هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين
بوليسي" الأمريكية مقال رأي للناشطة الحقوقية اليمنية، رضية المتوكل،
التي سلطت الضوء على تداعيات الحرب التي شنها التحالف بقيادة المملكة
العربية السعودية والإمارات على الشعب اليمني الذي يعاني من مجاعة مدقعة.
وقالت الكاتبة، في مقالها
الذي ترجمته "عربي21"، إن قضية مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، التي
أثارت استياء وغضب الرأي العام العالمي، لم تكن أبدا أمرا مفاجئا بالنسبة
لليمنيين، الذين اعتادوا على وحشية وغطرسة النظام السعودي منذ ما يقارب عن أربع
سنوات. فقد أصبحت الغطرسة سمة مميزة للسياسة الخارجية السعودية.
وأفادت الكاتبة أن التدخل
العسكري السعودي في اليمن قطع مع الأعراف الدولية المنصوص بها. وباعتبارها من
المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون في هذا البلد، فهي على دراية تامة بالعنف
المسلط على الشعب اليمني وعمليات القتل ضد الأبرياء.
وتجدر الإشارة إلى أنه
منذ أربع سنوات شن التحالف بقيادة السعودية والإمارات غارات جوية وحشية ودامية قام
من خلالها بقصف المدن اليمنية، وحصار الموانئ. فمنذ اندلاع هذه الحرب، شنت قوات
التحالف أكثر من 18 ألف و500 غارة جوية، أي بمعدل يزيد عن 14 هجوما كل يوم لأكثر
من 1300 يوم. فضلا عن ذلك، منع التحالف وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين
المحتاجين.
اقرأ أيضا: معارك الحديدة تحرم اليمنيين من الغذاء.. "الإمدادات في خطر"
وأضافت الكاتبة أن
قنابل محمد بن سلمان وحلفائه الإماراتيين تقتل عشرات الأبرياء كل يوم. ولم
يكن بإمكان قوات التحالف الاستمرار في حربها هذه دون تلقي الدعم العسكري
اللازم من حليفهم المشترك، الولايات المتحدة الأمريكية. ففي الواقع، تزود واشنطن
الطائرات السعودية بالوقود للوصول إلى أهدافها العسكرية المرسومة، كما أن القنابل
التي تسقط بشكل يومي على مدارس ومنازل اليمنيين من صنع أمريكي وبريطاني.
وفي خضم كل هذه الأحداث
الدموية، اكتفت الولايات المتحدة بالتعبير عن غضبها بشكل مقتضب، واقتصر رد فعلها
على التنديد ببعض الهجمات المأسوية، على غرار تفجير حافلة مدرسية خلال شهر آب/
أغسطس الماضي، الذي أودى بحياة العشرات من الأطفال.
وأكدت الكاتبة أن جرائم
النظام السعودي في اليمن لم تقتصر على القصف المتعمد والممنهج ضد المدنيين، الأمر
الذي يُعدّ في حد ذاته انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، بتصعيدها لوتيرة الحرب
وتدمير البنية التحتية الأساسية، تتحمل المملكة العربية السعودية مسؤولية وفاة
عشرات الآلاف من اليمنيين جراء الأمراض والمجاعة الناجمة عن الحرب.
وأفاد التقرير الذي
أصدرته منظمة الأمم المتحدة أن الحصار الذي فرضته قوات التحالف كان له "آثار
مدمرة على المدنيين" في اليمن، فقد استهدفت الغارات الجوية بقيادة السعودية
والإمارات قطاع إنتاج الأغذية ومسالك توزيعها، وشملت قطاع الزراعة وصناعة صيد الأسماك.
علاوة على ذلك، تسببت
الحرب في انهيار العملة اليمنية، مما أدى إلى إضعاف القدرة الشرائية للملايين من
السكان الذين لم يتمكنوا من شراء المواد الغذائية الموجودة في الأسواق، فقد ارتفعت
أسعار المواد الغذائية بشكل مطرد لدرجات كبيرة. كما لم يتقاض موظفو الخدمة المدنية
مرتباتهم بشكل منتظم خلال سنتين. في الأثناء، يعاني الملايين من اليمنيين من مجاعة
مدقعة أدت إلى وفاة الآلاف منهم، في حين تستخدم القوات السعودية تجويع المدنيين
كسلاح حرب.
والجدير بالذكر أن أكثر
من 22 مليون نسمة، في الوقت الراهن، يعتمدون على المساعدات والحماية التي توفرها
المنظمات الدولية. وقد حذرت منظمة الأمم المتحدة خلال شهر أيلول / سبتمبر الماضي،
من أن أكثر من 8 ملايين يمني يعيشون على أعتاب مجاعة محققة، ومن المرجح أن يرتفع
هذا العدد إلى 14 مليون، أي نصف سكان البلاد، بحلول نهاية السنة
الحالية.
وأحالت الكاتبة إلى أن
العديد من الأطراف الأخرى، إلى جانب المملكة العربية السعودية، تشترك في الدمار
والخراب الذي طال اليمن. فقد وثقت منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان، التي
أسستها صحبة زوجها، انتهاكات قام بها الحوثيون ضد المدنيين. فقد قتلوا وأصابوا
المئات منهم جراء استخدام الألغام والقصف العشوائي.
فضلا عن ذلك، قامت
المليشيات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة والمليشيات المدعومة من الحكومة
اليمنية والمليشيات الحوثية باعتقال وتعذيب المدنيين. لكن بالتزامه الصمت إزاء
المجازر والانتهاكات التي ترتكب ضد الشعب اليمني، منح المجتمع الدولي حصانة
للسعودية وجميع أطراف الصراع، وشجعهم على الاستمرار في التناحر.
وأوردت الكاتبة أن شعوب
منطقة الشرق الأوسط عانت على مر السنين من المعايير المزدوجة للمجتمع الدولي في
مجال حقوق الإنسان، حيث تغض القوى الغربية الطرف عن الانتهاكات الجسيمة التي
يرتكبها حلفاؤها في المنطقة، بدءا من شاه إيران السابق، وصدام حسين، وصولا إلى ولي
العهد السعودي، محمد بن سلمان.
اقرأ أيضا: 35 منظمة حقوقية تحذر: نصف سكان اليمن على حافة المجاعة
ويتجسد أسلوب الكيل
بمكيالين الذي ينتهجه صانعو السياسة في الدول الغربية من خلال التقليل من أهمية
الانتهاكات التي تقوم بها السعودية والإمارات ضد المدنيين في اليمن، متحججة في ذلك
بالحاجة إلى المحافظة على علاقة الشراكة مع الرياض لمنع التهديدات الإيرانية
المحتملة على المجتمع الدولي. ولكن هؤلاء المسؤولين على الأرجح لم يتساءلوا عما
إذا كان هذا المجتمع نفسه معرضا للخطر أيضا، من قبل الانتهاكات اليومية للمبادئ
الدولية الأساسية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية.
وفي الختام، تطرقت
الكاتبة إلى التغطية الإعلامية الدولية، التي طالت قضية الاغتيال المروع لجمال
خاشقجي، وتجاهلت المجازر اليومية التي تقوم بها السعودية وحلفاؤها في حق المدنيين
الأبرياء في اليمن، مما كشف عن العلاقات النفعية بين الدول التي تجمعها مصالح
مشتركة.
لقراة النص الأصلي اضغط (هنا)