"رئيس تحرير" سعودي!

من يشاهد الحلقات الأولى من برنامج "الحكاية"، وهو البرنامج الجديد الذي يقدمه الإعلامي المصري عمرو أديب على شاشة (أم بي سي مصر)، سيدرك أن هذا الأخير تحول 180 درجة، وبات لا يتحدث في الشأن المصري الداخلي بالمطلق، مفضلا الكلام عن كل صغيرة وكبيرة تتعلق بإيران أو تركيا أو قطر!

تلك هي السياسة الجديدة لعمرو أديب أو الخطوط العريضة التي تم وضعها له من طرف تركي آل شيخ (الرجل القوي في السعودية) عقب توقيع عقد خيالي معه بالملايين سنويا، وشراء أسهم من مجموعة (أم بي سي) في إطار السياسة الجديدة لولي العهد محمد بن سلمان!

عمرو أديب ومن خلال إطلالاته الأولى وجّه وعلى طريقة زميله أحمد موسى في قناة "صدى البلد" انتقادات لاذعة لتركيا وإلى زعيمها رجب طيب أردوغان الذي وصفه بـ" المخادع" وبأنه ينافق شعبه التركي بزعمه إن الاقتصاد في مرحلة تعافٍ وبناء ذاتي في الوقت الذي تتراجع فيه الليرة وتنهار فيه البورصة ويكاد الأتراك أن يتحولوا إلى متوسلين!

وطبعا فإن هذه النظرة الاقتصادية كان يمكن تصديقها من أديب أو غيره لولا أنه يتكلم من مصر التي تعاني وضعا اقتصاديا واجتماعيا أسوأ من تركيا التي تتعرض إلى حرب مفتوحة مع الإدارة الأمريكية، حرب يديرها الرئيس دونالد ترامب شخصيا!

وفي تعليقه على "حادثة المنصة" ومقتل عدد من الإيرانيين في استعراض عسكري، توقع عمرو أديب أن تنتقم طهران من السعودية والإمارات والبحرين، كاشفا عن احتمال وقوع عمليات هذا الأسبوع ومن كان يستمع إلى المذيع المصري الشهير وتنبؤاته، سيدرك أن الرجل لا يتكلم اعتباطا وإنما بوحي يوحى له من الرياض وأبو ظبي!

وبعيدا عن عمرو أديب وبرنامجه، فإن هنالك سياسة عامة تريد بعض القوى الجديدة والصاعدة في العالم العربي رسمها على المستوى السياسي والإعلامي بالمنطقة، سياسة ترى في "إيران" العدو الأول بل والوحيد، وفي حركة حماس الفلسطينية وبقية حركات المقاومة عبئا على المواطن العربي في حين لا تتردد في جعل الكيان الصهيوني صديقا مقربا وحليفا مطلوبا!

مثل هذه السياسة، والتي لا تكشف عن وجهها بشكل واضح وشفاف خلال هذه الفترة، تريد كسب معركة الرأي العام أولا؛ لذلك تسعى لتوظيف بعض الإعلاميين العرب في سبيل التأثير على المشاهدين والجمهور عموما، تمهيدا لما هو آت، والذي لن يخرج عن توقعات عمرو أديب، ومن خلفه تركي آل شيخ، ومن ورائهما الأمير محمد بن سلمان!

عن صحيفة الشروق الجزائرية