هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تكن العملية الفاشلة للقوات الخاصة الإسرائيلية في شرق خانيونس التي استهدفت وفق المقاومة تنفيذ عمليات خطف أو اغتيال، أو القيام بنشاط استخباري ضروري وفق مصادر الاحتلال والتي أدت في نهاية المطاف إلى استشهاد سبعة مجاهدين وجرح آخرين ومقتل قائد القوة الإسرائيلية وإصابة نائبه بجراح خطيرة، وما أعقب ذلك من تصعيد كبير ومستمر حتى هذه اللحظة، إلا دليلا آخر على فشل إسرائيل في سياساتها الاحتلالية من خنق واختراق وحصار ضد غزة.
لم يكن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ولا مقاومته الباسلة ولا حتى حكومة الاحتلال يرغبون بهذا التصعيد الخطير و اللامسبوق منذ حرب العصف المأكول في 2014، إلا أن إصرار حكومة الاحتلال على مواقفها العدوانية وترددها ومماطلتها بل ومحاولتها العمل في عمق القطاع ومن تحت رادار مساعي وجهود الوساطة المصرية الأممية والقطرية هو ما أدى إلى هذا التصعيد.
يتحاور الطرفان: المقاومة والاحتلال ومن خلال فوهات البنادق ورشقات الصواريخ على ملامح التفاهمات أو الاتفاق المتوقع بعد أن تضع الحرب (مرحليا) أوزارها، فدولة الاحتلال تسعى كما فعلت دوما أن تحافظ على حصار قطاع غزة و عزله عن بقية العالم، و بذلك تعزيز الانقسام الفلسطيني و المساعدة في تمرير سياسات خطة ترامب أو خطة العصر والتي بدأ الاحتلال بتطبيقها أصلا على أرض الواقع منذ مدة طويلة، وهذا ما لا يقبله الشعب الفلسطيني وتحديدا مقاومته الباسلة في قطاع غزة.
لقد أثبت التصعيد المستمر مدى حاجة الشعب الفلسطيني لوسائل الدفاع عن النفس، وتحديدا امتلاك سلاح المقاومة والذي يهدف كما أظهرت التجربة في السنوات الأخيرة للحفاظ على امن وحياة وكرامة الشعب الفلسطيني في ظل احتلال عنصري لا يؤمن بالتقدم حتى في عملية سلام قائمة على اتفاقات وافق هو عليها بنفسه والتعامل مع الرئيس أبو مازن أكبر دليل.
ليس من السهل الإجابة على أسئلة التصعيد الحالي من حيث كم هي المدة الزمنية لهذا التصعيد؟ وهل ستنتج عنه تفاهمات خاصة ومحددة أم أنه سينتهي كما انتهت جولات المواجهة السابقة من هدوء مقابل هدوء مع العودة إلى مسار المحادثات غير المباشرة بين فصائل المقاومة والاحتلال بوساطة مصرية وأممية وقطرية، ولكن الواضح هو أن التصعيد هذه المرة كان مميزا من حيث وحدة فصائل المقاومة وامتلاكها لزمام المبادرة، فقد حددت زمان وطبيعة الرد على الاختراق الإسرائيلي والعملية الفاشلة في شرق خانيونس، والتي كانت القشة التي قسمت ظهر احتمال واحترام المقاومة لجهود الوسطاء العرب و الأمميين.
ومع ذلك يمكن القول أيضا إن فترة التصعيد ستكون قصيرة نسبيا، ومن غير المرجح أن تتدحرج الأمور لتصل إلى مواجهة عسكرية واسعة بين الاحتلال وغزة، فكلا الطرفين لا يرغبان بذلك رغم ما أظهرته المقاومة من جرأة وعدم خشية من الحرب في هذه الجولة الحالية، فالهدف الأول للمقاومة هو تدفيع إسرائيل ثمن اعتداءاتها المستمرة وتحديدا اعتداء القوة الخاصة في خانيونس، وأن ترسم قواعد تهدئة مشرفة تمنع إسرائيل من استباحة الأرض الفلسطينية حتى في أوقات الهدوء، وقد تكون قد فعلت.
وهكذا تستمر حروب الدفاع في فلسطين ومعارك اللاخيار في الجنوب وحوار النار في غزة ما بقي احتلال يسعى لتعزيز سيطرته الشاملة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية على أكثر من 2 مليون فلسطيني يرغبون و يمتلكون إرادة الحرية والمقاومة بكل أشكالها مهما كان الثمن من أجل ذلك، ومن المتوقع كما هي التجربة التاريخية عبر الأجيال أن يتراجع المحتل الغاصب وتتقدم حقوق الشعوب في نيل حريتها وتقرير مصيرها ولو بعد حين.