ملفات وتقارير

"الوهن العضلي" يهدد حياة 18 ألف مصري بسبب نقص الدواء

يعتمد المرضى في علاجهم على دواء "مينستنون" المستورد وقد فقد في الآونة الأخيرة وارتفع سعره بشكل كبير جدا
يعتمد المرضى في علاجهم على دواء "مينستنون" المستورد وقد فقد في الآونة الأخيرة وارتفع سعره بشكل كبير جدا

كثيرون في مصر يعانون المرض، إلا أن هناك معاناة من نوع خاص يعيشها البعض دون أن يشعر بهم أحد أو تنظر لهم الحكومة بعين الرعاية، ومن بين هؤلاء مرضى "الوهن العضلي"، الذين ينتظر معظمهم الموت بعد اختفاء الدواء لنحو عامين، وعددهم يصل إلى 18 ألف مريض.

وعلى الرغم من شكاوى المرضى، إلا أن وزارة الصحة المصرية لا تعترف بنقص صنف دواء هذا المرض، ففي نهاية 2017 أوقفت الوزارة صدور النشرة الدورية المعنية برصد "نواقص الأدوية" بالسوق المصري، ما يعني أنه لا توجد أدوية ناقصة، متجاهلة ذلك النوع الذي يصفه الصيادلة والأطباء المعالجون ويعرفه المرضى بـ"برشامة الموت"، والتي لم تدخل كأحد الأدوية المدعمة للمصريين عبر التأمين الصحي، رغم أن سعره مكلف، وجرعة المريض اليومية نحو 5 أقراص حتى يتمكن من الاستمرار حيا.

وفي الوقت الذي لا توجد فيه مراكز متخصصة للكشف وللعلاج، فإنه لا يوجد إحصاء رسمي لعدد مرضى الوهن العضلي بمصر، لكن تشير الإحصائيات إلى أنه يصيب من 200 إلى 400 حالة لكل مليون شخص، بينما في مصر يوجد مريض بالوهن العضلي بين  كل 50 إلى 60 مريض أعصاب، يعتمدون في علاجهم على دواء "مينستنون" المستورد و"بينستنون" المحلي.

وحسب منظمة الصحة العالمية، فضمور العضلات مرض جيني عصبي عضلي يؤدي لضعف وضمور العضلات، يتطور بسرعة ويصيب الذكور في سن مبكرة، وعادة يموت المصابون ببداية الكهولة، بسبب تأثير المرض على عضلة القلب، والفشل التنفسي حتى الوفاة.


سارة جاد الله، شابة مصرية مريضة عمرها 22 عاما وخريجة كلية العلوم، تشتكي من عدم توافر الدواء وتضاعف ثمنه، وفي حديثها لـ"عربي21"، قالت: "مرضى الوهن العضلي يعانون من ضعف عضلات الوجه واليدين والساقين وصعوبة التنفس والبلع والمضغ، حيث إن المرض يضعف عضلات التنفس والحلق".

وأوضحت أنه "مرض مزمن، وعلاجه جرعات (مينستنون) الذي تختلف الجرعة منه بحسب المريض، وأقل جرعة 4 أقراص يوميا، وتصل لـ15 قرصا في الحالات المتأخرة"، مبينة أن "أهمية هذا الدواء للمريض كالبنزين للسيارة، وإثر تناوله بـ10 دقائق يظهر مفعوله بتحسن نسبي لحركة اليد والقدم والكلام والبلع وكل العضلات المصابة".

سارة، أشارت إلى أن" توافر ذلك الدواء يجعل هناك انتظاما لدى المرضى بالجرعات، ما يجعل المريض يعيش بشكل طبيعي من ساعتين لـ5 ساعات حسب الحالة؛ ولذا نحتاج جرعات متتابعة، وعند تأخيرها  تعود الأعراض سريعا، ويظهر الضعف، ما يكشف أهمية هذا الدواء لنا وخطورة اختفائه".

وعن أسعار الدواء، قالت إن "العبوة القديمة بها 150، قرصا ومنذ عام كانت بـ190 جنيها، (10.5 دولار تقريبا) تكفي لمدة شهر، ولكن الآن أصبح سعرها  369 جنيها (20.5 دولار تقريبا)"، مضيفة: "لكن المشكلة الأكبر من تضاعف ثمنها هو عدم وجودها، ونضطر لشرائها من السوق السوداء بأسعار من 600 جنيه إلى ألف وألفين جنيه للعبوة (من 33.5 دولار إلى 112 دولارا)".

وأكدت سارة أنه "كان يظهر في بعض الصيدليات بالقاهرة لمدة أسبوعين وبكمية محدودة، ثم يختفي 3 أشهر، ومنذ تموز/ يوليو الماضي وحتى تشرين الأول/ أكتوبر لم يكن موجودا بالصيدليات نهائيا، فقمنا بتدشين جروب لبيع وشراء بعض الأقراص، وحث المصريين بالخارج على إرسال بعض العبوات"، مضيفة أنه "ظهر ببعض الصيدليات في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ثم اختفى مرة ثانية"، متعجبة: "هذا الحال في القاهرة، فما بالك في المحافظات والصعيد".

وقالت إن "شركة (مالتي فارما) هي من تستورده بمصر، ولم يعطينا أي من المسؤولين سببا مقنعا لاختفاء الدواء وتضاعف سعره"، مشيرة إلى أن "البديل المصري اسمه (بيستينون) بعبوة 20 قرصا بـ40 جنيها وغير موجود أيضا بالصيدليات، ولو تواجد فسعره 250 جنيها بعدما كان 5 و11 و22 جنيها قبل 3 سنوات".

وأوضحت أنه "ومع ضغوط المرضى وشكواهم توفرت بعض العبوات بصيدليات الإسعاف؛ كي يقال إنه متوفر، إلا أن الكميات لا تكفي المرضى، وهناك مرضى بالمحافظات لا يجدون قرصا واحدا".

ومن حديث سارة إلى حملة يقودها الطبيب المصري محمود فؤاد عضو مجلس‏ ‏الاتحاد العالمي لمحاربة فيروس سي‏‏ و‏‏المدير التنفيذي‏ بالمركز المصري للحق في الدواء (ابن سينا)، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، عن نقص الدواء "مينستنون" المعالج لمرض "الوهن العضلي" منذ نحو عامين بعد وقف استيراده واختفاء البديل المصري له من الأسواق أيضا.

 فؤاد، أشار إلى ظهور نوع من الدواء يباع بسلاسل الصيدليات الكبرى، ويحتكره ما أسماهم "تجار الموت" و"مناديب عزرائيل"، يبيعونه بأربعة أضعاف سعر الدواء الأصلي، مؤكدا أن 18 ألف مريض مصري فقير يموتون سنويا بسبب اختفاء هذا الدواء.

وتحدث المحاسب بمؤسسة الإصلاح الخيري، منتصر فرج، في محافظة المنيا (جنوبا) عن عدم وجود الدواء بالصعيد، وقال مؤكدا على حديث الطبيب محمود فؤاد، إنه يعمل في العمل الخيري، وتوجد في الجمعية حالتان لطفلة 8 سنوات وسيدة فقيرة مصابتان بوهن العضلات، ولا يجدون لهما العلاج، داعيا من يجده أن يوفره لمرضى الصعيد.

من جانبه، أكد رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية الدكتور على عوف، لموقع "فيتو"، أن العقار كانت تستورده الشركة المصرية لتجارة الأدوية ثم توقفت عن استيراده، وحاليا هناك شركة "مالتي فارم" مسؤولة عن استيراده، ولا تستورده بانتظام.

ولم يرد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة على تساؤلات المرضى التي طرحها عليه مراسل "عربي21"، حول أسباب اختفاء الدواء، والمسؤول عن هذه الأزمة، والإجراءات التي اتخذتها الوزارة.

0
التعليقات (0)