رغم كل ما حدث وما يحدث كل يوم، يظل البعض يتباكى على نُظم القهر والفساد، فهناك من يتصور أو يصور لنفسه ولنا أن بقاء أي فرد من آل سعود في الحكم هو ضمان لبقاء الوطن، وكأننا نستمع من جديد لمبارك والقذافي والأسد يرددون مقولتهم البلهاء "أنا أو الفوضى"، أو ذلك الفاشي السيسي وهو يوهم شعبا مستسلما بأنه أنقذ مصر من أن تكون مثل ليبيا وسوريا، وهو وحلفاء الشر يدمرون ليبيا وسوريا، ولن ننسى ما أصاب اليمن على أيديهم.
ولا عجب أن تلك الأقوال هي ذاتها التي يرددها سيدهم الجالس في القدس المحتلة، وهو يقوم بجولته هو والسيسي لإنقاذ ابن سلمان الذي انقضت صلاحية ملكه قبل أن تبدأ ولاية عهده لملك ليس له وجود. ففي المجتمعات المتحضرة والنظم المحترمة، وبالرغم من عدم إمكانية إثبات التهمة على رأس النظام، يعتبر ذلك الرأس مسؤولا ويعزل إن لم يستقل طواعية، ولكن في دول كمثل ممالك وجمهوريات الموز التي يتميز فيها النظام بالتناحة وعدم الاكتراث إلا بذاته، فلا مانع من استمراره في مسلسل القتل.
إن تاريخ آل سعود في الإجرام لا مثيل له، وللأسف لم ننتبه عن غفلة أو قصد لجرائمهم خلال قرابة 300 عام منذ الدولة الأولى وحتى الآن، وكأننا لا نعيش جريمة حرب اليمن التي نظمها وعمل على إشعالها وداوم على قتل أطفالها نظام آل سعود، من عبد الله إلى سلمان وابنه، وما هي إلا حلقة من حلقات نظام تأصل القتل في دمه.
هذا ليس إقلالا من دور آل زايد، والذي كان وما زال شريكا في حرب اليمن ووأد الربيع العربي حماية لمصالحهم الشخصية ومصالح الصهيونية العالمية. هم شركاء نازية القرن الحادي والعشرين، والتي يتصدر أتباعها الحكم على الأرض العربية والبيت الأبيض والعديد من الدول الأوربية، بل وزحفت لأمريكا الجنوبية من كولومبيا إلى البرازيل.
إن سوء أداء النظم الديمقراطية الوليدة في دول العالم الثالث يرجع لعوامل عدة، على رأسها نقص الخبرة، وتعمد تلك النازية الجديدة محاربتها وحصارها للحفاظ على مصالح الاستعمار في صورته الجديدة. قد يغضب البعض من قصارى النظر من استخدامي لمصطلح النازية في هذا السياق، ولكني أدعوهم للعودة قليلا للوراء والربط بين ثلاثة موجات عنصرية، ألا وهي:
محاكم التفتيش في الأندلس (إسبانيا)، والتي وجهت كراهيتها وعنصريتها ضد اليهود والمسلمين، وهي متوشحه بوشاح الدين، ثم جاء هتلر فوجه كراهيته وعنصريته لكل ما هو من غير العرق الألماني، وبالطبع كان اليهود على قمة من أصابهم الأذى لأنهم كانوا أكبر جالية غير مسيحية وغير ألمانية - حسب توصيفه - وهو متمترس بالدين والقومية، وتأتي الموجه الثالثة من ذلك الحقد والكراهية لتعيد للسطح ما لم يحسم في الحربين الأولى والثانية، ألا وهي العنصرية المتجددة في ثوب أنظمه على رأس دول ديمقراطية المبادئ عنصريه الفكر والتطبيق.
فترامب وآل سعود وآل زايد، واليوم جير بولسونارو في البرازيل، وفيكتور أوربان في المجر، والقائمة تطول لمن قفزوا لسدة الحكم مستغلين معاناة الشعوب وبإطلاق الأكاذيب البراقة، وهم ليسوا إلا صورة جديده من هتلر بالوسيلة والهدف.
وعلى الجانب الآخر، القاعدة وداعش وآل سعود وآل زايد وآل سيسي، هم ذات الصورة على أرض العرب. وأرجو ألا يحاول البعض الدفاع عن بعض صور ملوكهم، كفيصل وغيره، فلا تنسوا أن عصر فيصل كان أكثرهم دموية على يد وزير داخليته فهد، العصر الذي انتهى باغتيال فيصل شخصيا، والذي سبق وكان وزيرا للداخلية هو الآخر.
إن أشد ما يحزنني هو دفاع البعض عن تلك الأنظمة التي أثبتت عبر التاريخ وقوفها في صف أعداء العرب والإسلام، ثم يأتي بائس مغرر به ليطل علينا بأقاويل مثل حماية السنة من الشيعة، وما تقوم تلك الأنظمة إلا بإبادة السنة والشيعة حماية للحركة الصهيونية التي تحمي عروشهم، ولا دليل أكثر من تدمير اليمن وخذلان شعب سوريا، بل وإذلال سنة لبنان بادعاء حمايتهم.
إن النداءات الشبيهة بأقوال الطغاة، "أنا أو الفوضى" و"أنا أو الحرب الأهلية" و "نحن حماة الإسلام" أو "نحن حماة السنة"، ما هي إلا اداة للترهيب من الثورة وحماية النظم المتسلطة بلا وجه حق.
إن الثورة وإن واكبها بعض الفوضى في بدايتها، هي الطريق الوحيد لمستقبل أفضل للجميع.. الثورة العربية الشاملة التي يجب أن يكون أهم أهدافها تنقية الخطاب الديني من تراث تلك الطغمة، وتحرير إرادة الشعوب ورفض أن نحكم باسم الدين.
إن الحجر على تلك الأنظمة التي تبدد ثرواتنا البشرية والمادية وتستبيح دماءنا وأعراضنا أصبح فرضا علينا جميعا، وإن العالم مطالب اليوم بالوقوف وقفة موحدة ضد ذلك النظام المجرم الذي لا قيم له ولا حدود لإجرامه، حيث تنقل من الاعتقال للتجسس، وحتى القتل العمد أصبح من أسس تعامله، وإن لم نفعل ذلك سنرى إجرامهم يمتد ليشمل كل بقاع الأرض.