هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شهدت العائلة الحاكمة في السعودية تصدعات منذ
صعود الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد بعد الإطاحة بسلفه وابن عمه محمد بن
نايف بن عبد العزيز وشن حملة اعتقالات واسعة بحق العديد من الأمراء والشخصيات
الكبيرة في المملكة.
ومنذ توليه المنصب كوّن ابن سلمان علاقة قوية
مع صهر الرئيس الامريكي "جاريد كوشنير"، وساهمت هذه العلاقة بتقريبه من
دونالد ترامب، والذي تسبب له في الكثير من الحرج بعدة مناسبات كان آخرها قبل أيام
حين طلب بطريقة الأمر أن تدفع السعودية له الأموال مقابل حمايتها.
وتحدثت العديد من التقارير أن هناك حالة من
النقمة والغليان في أوساط آل سعود من ممارسات ولي العهد وزادت هذه الحالة بعد
اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، مما أثار التساؤلات بشأن ما إذا كانت ستتسبب هذه
الحادثة في تحرك العائلة للتخلص منه بعد المأزق الذي وضعهم فيه.
حالة غليان
الأمير خالد الفرحان آل سعود قال إن "الأسرة الحاكمة منذ وصول الملك سلمان للحكم وهي في حالة غليان، وما قضية
اختفاء الصحفي جمال خاشقجي إلا جزء بسيط من أسباب غليان هذه الأسرة".
وتابع الأمير الفرحان الذي يعيش بمنفاه في ألمانيا
في حديث لـ"عربي21": "وفضلا عن اختفاء خاشقجي هناك أيضا صفقة القرن
والحديث عن دور السعودية فيها، واعتقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري
بالرياض".
وأوضح أنه "بعد اختفاء خاشقجي ذهب بعض
الأمراء لمقابلة الملك سلمان، للاعتراض على ما حدث وعلى تصرفات ابنه، فرد عليهم
بسؤالهم عن السبب، فقالوا ابنك، فرد عليهم بالاعتقال".
من جهته قال المعارض والحقوقي السعودي، سلطان
العبدلي في حديث لـ"عربي21": "إن تصرفات ابن سلمان خلقت داخل
الأسرة الحاكمة انقسامات، وتسلطه ساهم بتوحد جبهة ضده، ومثال على هذا التسلط،
تجريد وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود من جميع صلاحيات الوزارة وأهمها
المباحث العامة "أمن الدولة"".
وأضاف: "تكمن مشكلة ابن سلمان بأنه لا
يملك هذه المؤهلات التي تؤهله لمنصبه الحالي أو منصب الملك، فهو ليس بعسكري، وأيضا
هو بنفسه قال في تصريح صحفي بأنه تعلم في البيت".
وأوضح العبدلي بأن "بعض الأمراء أبدوا
تذمرهم من الوضع الحالي خلال أحاديثهم مع الناشطين في الخارج، والأمر الوحيد الذي
يملكه ابن سلمان هو الجراءة ووقوف والده خلفه".
وأشار إلى أن "وقوف الملك سلمان خلف ابنه
ساعده، خاصة أن عائلة آل سعود تحترم وتقدر كبير السن، وهذا الأمر ساهم بمنح ولي
العهد السعودي السلطة المطلقة إضافة لجراءته".
لكن في المقابل رأى الاكاديمي والباحث صباح
الخزاعي في حديث لـ"عربي21" أن "العائلة الحاكمة متماسكة، ومستمرة
في مكانها، فنظام الحكم في المملكة ملكي وراثي يستند على البيعة والولاء وهو مستمر
منذ المؤسس الراحل الملك عبد العزيز".
وأضاف: "أي أن البيعة ثم الولاء لأولي
الأمر في رقبة العائلة المالكة والقبائل والعشائر في عموم أرض الحرمين، وعندما
تنتقل الراية إلى أبناء أبناء عبد العزيز، أي إلى ولي العهد الشاب محمد بن سلمان،
فسيكون عهداً جديداً لسعودية جديدة تتسق مع التقدم المذهل الذي يشهده
العالم".
ولفت إلى أنه "من الطبيعي أن يكون هناك
معارضون ومناهضون وممتعضون لكنهم لا يشكلون نسبة كبيرة تعرقل الانتقالية النوعية
التي تنتظر السعودية" وفق قوله.
وحول إمكانية لجوء طرف في العائلة الحاكمة
لإزاحة ابن سلمان استبعد المعارض العبدلي الأمر لعدم توفر القدرة على ذلك.
تحرك للتغيير
وأضاف: "أفراد الأسرة الحاكمة لا يملكون
القدرة أو الجراءة على القيام بانقلاب ضد الملك، فهي أسرة مترهلة، ولكن يمكن حدوث
ذلك إذا كان هناك مخطط ودعم خارجيين".
وتابع: "هناك أطراف يمكن أن تستثمر تصرفات
ابن سلمان الخاطئة وحقد الأسرة عليه، لكن مثلا أحد الأطراف التي يمكن أن تفعل شيئا
ضده هو أحمد بن عبد العزيز وهو أحد السبعة السديرين لا يملك الجراءة، فهو مثلا مكث
في لندن طوال الفترة الماضية ولم يستطع القول إنه الملك القادم بل ما استطاع قوله
بأن حرب اليمن المسؤول عنها هو سلمان وابنه".
وخلص بالقول: "لا أتوقع أحدا يتحرك ضده إلا
إذا كان أحدهم يملك الجراءة ولا ندري عنه، فهم يتمنون أن يأتيهم أحد بالثمرة
جاهزة".
من ناحيته قال الأمير خالد الفرحان: "مصير
العائلة الحاكمة في السعودية على المحك، وأتوقع أن يحدث انقلاب من داخلها ضد الملك
سلمان، وبأن الشعب سيصطف مع أي طرف يقوم بهذا الانقلاب، خاصة أن الملك سلمان ينوي
جعل حكم المملكة السعودية الرابعة فقط في نسله هو".
وخلص الأمير خالد بالقول: "العائلة
متماسكة ولكن الملك حاول إظهارها بأنها غير ذلك، ليُظهر ابنه أكثر ويسلمه الحكم من
بعده".