نشر موقع
"
ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا، سلط من خلاله الضوء على الشبكة
الأمنية التي بناها ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان حوله بهدف تقويض حريات شعبه
وقمع الناشطين والمعارضين على نحو فعال.
وقال الموقع، في
هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن قضية خاشقجي كشفت أن إدارة محمد
بن سلمان تمتلك حلفاء ووكالات تابعة لها تخولها مواجهة الأزمات وأي اتهامات من قبل
المجتمع الدولي. وفي حال تسليط عقوبات دولية على المملكة العربية
السعودية، لن
يتأثر نظام ابن سلمان بشكل كبير، كما أنه سيتجه نحو فرض سيطرته الكلية وتضييق
الخناق على المواطنين السعوديين محليا.
وأورد الموقع أن
ولي العهد الشاب اعتمد استراتيجية توحيد السلطة، حيث اضطلع بمنصب ولي العهد سنة
2017، فضلا عن أنه استأثر بمنصب وزير الدفاع، ليسمح له ذلك بتشديد قبضته على
الأجهزة العسكرية والأمنية في المملكة العربية السعودية. وتجدر الإشارة إلى أن
المناصب القيادية كانت توزع على مختلف أفراد العائلة الملكية في السابق.
وأضاف الموقع أن
ولي العهد تذرع بإجراء إصلاحات وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية للتخلص من
جميع المنافسين، على غرار الأمير محمد بن نايف الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية.
وعمل ابن سلمان على دمج جهازي الاستخبارات الداخلية ومكافحة الإرهاب لتشكيل مؤسسة
جديدة تعرف باسم "رئاسة أمن الدولة"، التي كانت تتلقى تعليمات بوجوب
تقديم تقاريرها إلى محمد بن سلمان بشكل مباشر.
ومن جهته، اعتبر
الصحفي الراحل، جمال خاشقجي، أن خطوات ابن سلمان آنذاك كانت بمثابة "إصلاح
متأخر"، قائلا إن ولي العهد فاز في حربه على السلطة التي شنها ضد الأمير ابن
نايف. وشملت التغييرات التي قادها ولي العهد نقل دائرة التحقيقات العامة، لتصبح
بذلك رئاسة أمن الدولة وإداراتها الفرعية التابعة لها خاضعة لسلطة ولي العهد، علما بأنها تهدف بالأساس إلى التجسس الرقمي على المعارضين.
وأفاد الموقع بأن
محمد بن سلمان قام بتغيير العديد من القادة في سلكي الجيش والحرس الملكي منذ
تعيينه وليا للعهد سنة 2017. وخلال شهر شباط/ فبراير 2018، عُيّن ذو الـ33 سنة قائدا
جديدا للقوات المسلحة في السعودية، فضلا عن القوات الجوية والبحرية، التي تلقت أوامر بتقديم تقاريرها إليه بصفة مباشرة.
ووفقا لوثيقة
سرية غير منشورة، أفاد المحلل العسكري نيل بارتريك بأنه من المقرر تعيين 800 موظف جدد في الإدارات
التي تخضع لسيطرة محمد بن سلمان بحلول نهاية سنة 2019. ويبدو أن وجود جيل جديد من
الضباط الموالين لولي العهد سيعزز وضعه الأمني كثيرا، ما يعني امتلاكه سلطة أكبر
على المؤسسات الأمنية.
وحتى في حال كان
الضباط لا يدينون بشكل كامل لمحمد بن سلمان نظير تعيينهم، كما هو الحال مع الحرس
الوطني السعودي، فقد تحول سلطة ولي العهد على الوزارات الحربية والدفاع الوطني دون
تشكيلهم أي تهديد. وعلى المدى الطويل، يرى بارتريك أن ابن سلمان يسير نحو مزيد من فرض
سيطرته على الأجهزة الأمنية بالمملكة.
وبين الموقع أن
محمد بن سلمان عمل على إقرار تغييرات جذرية لتوسعة المصالح الاقتصادية والتجارية
لقطاعي الدفاع والأمن. ونتيجة لذلك، وقع تأسيس الشركة السعودية للصناعات العسكرية
في أيار/ مايو 2017 بصفتها شركة فرعية تابعة لصندوق الاستثمارات العامة، وهو
الصندوق السيادي السعودي الذي يترأسه ولي العهد محمد بن سلمان.
وللتعامل مع
الصفقات الشرائية لوزارتي الدفاع والداخلية، عمل ولي العهد الشاب على تأسيس الهيئة
العامة للصناعات العسكرية، التي عملت بتوافق تام مع بقية الوزارات تحت سلطة لجنة
مشتركة يقودها ابن سلمان بنفسه. وفي الوقت الذي كانت فيه الحكومة السعودية تهدف إلى كبح
جماح الفساد عن طريق إحداث هذه الهيئة، فقد تسبب تأسيسها في مزيد من تقليص دور منافسي ابن
سلمان المحتملين من العائلة الملكية.
وأوضح الموقع أن
الهيئة العامة للصناعات العسكرية ساهمت في تزويد محمد بن سلمان بأصول مالية
إضافية، حيث اكتسب القدرة على تحويل الاستثمارات والمشاريع الممولة من طرف صندوق
الاستثمارات العامة إلى وكالات الدفاع والأمن التابعة له. وباستخدام سلطته على
اعتبار أنه رئيس لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي، فإنه يمكن لابن سلمان تنقيح أو
إلغاء عقود البناء المدنية الضخمة كما يحلو له.
وذكر الموقع أنه
لا يمكن اعتبار ممارسات محمد بن سلمان أمرا جديدا كليا، بل إنها مرتبطة بشكل كبير
بالتغييرات الداخلية في المجالات الاقتصادية والمؤسسية التي تقودها المملكة
العربية السعودية منذ سنوات. وقد ساهمت هذه التغييرات في وضع محمد بن سلمان في
المركز تماما ليكون مشرفا على هذه المؤسسات.
وبغض النظر عن
تداعيات قضية مقتل جمال خاشقجي، يتمتع محمد بن سلمان بسلطة نافذة تخول له مقاومة
أي محاولة داخلية لتنحيته عن منصبه. وبالنظر إلى مدى تورط الغرب اقتصاديا مع
النظام السعودي، فإنه سيتطلب إسقاط ولي العهد وإضعاف موقفه المحلي عقوبات دولية مجحفة
للغاية.
وفي الختام،
أورد الموقع أنه حتى في فرضت الحكومات الغربية عقوبات قاسية على السعوديين، فإنها لا تزال مطالبة بالوصول إلى عمق المؤسسات الأمنية والعسكرية السعودية
وشلها بشكل كامل، لكي لا تعمل بشكل مماثل للاتجاه الذي حدده ابن سلمان.