سياسة دولية

مصدر أردني رسمي يكشف التوصل لهدنة بدرعا السورية و"سانا" تؤكد

رغم تحذيرات أمريكية، تشهد درعا، منذ أكثر من 10 أيام، هجومًا جويًا وبريًا مكثفًا من النظام وحلفائه- جيتي
رغم تحذيرات أمريكية، تشهد درعا، منذ أكثر من 10 أيام، هجومًا جويًا وبريًا مكثفًا من النظام وحلفائه- جيتي

كشف مصدر أردني رسمي مطلع، الجمعة، عن "التوصل إلى هدنة بين الأطراف المتنازعة في درعا جنوبي سوريا، من المنتظر أن تقود نحو مصالحة". 

ولم يذكر المصدر الذي تحدث للأناضول، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، عن تفاصيل الاتفاق الذي جرى، أو مكان انعقاده وأطرافه. 

وحتى الساعة 15.50 ت.غ، لم تصدر أي إفادة رسمية بخصوص الاتفاق. 

 

من جهة أخرى أفادت وكالة "سانا" السورية، الجمعة، بأن الجيش السوري قريب من التوصل إلى اتفاق مع المسلحين بريف مدينة درعا (جنوب) حول مصالحة محلية، يتوقع أن تنضم إليها بلدات وقرى كثيرة في المنطقة.

 

وذكرت "سانا" أن ثمة معلومات تفيد بأن المسلحين في عدد من القرى والبلدات، بأقصى ريف درعا الشرقي والجنوبي الشرقي "وافقوا على تسليم أسلحتهم للجيش والدخول في المصالحة".

 

من جهته قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إنه بحث مع وزير خارجية فرنسا، والمبعوث الأممي الخاص بسوريا جهود حقن الدماء في سوريا، وإن الأردن ينسق تأمين المدنيين السوريين على أرضهم لمنع تهجيرهم.

 

 

 

 

وتابع الصفدي في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "فتحنا قلوبنا وبيوتنا ومدارسنا للأشقاء السوريين ونفعل ذلك واجبا. ماضون في تقديم كل ما نستطيع ل 1.3 مليون شقيق بيننا ولمساعدة المدنيين في الجنوب على أرضهم. نبذل جهودا مكثفة لإنهاء المعاناة. لا يستطيع الأردن تحمل تبعات الأزمة وحده. هذه مسؤولية على المجتمع الدولي تحملها مجتمعا".

 

ورغم تحذيرات أمريكية، تشهد درعا، منذ أكثر من 10 أيام، هجومًا جويًا وبريًا مكثفًا من النظام وحلفائه، حيث تقدمت قوات النظام والمليشيات الشيعية الموالية لها بريف درعا الشرقي، وسيطرت على بلدتي "بصرى الحرير" و"ناحتة" بريف درعا الشرقي. 

وتقع محافظة درعا ضمن مناطق "خفض التوتر" التي تم الاتفاق عليها في مباحثات أستانة عام 2017، بضمانة من تركيا وروسيا وإيران. 

 

ومنذ أسبوعين من التصعيد العسكري في محافظة درعا في جنوب سوريا، تجد الفصائل المعارضة نفسها أمام خيارات "أحلاها مر"، بعد التخلي الظاهر عنها من جانب عمان وواشنطن، أبرز داعميها حتى الآن، وإحراز قوات النظام تقدماً ميدانياً بدعم جوي روسي.

ما هي الخيارات المتاحة أمام هذه الفصائل؟

بدأت قوات النظام السوري في التاسع عشر من الشهر الحالي حملة قصف كثيفة ضد الريف الشرقي لمحافظة درعا، بالرغم من وقف اطلاق نار متفق عليه في المنطقة منذ عام بموجب اتفاق روسي أميركي أردني. وتمكنت اثر اشتباكات ضد الفصائل من فصل الريف الشرقي الى جزءين.

وأبلغت واشنطن الفصائل أنها لا تنوي التدخل عسكرياً لمساعدتها، بحسب ما أكد قيادي معارض لوكالة فرانس برس.

أما الأردن المجاور، فيجري اتصالات مع الأميركيين والروس "لدعم حل سياسي" في الجنوب، وفق ما قال وزير الخارجية أيمن الصفدي في نيويورك الخميس.

وقرر الأردن إبقاء حدوده مغلقة تجنباً لتدفق موجات جديدة من اللاجئين الى أراضيه. ويجمع خبراء على أن عمان لا تمانع عودة النظام الى المنطقة الحدودية لعودة الاستقرار وإعادة فتح الحدود التي يترك اغلاقها تأثيراً سلبياً على وضعه الاقتصادي.

ويقول الباحث المتحدر من محافظة درعا أحمد أبازيد لوكالة فرانس برس "مع التخلي الأميركي عن الفصائل واغلاق الحدود الاردنية، ما يبدو بمثابة ضوء أخضر دولي للحملة الروسية في الجنوب، يتبين أن الخيارات ضيقة" أمام الفصائل.

يقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لفرانس برس "تواجه الفصائل خيارات أحلاها مر، بين التفاوض مع الطرف الروسي بواسطة الطرف الأردني، أم استمرار المقاومة العسكرية التي ستنتهي بالتفاوض تحت المزيد من الضغط العسكري".

ورفضت الفصائل المعارضة الأحد عرضاً روسياً تلقته عبر الأردن، تضمن وفق أبازيد، "استسلامها وتسليم سلاحها الثقيل وتحول من يريد من مقاتليها الى شرطة محلية في المنطقة".

ورغم ادراك الفصائل أنها عاجلاً أم آجلاً، ستكون مضطرة للقبول بذلك، لكنها تعلن انها مستمرة في القتال وتحاول "تحسين شروطها". غير أن تراجعها السريع ميدانياً في ريف درعا الشرقي يظهر أن هامش المناورة لديها تقلص.

كما أن كل مناورة تجعل المدنيين يدفعون الثمن. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ بدء الهجوم في درعا مقتل نحو مئة مدني. كما تحدثت الأمم المتحدة عن نزوح 50 ألف شخص داخل المحافظة. وقد لجأ عدد منهم الى أراض زراعية ويفتقدون لأدنى مقومات الحياة الاساسية في ظل تعذر ايصال المساعدات اليهم.

ويقول هيلر "أي حل تفاوضي لن يرضي الفصائل، لكن في الوقت ذاته لا يمكن للأهالي أن يتحملوا أكثر من طاقتهم من قتل وتدمير".

ويتوقع الباحث نوار أوليفر من مركز عمران للدراسات ومقره اسطنبول، أن "يكون السيناريو المطروح أمام فصائل الجنوب مختلفاً عن بقية المناطق بحكم الموقع الجغرافي للمنطقة وأهميتها الاستراتيجية" على الحدود مع اسرائيل والأردن.

ويوضح أن غرفة الموك، وهي تسمية تطلق على غرفة عمليات أردنية أميركية مقرها عمان، تولت خلال السنوات الماضية تدريب فصائل الجنوب "بذلت جهداً كبيراً لتحييد الفصائل عن جولات قتال كثيرة" مع دمشق لابقاء الجبهة قرب حدود الحليفين هادئة نسبياً.

وانطلاقاً من أن الفصائل لم تخض أي معارك كبرى ضد قوات النظام في المنطقة، كما حصل في حلب أو الغوطة الشرقية، فإن اجلاء مقاتليها غير مطروح، والمصالحة تكاد تكون الخيار الوحيد، وفق محللين.

ويقول أوليفر "موضوع التهجير بعيد جداً عن التطبيق.. والمرجح أن يتحول المقاتلون الى شرطة مدنية في الريف الغربي لدرعا" حيث من المتوقع أن تنكفئ الفصائل على أن "يكون لها دور في قتال داعش" الموجود في جيب في جنوب غرب درعا.

وعما اذا كان النظام سيقبل بذلك، يقول ان "روسيا ستدفعه للمساومة والقبول".

وتحدث الرئيس السوري بشار الاسد الشهر الحالي عن "تواصل" تتولاه روسيا مع الاميركيين والاسرائيليين حول الجنوب.

في المقابل، يوضح هيلر من جهته أن "شكل الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه لم يتبلور بعد".

وبموجب اتفاقات اجلاء تم معظمها برعاية روسية خلال العامين الأخيرين، تم اجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين المعارضين على دفعات من مدينة حلب ومدن في ريف دمشق والغوطة الشرقية الى محافظة ادلب (شمال غرب).

ما هي استراتيجية النظام لدفع الفصائل الى الرضوخ؟

 
تعتمد قوات النظام بدعم روسي الاستراتيجية العسكرية ذاتها التي اتبعتها في الغوطة الشرقية وقبلها في مدينة حلب. تمهد لهجومها بقصف كثيف ثم تعمل على فصل مناطق سيطرة الفصائل الى أقسام عدة تمهيداً لقضمها تدريجياً واجبار مقاتلي المعارضة على الرضوخ.

وأجبرت كثافة القصف الفصائل على الانسحاب من القسم الاكبر من ريف درعا الشرقي. ويرى أوليفر أن "عدم قدرة الفصائل على الصمود ليس مرتبطاً بتخلي واشنطن عنها فقط، بل أيضاً جراء تدخل الطيران، المفصلي في أي معركة على الأرض".

وطالت الضربات الجوية السورية والروسية مناطق تقع فيها مرافق مدنية وخدمية كالمستشفيات التي خرج خمسة منها من الخدمة خلال اقل من اسبوعين. كما استهدفت في اليومين الأخيرين مناطق مكتظة بالسكان.

ويشرح أبازيد أن هدف ذلك "ايقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا، والقضاء على مقومات الحياة.. بهدف دفع الفصائل للاستسلام أو المصالحة في كل منطقة (من درعا) بشكل منفصل".

0
التعليقات (0)