل فيه سلاح الجو الإسرائيلي توجيه ضرباته العسكرية إلى العديد من الأهداف في عدة دول في المنطقة، فإن الإسرائيليين يعتقدون أنها الطريقة المثلى لتحقيق أهداف عملياتية مجدية دون الحاجة لخوض حرب قتالية واسعة، وقد تحقق ذلك بفضل ما بات يسمى استراتيجية "المعركة بين الحروب" المعروفة اختصارا باللغة العبرية "مبام".
معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أصدر في الساعات الأخيرة ورقة بحثية تقييمية لاستراتيجية "المعركة بين الحروب" التي يتبعها الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ عام 2013.
الجنرال إيتي بارون، معد الورقة البحثية التي ترجمتها "عربي21"، قال إن "هذه الاستراتيجية وصلت ذروتها في استهداف المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا، وقوافل الأسلحة المتجهة إلى حزب الله في لبنان، وهي تعطي دلالات أهمها أن القوة الهجومية الإسرائيلية ما زالت تحافظ على نفسها من جانب، ومن جانب آخر تمنح إسرائيل القدرة على توجيه ضربات محددة مركزة في الوقت والمكان الذي تريد".
وأضاف أن "هذه الاستراتيجية على ما فيها من نجاحات، لكنها قد تتسبب باندلاع بعض فرص التصعيد العسكري الناجم عنها، واليوم بعد مرور ست سنوات تقريبا على بدء العمل بهذه الاستراتيجية العسكرية فقد آن أوان إجراء تقييم لها، خاصة أن العمل بها يهدف لتحقيق إنجازات جوهرية، دون دفع أثمان كبيرة ومكلفة".
وأوضح بارون، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، ومدير معهد "دودو" للتفكير العسكري، أن "هذه الاستراتيجية تقررت لمواجهة الفوضى العسكرية التي اجتاحت سوريا عقب اندلاع الحرب الأهلية فيها، مما أفسح المجال لحرية حركة إضافية لسلاح الجو والجيش الإسرائيليين من أجل تقليص المخاطر القادمة من سوريا بأقل قدر ممكن، دون أن يؤدي ذلك لنشوب حرب واسعة شاملة لا تريدها إسرائيل".
وأكد أن "تنفيذ هذه الاستراتيجية أسفر عنه قيام سلاح الجو باستهداف مئات الهجمات الجوية ضد سلسلة طويلة من الأهداف العسكرية داخل الأراضي السورية، وتحديدا ضد عمليات نقل الأسلحة المتطورة من إيران إلى حزب الله من خلال سوريا، بجانب الحيلولة دون تأسيس قواعد عسكرية إيرانية في سوريا، وأظهرت هذه السياسة قدرة عسكرية عملياتية وإمكانيات استخبارية معلوماتية واسعة بكل ما يتعلق بالمواقع المستهدفة".
ورصد الكاتب، القائد الأسبق لقسم الأبحاث بسلاح الجو، ونشر كتبا في قضايا الاستخبارات والقوة الجوية والنظرية الأمنية، "جملة الأهداف التي حققتها هذه الاستراتيجية، أولها منع الوجود العسكري الإيراني، وثانيها إعاقة وصول الأسلحة المتطورة من إيران لحزب الله، لاسيما الصواريخ المصنفة بأنها كاسرة للتوازن، وثالثها أنها تواصلت دون استقبال ردود فعل حقيقية من الجهات التي تمت مهاجمتها، سواء إيران أم سوريا أم حزب الله".
وأشار إلى أن "هذه السياسة واجهت جملة مخاطر وتحديات في السنوات الأخيرة من أهمها: أولها الوجود العسكري الروسي في سوريا منذ أواخر 2015، مما تطلب إقامة جهاز تنسيق عملياتي بين الجيشين الروسي والإسرائيلي، وثانيها تغيير السياسة الدفاعية السورية التي بدأت بالرد على القصف الجوي الإسرائيلي لأهداف داخل أراضيها، مما نجم عنه سقوط بعض الصواريخ السورية داخل إسرائيل".
وختم بالقول بأن "التحدي الثالث الذي واجه استراتيجية "المعركة بين الحروب"، هو الوجود العسكري الإيراني داخل سوريا، مما تطلب إدارة مخاطر حساسة ودقيقة من مغبة تدهور الأمور لتصعيد عسكري غير مرغوب".