طب وصحة

هل الاكتئاب مرتبط بالجينات؟

طبيبة نفسية: الإنسان في مرحلة ما من حياته معرض للإصابة بالاكتئاب- جيتي
طبيبة نفسية: الإنسان في مرحلة ما من حياته معرض للإصابة بالاكتئاب- جيتي

ما زال الربط بين بعض الأمراض النفسية والعامل الوراثي مثارا للجدل، ومنها الاكتئاب، فالبعض يربطه فقط بالبيئة والظروف المحيطة بالإنسان، وهناك من يقول إن هناك علاقة للجينات بالأمر.

وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة "ميرور" البريطانية عن الطبيبة ميريام ستوبارد قولها: "بالطبع، الجينات تلعب دورًا مهما في الاكتئاب، فإذا كان والداك يعانيان منه، فإن فرص إصابتك به تزداد بشكل كبير".

وأشارت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الإنسان في مرحلة ما من حياته معرض للإصابة بالاكتئاب، ولفتت إلى أن واحدا من كل أربعة أشخاص معرض للإصابة به، لكن خطر إصابتك يتضاعف ثلاثة مرات إذا كان احد والديك مصابا بالاكتئاب.

وأوضح التقرير أن "الأبحاث المتعلقة بالتوائم أشارت إلى التوائم المتطابقة يتشاركون حالات اكتئاب أكثر من التوائم غير المتطابقة، وهذا دليل أن جينات الاكتئاب تورث".

من جهتها، قالت أخصائية الهندسة الوراثية، فاطمة عناية، لـ"عربي21": "نعم صحيح، هناك جينات تسبب الكآبة، وتؤثر على الجهاز العصبي المركزي وعمل الدماغ والنواقل العصبية، بالتالي هي تتبع قوانين مندل للعوامل الوراثية".

ونصحت بعدم الارتباط بشريك حياة له ماض في الاكتئاب.

من ناحيته، أشار أخصائي الطب النفسي زهير الدباغ إلى أن "العامل الوراثي له دور كبير في العديد من الأمراض، والاكتئاب من هذه الأمراض الذي يحدث بسبب تغيرات في فعالية وكفاءة مناطق أو موصلات عصبية في الدماغ".

وتابع الدباغ في حديث لـ"عربي21": "قد يكون هذا التأثير الجيني مباشرا، حيث تظهر الأعراض الاكتئابية في مرحلة مبكرة من العمر، أو عن طريق العامل البيئي، بمعنى أن تصبح كآبة الوالدين عاملا رئيسيا في تغيرات سلوكية لدى الطفل، وهو ما يؤثر بدوره على المناعة الجسدية وعلى ارتفاع في هرمون التوتر (كورتيزول)، ويؤدي ذلك إلى ضمور مناطق معينة من الدماغ مسؤولة عن المزاج والتركيز والحيوية، وهذه جميعاً يسبب انخفاضها تؤدي إلى ظهور الأعراض الاكتئابية".

بدوره، قال أخصائي الطب النفسي علاء الفروخ لـ"عربي21": "لا شك بأن الجينات تلعب دورا في الاكتئاب، بمعنى الاستعداد الجيني وليس بتجمع جينات متنحية أو وجود جينات سائدة كما في الوراثة المندلية، وهذا موضوع متخصص تفصيلي، ولكن المهم هو أن الجينات تلعب دورا، لكن ليس بالضرورة أن يصاب الشخص بالاكتئاب إذا كان أحد والديه أو كلاهما مصابا به".

وأضافت الصحيفة: قد تقول إن الأشخاص المصابين بالاكتئاب هم تقريبا مثلنا، لكن الجينات مهمة؛ لأنها من الأسباب الجذرية للاكتئاب، ومن المعروف أن العديد منها توجه كيفية عمل الدماغ، ويُعتقد أن اضطرابات العقل تنتج عن اضطراب دماغي أساسي.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأبحاث الجديدة أثبتت بأن العديد من الجينات المورثة للاكتئاب تؤثر أيضًا على جهاز المناعة، فعند الإصابة  بالالتهاب، يكون هناك الاستجابة الدفاعية لجهاز المناعة للتهديدات مثل العدوى، فيمكن أن يسبب الاكتئاب.

وحول تأثير الاكتئاب على جهاز المناعة، قالت أخصائية الهندسة الوراثية فاطمة عناية: "الاكتئاب يسبب خللا في الجهاز المناعي، والخطورة تكمن هنا بأن الجهاز المناعي ستختلف ردة فعله اتجاه التهديدات التي تواجه الجسم، وبالتالي قد يهاجم نفسه، وينتج عندها ما يُعرف بـ"الأمراض المناعية".

وقالت الصحيفة في تقريرها إن الخبراء يعتقدون بأن التوتر الاجتماعي يثير التهابًا في الجسم، وهذا يغير طريقة عمل الدماغ، ويمكن أن يسبب الاكتئاب، وهذا يرتبط مع حقيقة أن التوتر الاجتماعي هو عامل خطر ومسبب للاكتئاب.

 

بدوره أشار أخصائي الطب النفسي علاء الفروخ إلى أن الحديث عن تأثير التوتر الاجتماعي على الإنسان والتسبب بإصابته بالاكتئاب كلها مجرد فرضيات ودراسات لم تصل لحد أن تصبح نظرية علمية معتمدة ومتفق عليها لتفسير حدوث الاكتئاب بسبب هذا التوتر.


وأضاف: "الراجح في المرجعيات العلمية أن هناك عدة عوامل ومسببات تتضافر معا لحدوث الاكتئاب وليس سببا واحدا معينا، بالتالي كما أسلفنا فيما يخص الجينات ينطبق أيضا على التوتر الاجتماعي".


وخلص تقرير الصحيفة بالقول إن هذه الطريقة في النظر إلى الاكتئاب أو مسبباته سواء الجينية أو الاجتماعية تحمل أملا في علاجات جديدة تستهدف جهاز المناعة والالتهاب، وذلك بدلا من تحسين المزاج كما تفعل مضادات الاكتئاب الحالية.

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم