هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كما هو معلوم، فازت حركة حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، وحصدت 76 مقعداً من أصل 132 مقعداً، واعتُبر فوزها في حينه من قبل عديد الباحثين والقارئين للمشهد «زلزالاً سياسياً».
زلزال ما زالت ارتداداته حاضرة إلى اليوم، وأعاد تشكيل التركيبة السياسية
الفلسطينية على نحو مغاير لما كان قبله، وأسهم في ترسيخ «حماس» كعامل أساسي في
التعامل مع الحالة الفلسطينية دولياً، وفتح لها أبواب علاقات ومجالات متعددة.
إلا أن استثمار الفرصة والقيام بالمسؤولية لم يكن على النحو المتأمل أو المطلوب
تقصيراً أو ضعفاً، ولعل شيئاً من ذلك يعود إلى كون «حماس» ذاتها لم تكن تتوقع مثل
هذه النتيجة، وكانت -حسب ما سمعت حينها من عدة مستويات قيادية فيها- تتجهز للحضور
الفعّال والمؤثر داخل البرلمان كتنظيم سياسي معارض أو شريك في الجسم السياسي
الفلسطيني لا أكثر.
أياً كانت التبريرات فهي غير كافية، وقد عرضت «حماس» حينها الشراكة السياسية مع
«فتح» وغيرها لتشكيل الحكومة الفلسطينية، وأذكر في هذا الإطار تصريحات مسرّبة
ومنسوبة لمحمد دحلان، توعد فيها قيادات «فتح» وحذّرهم من الدخول في حكومة وحدة مع
«حماس»، وأضاف خلال التسجيل: «راح استلمهم خمسة بلدي».
وبدأ منذ ذلك اليوم التلاعب والأحداث الداخلية والمناوشات والاشتباكات المؤسفة،
التي انتهت بسيطرة «حماس» على قطاع غزة عام 2007، وفعلياً لم يعمل المجلس
التشريعي، ولم يكن له دور مؤثر منذ انتخابه نتيجة عوامل عديدة، منها الانقسام
واعتقال الاحتلال للعديد من نواب كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس، بما
فيهم رئيس المجلس.
لأكثر من 10 سنوات، والمجلس التشريعي الفلسطيني شبه معطل داخلياً، وغائب عن
التأثير في العملية التشريعية والسياسية الفلسطينية، لأسباب سبق استعراض شيء منها،
وأسباب أخرى تنسب لتقصير كثير من النواب في القيام بدورهم تجاه الشعب، وحمل أمانة
انتخابهم كممثلين للشعب، وهذا لا يتطلب على الدوام وجود الظروف أو اكتمال النصاب،
بل اكتمال الإرادة.
وهو ما يفسر شيئاً من ضعف التفاعل الشعبي مع قرار حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني،
الذي أعلنه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل ما يزيد عن أسبوع، وصدر القرار
عن المحكمة الدستورية التي استحدثها عباس في أبريل من عام 2016، وما زال كثير من
الجدل قائماً حول مشروعية وقانونية هذه المحكمة، وإن كان التبرير هو انتهاء المدة
القانونية المفترضة، فمن باب أولى النظر إلى المدة القانونية لمنصب الرئيس أيضاً،
والتي ينتهي وقتها المفترض قبل انتهاء مدة «التشريعي»، بالإضافة إلى أن استطلاعات
الرأي التي صدرت مؤخراً تتحدث عن رفض شعبي فلسطيني كبير، وعدم رضا عن الرئيس أو
مؤسسة الرئاسة الفلسطينية. كما أن توقيت حلّ المجلس التشريعي يفتح الباب أمام
تساؤلات واسعة تتعلق بالمغزى والجدوى، ودون وجود انتخابات رئاسية وتشريعية متوازية
ومباشرة، فهذا يعني مزيداً من الاستفراد بالقرار الفلسطيني، وأيضاً تعزيز أكبر
للانقسام والفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة عملياً، حتى وإن كانت المبررات
المعلنة تقول عكس ذلك، فإن الواقع يكذّبها.
وقرار حلّ المجلس التشريعي لم يصدر بالتوافق الداخلي الفلسطيني، وبذلك هو إفراز
للانقسام وليس للوحدة كما يعلّله البعض، الذي يفترض حسن النية في من أصدره دونما
برهان مقنع، فلو كانت النوايا صادقة ما كان ليتم أمر كهذا بهذا الشكل، وكنت
سأستحسن القرار لو كان توافقياً، ويشمل إعادة ترتيب البيت الفلسطيني بالكامل من
خلال انتخابات عامة تتزامن معه ولا تستثني الانتخابات الرئاسية، وتتضمن انتخابات
للمجلس الوطني، ويشارك فيها أيضاً جميع الفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة.;
عن صحيفة العرب القطرية