هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سأسرد لكم بل سأحكي ما لم يرد البعض أن يعرفه وما لم يود البعض أن يقال..
سأحكي قصة لأوجاع من هنا، قصة من لديهم آلام لا يستطيعون سردها، آلام لا يشكونها إلا لله أو لجدران السجون..
فقد فقدوا الأمل في كل شيء حتى تفرقوا شيعا وتحولت الأفكار والأخلاق والعقيدة في نفوس البعض..
لطول فترة السجن للبعض حدثت تحولات في القيم والأفكار، وبقي قليلون متماسكين وسط هذا الطوفان الهادر من المظالم، الشائعات مصدر الأمل، والأحلام مصدر الإلهام، والأوهام وسيلة العيش.
التحولات هنا بدأت من انحدار قيمي وأخلاقي للبعض، والبعض انتقل للتكفير كمنهج حياة ويظل البعض يؤمن بقيم التسامح وقبول الآخر والتمسك بالأخلاق ولكنهم كمن يحرث في بحر.
قد يود البعض أن ينكر هذا وله رأيه، فكل منا ينقل تصوره حسب مكان حبسه، ولكنّ الغالبية العظمى هي أيضا كانت تتابع أنباء التصالح بظمأ للحرية التي ذهبت بعيدا عنهم وكل منهم يبحث عنها بطريقته.
الأغلب يرى أنه لا حل إلا بمصالحة سياسية شاملة تخرجهم من السجون وتعيدهم للحياة من جديد، فمن هنا أقرب لأهل الكهف كل ما يتداولونه شائعات يحيون بها حتى يمر يومهم ويبحثون عن شائعة جديدة ليحيوا بها غدا.
الأغلب مقتنع ألا أحد خارج الأسوار يتذكرهم إلا أسرهم وفقط ولا أحد يتذكر أسرهم التي تعاني من الهم وضيق ذات اليد واستغلال بعض المحامين لأزمتهم.
البعض اضطر ليعمل من داخل السجن ليعول أسرته التي لا تجد ما تحيا به، فيضطر ليغسل الملابس للمساجين أو يعمل حلاقا أو يوصل الزيارات حتى الزنازين.
هنا الآلام أكبر من الوصف وقدرة المعتقلين على التحمل أوشكت على النفاد ورغبتهم في الخروج بأي وسيلة هي الأصل لا يهمهم سواء كانت مبادرة عفو أو غيرها، المهم أن يعودوا للحياة.
ومع ما آراه يوميا فإن كثيرين سيخرجون بأمراض نفسية متأصلة ستحتاج لسنوات للعلاج، وستزداد مشاكل الأسر ومع حالات الانفصال الكثيرة التي تمت سترتفع أكثر فسيخرج شخص لا يستطيع أن يتعامل مع أبنائه وزوجته وأهله بل والمجتمع كله.
لا يمكن هنا أن أحصر الآثار الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والأسرية الناتجة عن السجن، فقد أجملت هنا ما يحتاج إلى تفصيل في وريقات أخرى.
سأحكي حتى تكون الصورة أوضح وتكون آهات المعتقلين أمام الكل لتبحثوا عن حل لهم ولأسرهم ولئلا تجعلوهم رهائن للعبة السياسة ومطامع الحكم.
سجين سياسي مصري.. وسيكون اسمي المستعار: منير المصري