هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
صباح السبت
الماضي صدر حكم مهم من محكمة النقض برئاسة المستشار فرحان بطران، برفض قبول طلب الرئيس
الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال بالتصالح في قضية الاستيلاء على القصور الرئاسية،
حيث تم إدانتهم بالسجن المشدد ثلاث سنوات، وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليون جنيه وإلزامهم
برد 22 مليون جنيه.
والهدف من الحكم
الذى تقدم به المحامي المعروف فريد الديب، هو إصدار حكم جديد، بانقضاء الدعوى بالتصالح،
وإزالة آثار حكم الإدانة، وذلك بعد سداد مبلغ الغرامة ورد الأموال التى حكمت بها المحكمة
في حكمها النهائي والبات في تشرين الثاني/يناير 2016، وهي القضية التي بدأت في أيار/ مايو 2012 خلال المد
الإخواني في مصر.
السؤال ما الهدف
من هذه الدعوى التي رفضتها محكمة النقض؟! الإجابة أن حكم الإدانة يمنع حسني مبارك
ونجليه من ممارسة الحياة السياسية تصويتا وترشيحا، ويحرم الرئيس الأسبق من كل الميداليات
والنياشين التي حصل عليها.
قانون مباشرة
الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014، يحرم كل من صدر ضده حكم نهائي بات، في جناية من
مباشرة حقوقه السياسية سواء بالتصويت أو الانتخاب، لمدة ست سنوات تبدأ من تاريخ تنفيذ
العقوبة. رغم أن البعض يقول إن الحكم في قضية القصور الرئاسية ليس مخلا بالشرف مثل
السرقة، والتزوير والاغتصاب والفعل الفاضح، لكن هناك حالات ملتبسة يمكن أن تخضع للتقدير
النسبي للقاضي.
مبارك ونجلاه
تمت تبرئتهم من كل التهم التي أسندت إليهم حتى الآن، خصوصا قضية قتل المتظاهرين، لكن
إدانتهم بصورة نهائية وباتة في قضية القصور الرئاسية، تمكن خصومهم ومعارضوهم، من اتهامهم
رسميا بالفساد.
هذا الحكم كان
أمرا جللا لرئيس جمهورية سابق ولأولاده، خصوصا أن أحدهم وهو جمال كان قاب قوسين أو
أدنى من حكم مصر، لولا اندلاع ثورة 25 تشرين الثاني/ يناير 2011.
لا أعلم هل
هي المصادفة وحدها هي التي جعلت حكم يوم السبت الماضي، يأتي بعد أقل من 48 ساعة من
التطورات الدرامية التي شهدتها قضية «التلاعب في أموال البورصة» المتهم فيها جمال وعلاء
وآخرون؟!
قضية البورصة
مفتوحة منذ ست سنوات، وما تزال مستمرة حتى هذه اللحظة، ولا أحد يعلم متى ستنتهي.
يوم السبت قبل
الماضي، أصدر رئيس المحكمة قرارا بإعادة حبس المتهمين، الذين كانوا يحضرون جلساتها مخليا
سبيلهم. هم قدموا طلبا لرد المحكمة، وتم قبوله بالفعل، وقامت الدائرة الجديدة بإخلاء
سبيلهم مرة أخرى بكفالة مائة ألف جنيه يوم السبت الماضي.
لن أعلق على
أحكام القضاء، ولذلك سأتحدث عن التداعيات السياسية فقط، وهو ما أشرت إليه في عجالة
في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي عمرو أديب مساء السبت الماضي، على فضائية إم بى سي مصر.
كان الضيف الثاني هو المحامي المعروف محمد حمودة، الذي يدافع عن أحد المتهمين في القضية،
ورأيه أن كل المتهمين يستحقون البراءة، خصوصا بعد تقرير لجنة الخبراء الأخير.
كان ينبغي منذ
تنحي مبارك عن الحكم في 11 شباط/فبراير 2011، أن يتم محاسبته سياسيا، وليس قضائيا. لم يكن
منطقيا أن يكون الفيصل بالنسبة لرئيس جمهورية قامت ضده ثورة، هو: هل حصل على شقة بالمخالفة
للقانون، أم لم يدفع ثمن كمية من الإسمنت والزلط والرمل لترميم فيلا؟! كان يفترض أن
نحاسبه على النتيجة التي وصلت إليها مصر بعد ثلاثين سنة من حكمه. الحصيلة العامة هي تدهور التعليم والصحة ومعظم الخدمات، والزواج الواسع وغير الشرعي للمال بالسلطة، والفساد
المقنن.
اشترى ولاء
غالبية الناس بالدعم وتضخم الجهاز الإدارى، واليوم يدفع المجتمع الثمن فادحا. أما جريمة
نظامه الكبرى فهي قتل وتجريف الحياة السياسية بمحاصرة الأحزاب والقوى المدنية، في حين
أن جماعة الإخوان ــ التي كانت محظورة شكلا ــ تمكنت من السيطرة هي وبقية المتطرفين
على كل مفاصل البلد من برلمان وحكومة ورئاسة في غمضة عين، ولولا ثورة 30 حزيران/يونيه لربما
تغيرت هوية مصر تماما.
رأيي ان الرجل
لم يكن خائنا، وله بعض الإيجابيات، التي لا ينكرها إلا أعمى، لكن لا يصح أن نقيم رئيسا
بالقول إنه شيد المحور أو الدائرى وأقام بعض المدن الجديدة!!
في التقييم
النهائي تراجع دور وتأثير مصر عربيا وإقليميا إلى مستوى لا يسر عدوا أو حبيبا.
ظني أيضا أن
علاء وجمال، لا يريدان قراءة المشهد السياسي الحالي بوضوح!!! ويصران على «التغريد»
خارج السرب، كما يرفضان قواعد اللعبة الحالية!!! ظني أن القصة ليست فقط تتعلق بالقضاء،
وبالتالي فالمفاجآت في القضية بأكملها تظل واردة!
عن صحيفة الشروق المصرية
هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie