نشرت مجلة "
لايف
ساينس" الأمريكية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على الأبحاث الجديدة الصادرة
في 6 من حزيران/ يونيو، عن معهد المعلومات العلمية حول
القهوة. وقد توصلت الأبحاث
إلى تقسيم عشاق القهوة إلى ثلاث مجموعات اعتمادا على كيفية استجابة أجسامهم
للكافيين.
وأشارت المجلة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذه الدراسة حددت المجموعات الثلاث لعشاق القهوة بناء على جيناتهم، خاصة وأن تأثير مادة الكافيين على الجسم
يعود جزئيا إلى إنزيم كبد يسمى سيتوكروم 2إي1 المرتبط بجين سيتوكروم 2إي1. وذكرت
الدراسة أن هذا الإنزيم مسؤول عن "تحليل 95 بالمائة من مادة الكافيين التي
يتم تناولها".
وأضافت المجلة، أنه
حسب التقرير الذي قدمه معهد المعلومات العلمية حول القهوة، تتباين أنواع الجينات
بين الأشخاص. وانطلاقا من هذه الاختلافات الجينية، ينقسم الأشخاص إلى مجموعتين،
الأولى تضم الأفراد الذين تكون عملية الأيض لديهم سريعة. أما المجموعة الثانية،
فتشمل الأشخاص الذين تكون عملية الأيض لديهم بطيئة. وأحال التقرير إلى أن الأشخاص الذين
تكون عملية الأيض لديهم سريعة، عادة ما تتحلل مادة الكافيين بشكل أسرع في أجسامهم
مقارنة بالأشخاص الذين يتسمون بعملية أيض بطيئة. وبالتالي، لا يدوم تأثير الكافيين
لفترة طويلة في جسم الأشخاص من المجموعة الأولى.
من جهته، يدعي جي
دبليو لانجر، مدرس محاضر في علم الصيدلة السريرية بجامعة كوبنهاغن ومؤلف التقرير،
أن الأشخاص الذين تكون عملية الأيض لديهم سريعة يمكنهم شرب "عدة أكواب من
القهوة يوميا" لأن أجسامهم قادرة على التخلص من مادة الكافيين من أجهزتهم
الهضمية في وقت قصير. أما بالنسبة للأشخاص الذين عادة ما تكون عملية الأيض لديهم
بطيئة، تظل مادة الكافيين في أجسامهم لفترة أطول، لذلك "تبقى التأثيرات
الفيزيولوجية لمادة الكافيين في أجسادهم أكثر وضوحًا ولفترة أطول". ويوصي التقرير بأن يستهلك الأشخاص من المجموعة
الثانية جرعات أقل من الكافيين.
وبينت المجلة أنه حسب
لانجر على الأشخاص النظر في كيفية تأثير القهوة على الدماغ، وهنا يأتي دور
الأدينوزين، وهو ناقل عصبي يرتبط بمستقبلات الأدينوزين، التي تؤدي إلى الشعور
بالتعب. ويعمل الكافيين على التأثير على هذه المستقبلات، مما يمنع الأدينوزين من
خلق روابط بالمستقبلات، الأمر الذي يحد من الشعور بالتعب ويعزز اليقظة.
والجدير بالذكر أن
هناك اختلافات وراثية في الجينات التي تنتج مستقبلات الأدينوزين. وتعمل هذه
الاختلافات، جنبا إلى جنب مع الاختلافات في الأنزيمات، على تحديد درجة حساسية
المجموعات الثلاث لمادة الكافيين، التي تتراوح من عالية إلى طبيعية وصولا إلى
منخفضة.
وذكرت المجلة أن
التقرير أكد أن الأفراد الذين يميلون إلى استهلاك "كميات من الكافيين وفقا
لرغباتهم الشخصية"، تعتمد مستويات الاستهلاك لديهم على "آليات التنظيم
الذاتي الموجودة في التركيبات الجينية للفرد". وبدوره، ينصح التقرير أولئك الذين
يعانون من حساسية عالية لمادة الكافيين باستهلاك القهوة بكميات صغيرة. أما الأشخاص
الذين تعتبر درجة حساسية أجسامهم للكافيين طبيعية، فلن يواجهوا مشاكل عند استهلاك
نسبة كافيين معتدلة، أي بمعدل خمس أكواب في اليوم.
كما أوضحت المجلة أن
المخاوف من الكافيين لا تزال قائمة، حيث لم يحظ هذا التقرير بقبول واسع في
الأوساط العلمية. وفي هذا السياق، وصفت نانسي غيست، أخصائية التغذية وباحثة في
جامعة تورنتو، هذا التقرير الذي لم تشارك
في تحريره، على أنه مضلل إلى حد كبير. وفي هذا الشأن، صرحت غيست لمجلة لايف ساينس
أن هذا التقرير يعزز حرية تناول القهوة دون النظر في المخاطر التي من الممكن أن
يسببها تناول كميات كبيرة منها.
ووفقا لغيست، لا يعتبر
مصطلح "حساسية" وصفا دقيقا، حيث يفترض أن الأفراد يمكنهم تبين آثار
تناول الكافيين، بما في ذلك إمكانية "زيادة خطر الإصابة بنوبة قلبية وارتفاع
ضغط الدم".
من جهته، يعرف لانجر
مصطلح "حساسية" بأنه الشعور الذي ينتابك عند شرب القهوة. كما حذر من شرب
كميات كبيرة من القهوة بهدف بلوغ تأثير الكافيين المرجو. وأضاف لانجر أنه
"على الرغم من أن الأفراد الذين تكون درجة حساسيتهم تجاه الكافيين منخفضة قد
يحتاجون إلى المزيد من الكافيين حتى يشعروا بتأثيره، إلا أن ذلك قد يترتب عنه آثار
سلبية محتملة".
وأفادت المجلة أن هذه
التأثيرات السلبية تشمل بشكل رئيسي "نوبات القلق والذعر" خاصة إذا كان
الشخص يعاني من حساسية تجاه الكافيين. ووفقا للانجر، لا يمثل هؤلاء الأشخاص سوى
"أقلية". في المقابل، أكدت غيست أن التوتر لا يمثل سوى واحد من بين عدد
لا محدود من التأثيرات السلبية لمادة الكافيين.
وشددت غيست على وجود
معلومات خاطئة في التقرير، وأنه لا يجب الأخذ بعين الاعتبار النصائح المقدمة من
خلاله. على سبيل المثال، في حين يشير التقرير إلى أن النساء الحوامل يجب أن لا
تتجاوز نسبة تناولهم للكافيين 200 ميليغرام، أكدت غيست أن عدم استهلاك الكافيين
مطلقا يعتبر الخطوة الأكثر أمانا.
ودحضت غيست ما ذكره
التقرير حول شرب خمس أكواب من القهوة يوميا، مشيرة إلى أن مثل هذه المعدلات ينبغي
النظر فيها بشكل أعمق. وصرحت غيست أنه "على الرغم من أن التقرير يشير إلى أن
شرب القهوة له آثار وقائية محتملة ضد مرض باركنسون، إلا أن هذه المعطيات كانت محل
نزاع في الآونة الأخيرة".