ملفات وتقارير

ما حقيقة تخلي أكراد سوريا عن مشاريع الانفصال الفيدرالي؟

السبب الذي جعل مليشيا الوحدات الكردية تتخوّف وتبحث عن مخرج هو تخلّي أمريكا وروسيا عنها- جيتي
السبب الذي جعل مليشيا الوحدات الكردية تتخوّف وتبحث عن مخرج هو تخلّي أمريكا وروسيا عنها- جيتي

رأى سياسيون سوريون في حديثهم لـ"عربي21"، أن التحركات السياسية الأخيرة لمجلس سوريا الديمقراطية الذي شكله حزب الاتحاد الديمقراطي، تؤكد تخلي وحدات الحماية الكردية عن مشروع النظام الفيدرالي في شمال سوريا، مؤكدين أن السبب الرئيسي وراء ذلك يعود لتخلي روسيا وأمريكا عنهما في مواجهة تركيا .

وكانت الإدارة الذاتية المشكلة من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي قد أعلنت في شهر آذار/ مارس لعام 2017 ، النظام اليفدرالي في مناطق سيطرتها في الشمال السوري، والتي تم تقسيمها إلى ثلاثة أقاليم، وهي كوباني وعفرين والجزيرة.

وفي هذا الصدد أرجع نائب رئيس "التحالف الوطني لقوى الثورة في الحسكة" محمود الماضي، تراجع حزب "ب ي د" عن مشروعه الانفصالي الذي بدأ به من إطلاق اسم "روج آفا" على مناطق سيطرته ولجوئه للنظام لعدة أسباب أهمّها؛ تخلّي أمريكا عن هذه المليشيا بعدما أدّت دورها استجابة للضغوط التركية، حيث لايمكن لأمريكا أن تفرّط بعلاقتها الاستراتيجية مع تركيا التي تشكل وزنا وثقلا في المنطقة وقد تجسّد ذلك بموافقة أمريكا على طرد هذه المليشيا من عفرين ومنبج.

وأردف في حديثه لـ"عربي21" بأن ثاني هذه الأسباب هو صرف روسيا نظرها عن المليشيا بعد هزيمة داعش وكونها أصبحت عبئا على النّظام بمطالبها الخاصّة واستئثارها بكثير من مقدرات المناطق الشرقيّة.

وأكد الماضي أن السّبب الذي جعل مليشيا الوحدات الكردية تتخوّف وتبحث عن مخرج هو تخلّي أمريكا وروسيا عنها، بالإضافة إلى إصرار تركيا على مساندة الجيش الحرّ والدخول إلى مناطق شرق الفرات والجزيرة وتفكيك هذه المنظومة التي تعدّها "إرهابية" على حد تعبيره. 

ويرى أن هذه العوامل جعلت حزب "ب ي د" يرمي بنفسه في أحضان النظام متناسيا كلّ الشعارات التي أطلقها والمكتسبات التي كان يتغنّى بها ليحظى بثقة مؤيّديه من الشارع الكردي ويرجع بمطالب متواضعة تحفظ له ماء الوجه، مثل جعل اللغة الكردية مادة تدرس في المناهج كحصة أسبوعية.


اقرا أيضا :  قيادي كردي يتحدث عن تفاصيل اللقاء مع نظام الأسد


وأوضح الماضي أن قبول مليشيا الوحدات الكردية العمل تحت قيادة فلول جيش النظام، من خلال الإدارة المحلّية -وهي الموجودة في الدولة السورية منذ بداية الستينيات وإن اختلفت مراسيمها وأحكامها- تشكل آخر مسمار في نعش الحزب وجناحه العسكري.

في المقابل أكد الصحفي الكردي مصطفى عبدي، أن مشروع النظام الفيدرالي في شمال سوريا ما زال  قائما، حيث يجري وفق خطوات ثابتة نحو توحيد الإدارات الذاتية من خلال انتخابات ستجرى قريباً وتشكيل حكومة موحدة تدير كافة المناطق في شمال سوريا.

وعن أسباب توجه الوحدات الكردية للتفاوض مع النظام أرجع عبدي الأسباب إلى عدة عوامل، منها "التوغل التركي في عدة مناطق شمال سوريا، ما أدى بشكل أو بآخر إلى تقوية جبهة النظام، بالإضافة إلى اتفاق أستانا الذي ساهم في تسليم المدن".

وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الوفد الذي زار دمشق طرح وجهة نظره التي سبق وأن طرحها مجلس سوريا الديمقراطية من خلال بيانه الأخير والتي كانت تركز على أن لامركزية في سوريا، وبالتالي لا يزال مشروع النظام الفيدرالي قائما، حيث تقتصر المناقشات على قضايا الخدمات فقط. 

ولم يخف عبدي أن النظام يهدف إلى إعادة سوريا إلى ما قبل 2011 والسيطرة على كامل الأراضي السورية، لكنه يرى في ذات الوقت أن هنالك إرادة للشعوب التي تعيش في شمال سوريا، وبالتالي فإنه لا يمكن تجاهلها وفق تعبيره. 

ويعتقد عبدي أن النظام يدرك أنه من الصعوبة فرض إرادته على تلك المناطق، لكنها بالنهاية مناطق تتبع للأراضي السورية، وبالتالي يأتي دور الحوار والمفاوضات لتفعيل مؤسسات الدولة فيها، بحيث تدار المناطق من أبنائها وفق إدارات محلية.

يذكر أن وفداً من مجلس سوريا الديمقراطية المشكل من وحدات الحماية الكردية وصل، في 26 من الشهر الجاري، إلى العاصمة السورية دمشق من أجل التفاوض مع مسؤولي النظام، حول إدارة المناطق الخاضعة لسيطرته شمال البلاد .

 

التعليقات (0)