هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تلبث أخبار الإعدامات الصادرة في السعودية ضدّ عدد من الدعاة والعلماء أن تهدأ قليلا، حتى تبعتها أمس أخبار مشابهة ولكن هذه المرة من مصر التي قرر القضاء فيها إعدام مجموعة كبيرة من القيادات السياسية المنتمية لتنظيم الإخوان في القضية المعروفة بفضّ اعتصام رابعة العدوية!
هكذا تصبح أخبار العالم العربي والإسلامي مرتبطة فقط بالإعدامات وثقافة الموت وبالقتل المجاني، في الوقت الذي نقرأ فيه أخبارا تأتي من أوروبا وأمريكا مليئة بالحياة ومنتشية بالتفاؤل!
هنالك منطق غريب يسود المحاكمات التي تلاحق عددا من المثقفين والعلماء في كثير من البلدان العربية الآن، وليس في السعودية ومصر فقط، منطق يستند إلى حقبة زمنية اعتقدنا أنها زالت وأفلت، وهي حقبة الخمسينيات والستينيات، حين كان المنع قائما، ومصادرة الرأي منتشرا، وملاحقة المعارضين مع تعذيبهم وإعدامهم في محاكمات شكلية أمرا يكاد يكون عاديا، لكن وبعد مرور نصف قرن على تلك الفترة، يريد البعض استعادة مناخها مجددا، ومن دون احترام التغيير الذي حلّ سواء على مستوى التكنولوجيات أو ذهنيات الشعوب وحتى القوانين والمواثيق العالمية، بل يستند هؤلاء على ذهنية “أمن الدولة”، وكأن هذا الأمن لا يتحقق سوى بتعذيب المخالفين وقتلهم “تعزيرا”!
هذا الواقع ازداد قتامة عقب سنوات الربيع العربي والتي أخفقت فيها الشعوب بتحقيق التغيير المطلوب، كما فرّت النخب المثقفة هاربة من المواجهة ومستقيلة عن أداء دورها، فاستعادت الثورات المضادة دورها ونفوذها وعادت مجددا لتحاكم رموز التغيير، بل وأحيانا لتتصيد لهم التهم والأخطاء وتختلق الأعذار من أجل النيل منهم والتخلص من وجودهم!
في النهاية فإنه لا فائدة من تلك المحاكمات والإعدامات سوى تشويه المشوه وتكريس السمعة السيئة للعالم العربي والإسلامي، بحكامه ومحكوميه، فالحكام استبدوا وتفرعنوا، وأخذتهم العزة بالإثم، والمحكومون ضعفوا واستكانوا وباتوا في خبر كان!
عن صحيفة الشروق الجزائرية