هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طبخ اتفاق التهدئة في مخيم "المية ومية" في جنوب لبنان على نار هادئة من قبل حزب الله وحركة أمل، وانتزع فتيل الانفجار بإخراج أمين عام حركة انصار الله جمال سليمان من المخيم برفقة قرابة عشرين من أنصاره إلى منطقة المزّة السورية، وسط تساؤلات عن السيناريوهات القادمة التي قد تشهدها المخيمات الفلسطينية كافة.
وكانت المعارك احتدمت خلال الشهر الماضي بين حركتي فتح وأنصار الله في "المية ومية" المجاور لما يعرف بعاصمة الشتات الفلسطيني "مخيم عين الحلوة"، على خلفيات اتهامات متبادلة بتدبير محاولات اغتيال.
وتعدّ حركة أنصار الله من القوى المؤيدة والمدعومة بقوة من حزب الله قبل أن تتدهور العلاقة بين سليمان وقيادة الحزب بسبب "تجاوزات أمنية ارتكبها الأول".
اقرأ أيضا : زعيم جماعة فلسطينية يغادر لبنان إلى سوريا بموجب تسوية
وأدى الخلاف إلى إعلان سليمان فكّ الارتباط عن الحزب، غير أن الواضح أن تحييد سليمان إلى سوريا جاء لحرص حزب الله على عدم تفتيت حركة أنصار الله، وإبقائها حاضرة في الساحة الفلسطينية اللبنانية عبر منح الثقة إلى نائبه الشيخ ماهر عويد الذي تربطه مع قيادة الحزب علاقة وثيقة.
جولة فصائلية
وقامت فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان بجولة ميدانية في مخيم المية ومية، الخميس، وضمّ الوفد قائد "الأمن الوطني الفلسطيني" في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، أمين سر إقليم لبنان في حركة "فتح" حسين فياض، وعضو المكتب السياسي لـ"جبهة التحرير الفلسطينية" صلاح اليوسف، وعضو المكتب السياسي لـ "الجبهة الديمقراطية" عدنان أبو النايف، أمين سر "اللجان الشعبية الفلسطينية" في لبنان أبو إياد شعلان ومشاركة لافتة من نائب أمين حركة أنصار الله الشيخ ماهر عويد.
وعلمت "عربي21" من مصادر داخل مخيم المية ومية أن عويد تسلّم زمام أمور الحركة تماما من النواحي كافة بما فيها المقر السابق لجمال سليمان.
فتح "متفائلة"
وأبدى القيادي في حركة فتح اللواء منير المقدح تفاؤله، قائلا: "عاد مخيم المية ومية إلى وضعه الطبيعي"، مثمنا جولة "أمين سر الفصائل مع وفد من قوى التحالف الفلسطينية للتثبت من استبباب الأمور والتأكيد على أمن واستقرار المخيم".
ورأى أن الحلّ الذي تم على إثره إخراج جمال سليمان من المخيم هو بمثابة "أضعف الإيمان لمعالجة الأوضاع المتأزمة خلال الفترة الماضية، ولتمهيد الطريق أمام عودة الأهالي الذين نزحوا عن مخيمهم خلال فترة الاشتباكات الماضية".
وحول مدى ضمان منع تجدد الاشتباكات في المخيم، قال المقدح في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "نأمل أن يؤمن الاتفاق الذي أبرمته القوى الفلسطينية وبإشراف أطراف لبنانية الاستقرار ومنع تأزّم الأمور مرة جديدة".
اقرأ أيضا : معارك "المية ومية".. من يريد نزع السلاح الفلسطيني؟
وردا على مطالبة بعض الأطراف اللبنانية بضرورة سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات، أكد المقدح أن "طرح المطالب بهذه الطريقة يخدم مباشرة الاجندات التي تحاك في الأروقة والتي تصبّ في سياق تنفيذ خطة صفقة القرن".
ولفت إلى أن "الفصائل الفلسطينية توافقت مع الرؤية اللبنانية المجتمعة على ضبط وتنظيم السلاح داخل المخيمات"، داعيا الفلسطينيين إلى "الإلتقاء حول ضرورة منع تفلّت السلاح وحصّره بما يخدم حق العودة إلى فلسطين ومنع استخدامه لغايات ضيقة بما يخلّ أيضا بأمن الجوار اللبناني".
وأمل المقدح من الجكومة اللبنانية بعد تشكلها بأن "تضع على أولوياتها ملف اللجوء الفلسطيني في لبنان ومقاربته في جوانبه كافة الأمنية والسياسية والإنسانية".
موضحا: "من حق الشعب الفلسطيني الموجود على الأراضي اللبنانية أن يمنح أبسط حقوقه المدنية والسياسية لمواجهة أولا مخططات توطين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم".
وشدّد على ضرورة مواجهة هذه المشاريع من خلال "الالتقاء الفلسطيني- اللبناني حول سبل الدفاع عن الثوابت المشتركة"، مبينا أن "العلاقة بين القوى الفلسطينية والأطراف اللبنانية متينة في ظل التنسيق والتشاور التام".
أقل الخسائر
واعتبر أمين سر القوى الإسلامية الفلسطينية الشيخ جمال خطاب أن حركة فتح "تحاول إظهار الأزمة الأخيرة في المية ومية بأنها شخصية مع جمال سليمان وحلقته الضيقة وليست مع حركة أنصار الله"، مبينا أن الجولة التي قام بها اللواء صبحي أبو عرب مع الشيخ ماهر عويّد في المخيم تبعث رسالة مطمئنة إلى الأهالي بأن الأزمة انتهت و أن الخلاف تمّ تطويقه".
اقرا أيضا : حماس ترعى وقفا لإطلاق النار في مخيم "المية ومية" في لبنان
وأعرب الشيخ خطاب عن تفاؤله من "الإيعاز الفصائلي إلى وكالة الاونروا لفتح مراكزها وعودة الحياة إلى طبيعتها"، مشيرا إلى أن "الاتفاقات الضامنة سواء من قبل حركة أمل (برئاسة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري) وحزب الله تمنح ثقة بعدم تكرار السيناريوهات السابقة".
وفيما يتعلّق بطبيعة الاتفاق وكيفية إخراج جمال سليمان باتجاه سوريا، قال: "جاء الاتفاق على أساس تقليل الخسائر ومنع استمرار التدهور الأمني و الدمار".
لافتا إلى أن "التوافق على هذا المخرج جاء حرصا على وجوديّة مخيم المية والمية إزاء المعارك السابقة وما يمكن أن تخلفه لو استمرت على الصعد كافة".