هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن تأرجح السياسة السعودية بين الانفتاح من خلال إرساء جملة من الإصلاحات الجديدة، وبين الانغلاق عن طريق شن حملة من الاعتقالات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه قبل أيام قليلة عن الموعد الرسمي لرفع الحظر على قيادة المرأة للسيارة في السعودية، تم إنشاء وزارة مستقلة للثقافة.
وفي الأثناء، أعلنت السلطات السعودية عن اعتقال 17 شخصا، لم يتم الكشف عن هويتهم، بتهمة "المس بالأمن العام" للبلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن ممارسة السلطة في المملكة العربية السعودية تتراوح بين الانفتاح والانغلاق.
ففي الوقت الذي سينتهي فيه الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارة في غضون ثلاثة أسابيع فقط، تشهد الاعتقالات في المملكة ارتفاعا واضحا.
ويوم السبت الموافق للثاني من حزيران/ يونيو، أعلنت النيابة عن اعتقال 17 شخصا يشتبه في قيامهم "بالتنسيق للقيام بأنشطة تهدف إلى تقويض أمن المملكة واستقرارها".
وأشارت النيابة العامة إلى أنه "تم إطلاق سراح ثمانية منهم بصفة مؤقتة"، في انتظار ما سيؤول إليه التحقيق، علما بأنه لم يكشف بعد عن هوية المعتقلين.
وأضافت الصحيفة أنه وفقا للمنظمات الحقوقية، تم اعتقال ما لا يقل عن 11 ناشطا خلال شهر أيار/ مايو المنقضي في السعودية، معظمهم من النساء المدافعات عن الحق في القيادة وإنهاء نظام الوصاية.
وبمقتضى هذا النظام، تُجبر النساء على الحصول على إذن من ولي الأمر للسفر أو حتى لإجراء عملية جراحية.
وبحسب ما ورد في بيان صادر عن منظمة العفو الدولية، اتهمت تصريحات رسمية ست ناشطات، فضلا عن شخص آخر، بتكوين "خلية" تشكل تهديدا على أمن الدولة، بسبب "تواصلهم مع كيانات أجنبية".
وقالت الصحيفة: "تبدو هذه الاعتقالات متناقضة مع سياسة ولي العهد الإصلاحية، خاصة أنها نُفذت قبل أسابيع قليلة من تفعيل حق المرأة في القيادة يوم 24 حزيران/ يونيو".
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التغيير المجتمعي، أقر من طرف ولي العهد محمد بن سلمان، الذي تولى تحديث المملكة من خلال تقليص سقف الممنوعات. فعلى سبيل المثال، تم افتتاح دور للسينما والحد من نشاط الشرطة الدينية.
وتطرقت الصحيفة إلى أنه بالتوازي مع موجة القمع أكدت الحكومة التزامها بالانفتاح، من خلال إعلانها في اليوم الثاني من شهر حزيران/ يونيو عن تعديل وزاري يقضي بإنشاء وزارة للثقافة.
ويشكل هذا المجال أبرز مواضيع إصلاحات ابن سلمان. وعلى رأس هذه الوزارة، التي أضحت مستقلة بذاتها بعد انفصالها عن وزارة الإعلام، تم تعيين بدر بن عبد الله وهو من أحد أقرباء ولي العهد، بحسب الصحيفة.
وقالت: "يمكن تفسير تأرجح السياسة السعودية بين الانغلاق والانفتاح بحاجة ابن سلمان إلى تقديم تعهدات للمؤسسة الحاكمة في البلاد التي تضم المحافظين المعادين لهذه الإصلاحات. كما أن هذا التناقض يعود إلى الرغبة في تأطير رفض بعض الممارسات، حتى تقتصر الثورة المضيقة على الحقوق المجتمعية، ولا تنحرف نحو المطالبة بأكبر عدد ممكن من الحقوق السياسية".
وأوردت الصحيفة أن "السياسة السعودية تندرج ضمن الجدل الذي تثيره وضعية محمد بن سلمان، الذي لم يظهر بشكل علني منذ أكثر من شهر. وفي ظل التطورات الطارئة على الساحة السياسية العالمية، المرتبطة باهتمامات السعودية، على غرار خروج الولايات المتحدة من الصفقة النووية مع إيران العدو اللدود للمملكة، يعد هذا الغياب مثيرا للريبة".
ونوّهت الصحيفة إلى أن بعض الشائعات تداولت خبر تعرض ولي العهد السعودي لإصابة يوم 21 نيسان/ أبريل أثناء عملية إطلاق نار في حي قريب من القصر الملكي. ووفقا للسلطات، كانت هذه الطلقات تستهدف أساسا طائرة من دون طيار ترفيهية، إلا أنها ساهمت في تغذية التكهنات أو الشكوك التي تحوم حول محاولة زعزعة الاستقرار في البلاد.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه لتكذيب هذه الإشاعة، نشرت صورة لولي العهد يوم الخميس الماضي، الموافق لتاريخ 31 أيار/ مايو، على موقع السفارة السعودية في باريس. وتظهر هذه الصورة ابن سلمان صحبة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، المنفي في المملكة.
وقبل ثمانية أيام من هذا التاريخ، أصدر قصر الإليزيه بيانا أشار فيه إلى محادثة هاتفية بين ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي.