هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت تهديدات رئيس السلطة محمود عباس بقطع كافة المخصصات المالية عن قطاع غزة، في حال أصرت حركة حماس السير في ملف التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي دون مشاركة السلطة، تساؤلات حول سيناريوهات المرحلة القادمة، خصوصا ما يتعلق بمصير هذه المفاوضات.
وبالرغم من أن سير مفاوضات التهدئة الجارية حاليا في القاهرة قطعت شوطا لا بأس به من التقدم بحسب تأكيدات مسؤولي حركة حماس، إلا أن تهديد الرئيس عباس الأخير قد يعيد الأمور للمربع الأول وفق ما أكده مختصون في حديثهم لـ"عربي21".
وكان موقع "ريشت كان" العبري نقل على لسان مسؤول كبير في السلطة، الجمعة، قوله بأن الرئيس محمود عباس سيوقف ميزانية قطاع غزة بالكامل إذا تم توقيع اتفاقية بين إسرائيل وحماس، وأضاف "في اليوم التالي لمثل هذا الاتفاق سنوقف على الفور تحويل 96 مليون دولار كنا نرسلها إلى غزة كل شهر، ونحن لسنا صراف مالي، وإذا وقعت حماس اتفاقات مع دول فعليها تحمل المسؤولية كاملة".
اقرأ أيضا: عباس يهاجم حماس بغزة ويطالب بتسليم القطاع بالكامل
تهديدات بلا جدوى
بدوره أشار مصدر قيادي بارز في حركة حماس لـ"عربي21" أن "تهديد رئيس السلطة بالتوقف عن صرف المخصصات
المالية لقطاع غزة هو تهديد فارغ المضمون، لأن الحركة ترى أن الأطراف المعنية
بالتهدئة مع إسرائيل ستجري ترتيبات في اليوم التالي لتعويض أي عقوبات جديدة قد
تفرضها السلطة على غزة".
وفي سياق متصل أوضح المختص في شؤون حماس، حسام الدجني، أنه "لا يمكن فهم سياق تهديدات الرئيس محمود عباس بقطع المخصصات المالية عن غزة، إلا في سياق واحد وهو أن عباس يسعى لفصل غزة عن الجسد الفلسطيني، لذلك في حال نفذ الرئيس تهديداته فإننا أمام واقع سياسي جديد وهو فصل غزة عن الضفة الغربية، وإجبار حماس على القبول بهذا الواقع التي ترفضه أصلا، لأنه يمهد الطريق أمام تطبيق صفقة القرن، وبالتالي انهيار المشروع الوطني الذي دأبت غزة على قيادته رغم كل الظروف والمعيقات التي تحيط بها".
ثمن سياسي
وأضاف الدجني في حديث لـ"عربي21" في "حال استطاعت حماس أن تحصل على ضمانات بتحويل أموال المقاصة لغزة في حال قررت السير في مسار التهدئة فإن هذا سيكون بثمن سياسي قد تدفعه حماس، وهو الاتجاه نحو الأطروحات الإسرائيلية بإنشاء ممر مائي لغزة في جزيرة قبرص وبالتالي إعفاء إسرائيل من مسؤولياتها كدولة احتلال في غزة، أو رهن مصير غزة بمصر، وكل هذه الأطروحات ستكون بثمن سياسي ستتحمله حماس مستقبلا".
اقرأ أيضا: مصدر لـ"عربي21": مصر ستمرر اتفاق التهدئة حتى لو رفض عباس
من جانب أخر قال النائب عن حركة فتح، عبد الله عبد الله، إن "الرئيس بتهديداته لا يريد معاقبة غزة كما تروج بذلك حركة حماس، ولكن استخدام الرئيس لأوراق القوة في هذا التوقيت جاء بسبب تجاهل حماس لكافة الاتصالات التي أجرتها فتح بالتريث في توقيع أي اتفاق سياسي دون أن تكون منظمة التحرير الضامن الحقيقي له لأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
وتابع عبد الله في حديث لـ"عربي21" كما أنه "من غير المقبول أن يقود مفاوضات التهدئة مجموعة من الفصائل ليس لها أي وزن حقيقي في الساحة، ولم يخولها أي طرف بتمثيل الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره".
وتقدر إيرادات غزة من أموال المقاصة التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة بنحو 100 مليون دولار شهريا، وهو مبلغ كافي بالنسبة لحماس بأن تدير القطاع اقتصاديا وماليا، من ناحية دفعها لرواتب موظفيها الذين يقدر عددهم بنحو 45 ألف موظف، بالإضافة لإمكانية إقدامها على افتتاح مشاريع لتشغيل العاطلين عن العمل في ظل نسبة البطالة المرتفعة التي ناهزت 65 بالمئة وفق أخر الإحصائيات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء الفلسطيني.
سيناريوهات متوقعة
وبشأن سيناريوهات المرحلة القادمة في ظل تهديدات رئيس السلطة أوضح الكاتب والمحلل السياسي، فتحي صباح، أن "الرئيس عباس وضع حماس أمام 3 خيارات أساسية والتي تتمثل بـ رضوخ حماس لشروط الرئيس عباس بتقديم ملف المصالحة بالاشتراطات التي حددتها فتح كأولوية في المرحلة الحالية وتأجيل الحديث عن ملف التهدئة لحين انجاز اتفاق المصالحة".
اقرأ أيضا: عباس كامل يلتقي نتنياهو ومحمود عباس "يعتذر" عن لقائه
أما الخيار الثاني وهو "استمرار حماس في مسار التهدئة وعدم الاكتراث بتهديدات عباس، خصوصا مع وجود قناعات لدى أوساط من الحركة بأن نجاح ملف التهدئة سيكون مدخلا لتحسين الأوضاع الاقتصادية في غزة دون مشاركة السلطة".
وأضاف المحلل السياسي في حديث لـ"عربي21" يتمثل الخيار الثالث بالنسبة لحماس وهو "قرار الضغط العسكري على إسرائيل الذي قد يكون مدخلا لإمكانية دخول الطرفين في مواجهة عسكرية مفتوحة، وهو ما قد يسفر في النهاية على فتح ملفات مغلقة ويحرك شيئا من سير المفاوضات الجارية بما يحقق شيئا من الوعود بتحسين الأوضاع الاقتصادية لغزة".