هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت حادثة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول الأبواب على مصراعيها لتوجيه انتقادات واسعة وقاسية لكافة الملفات التي أدارتها الحكومة السعودية في عهد ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.
وينظر على نطاق واسع إلى التدخل السعودي العسكري في اليمن، الذي بدأته الرياض في 25 مارس/ آذار من عام 2015، على أنه أحد تلك الملفات التي فشلت السعودية في إدارته سياسيا وعسكريا، إذ لم تحقق السعودية جراء العملية العسكرية التي أطلق عليها "عاصفة الحزم" شيئا يُذكر من أهدافها المعلنة بحسب مراقبين ومحللين.
ووفقا للكاتب الصحفي والباحث السياسي اليمني، ياسين التميمي فإن السعودية "لم تحقق من حربها على اليمن أيا من أهدافها الإستراتيجية المعلنة، فهي لم تحقق الأمن الاستراتيجي الذي كانت تنشده من وراء إنهاء خطر الحوثيين في اليمن باعتبارهم أدوات بالوكالة لإيران".
اقرأ أيضا: ماذا تمثل هتافات جنوب اليمن ضد السعودية وملكها؟
ولفت التميمي إلى أن السعودية "وهي تستغل سيطرتها العسكرية الشاملة على اليمن، بذريعة دعم سلطته الشرعية، تواجه تحديات عميقة في تحقيق هدف الهيمنة والاستحواذ على الأراضي، والذي يجري تحقيقه على قدم وساق لكن في ظل تحديات بالغة، وغضب كبير من اليمنيين".
وأردف قائلا لـ"عربي21": "اليمنيون ينظرون إلى ما تقوم به جارتهم الكبيرة باعتباره سلوكا مستهجنا وخارج عن الأهداف المعلنة لتدخلها العسكري على رأس تحالف عربي تآكل، ولم يبق منه سوى القليل".
وتعليقا على ما قاله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مناسبات متعددة من أن بلاده لن تقبل بوجود حزب الله آخر عند حدها الجنوبي، وأنه سيجتث الحوثيين في أيام قليلة، قال التميمي: "طالما تحدث ابن سلمان عن ذلك، لكن الحوثيين لا يزالون بعد هذه الحرب قوة عسكرية وسياسية مهيمنة في أهم مساحة جغرافية، حيث يتركز معظم سكان اليمن".
اقرأ أيضا: هيل: على أمريكا لجم الأمير الصغير المتهور ابن سلمان
ورأى الكاتب والباحث السياسي اليمني أن "السعودية لم تحقق السلام في اليمن، ولم تنقذه من أسوأ كارثة إنسانية، في الوقت الذي تتهيأ فيه الأمم المتحدة لإعلان اليمن مكانا لأسوأ مجاعة في القرن الحالي"، مضيفا: "السعودية خسرت فرصة تاريخية لإعادة صياغة العلاقة مع جارتها الجنوبية، بعد عقود من التوتر وعدم الانسجام وانعدام الثقة".
ووصف التميمي "مسار الحرب وفق الإستراتيجية السعودية والإماراتية بأنه يمضي باتجاه مغاير لمصالح الشعب اليمني، وهو ما وحد اليمنيين على عداوة السعودية وكراهيتها والنظر إليها كبلد احتلال أكثر من أي شيء آخر".
من جهته اعتبر الصحفي اليمني، رئيس تحرير موقع عرب برس، فضل العيسائي "نجاح السعودية في الحرب الدائرة في اليمن لم يكن على مستوى الجزيرة العربية فحسب، بل تجاوز الحدود العربية، إذ إن العرب كانوا في مرحلة الضعف خاصة بعد سقوط عدد من الدول العربية في وحل الصراعات، ما أضعف المواقف العسكرية، والإجراءات المحتملة لمواجهة الخطر المستهدف للمنطقة برمتها".
ورأى العيسائي في حديثه لـ"عربي21" أن "أكبر نجاح تمثل في إنشاء تحالف عربي، لكشف ملفات الخطر على المنطقة، وقد تحقق خلال أربع سنوات نزع اليمن من براثن مشروع الملالي، وإعادته إلى الحضن العربي، ما يعني تدمير حلمهم في السيطرة على اليمن".
اقرأ أيضا: إنترسبت: هذه مذكرة بومبيو لتبرير دعم التحالف السعودي باليمن
وردا على سؤال حول تقييمه للتدخل العسكري السعودي في اليمن بعد دخوله العام الرابع، وما يقال من أنه مني بالفشل، أبدى العيسائي تحفظه الشديد على إطلاق ذلك الوصف بقوله: "الحكم بالفشل توصيف يحتاج إلى إعادة النظر لأن بروز السعودية عسكريا يكفي أن يكون نجاحا، وهي اليوم القوة التي لا يمكن تجاوزها" على حد قوله.
بدوره لفت الأكاديمي السعودي، الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي إلى أن "تراجع السعودية عن الحرب في اليمن أمر مرغوب فيه لديها، لكن يعيقه الخوف من وصمة الهزيمة وتبعاتها، ثم الخوف من الحوثيين حيث أصبحوا الآن أكثر خبرة من ذي قبل، وزاد عدد المنضوين إليهم بعد أن ضيقت المملكة على المقيمين اليمنيين".
وتابع حديثه لـ"عربي21" بالقول: "وبعد أن رحلت السعودية أعدادا منهم إلى اليمن، لم يجدوا لهم وسيلة للعيش إلا بالانخراط في صفوف الحوثيين، يضاف إلى ذلك أن إيران لن تترك اليمن بسهولة، فهو وسيلتها في استنزاف المملكة، والحوثيون يقبلون توجيهاتهم".
من جانبه وصف أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية الأردنية، الدكتور جمال الشلبي الحرب السعودية على اليمن "بأنها أساءت كثيرا للسعودية، وأوقعتها في مأزق اقتصادي كبير، وأرهقتها بدفع مبالغ مليارية للإنفاق على تلك الحرب المدمرة، والتي خدمت بالدرجة الأولى مصانع السلاح الأمريكية".
وركز الشلبي في تصريحاته لـ"عربي21" على أن هذه الحرب "أظهرت ضعف العسكرية السعودية بصورة مؤسفة، فبعد أن وعدت الرياض بالحسم خلال أيام معدودة، فإن الحرب ما زالت مستمرة بعد أن دخلت عامها الرابع، وما زال الحوثيون قوة عسكرية مهيمنة ومسيطرة على العاصمة صنعاء، شئنا أم أبينا".
وحدد الشلبي مظاهر فشل السعودية في حربها على اليمن بعدة نقاط، من أبرزها: "فشلها في إسقاط نظام الحوثيين، وعجزها عن إرجاع الشرعية، واستنزافها ماليا بشكل كبير أضعفها اقتصاديا، وتشويه سمعتها عربيا ودوليا نتيجة أخطائها الفظيعة في استهداف المدنيين في المستشفيات والمدارس والأماكن العامة".
وأبدى الشلبي في ختام حديثه أسفه الشديد على الدم العربي الذي يراق هكذا في معارك مجنونة، متسائلا: لمصلحة من يتم هذا؟ وإلى متى يبقى بعض الساسة يصرون على المضي قدما في سياسات فاشلة؟ داعيا إلى إيجاد مخرج آمن عبر وسيط دولي فاعل ونزيه، لإيجاد تسوية مرضية لجميع الأطراف، تحفظ كرامة الإنسان العربي، وتصون مقدرات الدول العربية وثرواتها من أن تستنزف في حروب مدمرة وخاسرة.