هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استقبل ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد ولي العهد الاردني الحسين بن عبدالله الثاني؛ ولعله اللقاء الاول والجولة الاولى لولي العهد الاردني في المنطقة العربية؛ لقاء اوحى بان المملكة الاردنية دولة مستقرة مؤسسيا وبهيكلية واضحة تدير من خلالها علاقاتها الخارجية بثقة كبيرة؛ إلا ان اللقاء لم يوضح الخطوات العملية والاستثمارية لتطوير العلاقة خصوصا بعد تصريحات اثارت جدلا كبيرا في الاردن للسفير الإماراتي مطير الشامسي تحدث فيها عن كثرة الضرائب في الاردن والبيئة الاستثمارية المنفرة.
زيارة ولي العهد الحسين لابو ظبي اثارت فضول المراقبين وكذلك تصريحات السفير المطير في عمّان؛ معيدة الى الاذهان الاسئلة حول طبيعة العلاقة التي تربط عمّان بأبو ظبي والرياض؛ فالعلاقة شهدت فتورا ممزوجا بالارتياب بين العواصم الثلاث ناشئا عن تسريبات صفقة القرن والتباين في المواقف تجاه نقل السفارة الامريكية الى القدس والوصاية على المقدسات فيها.
اسئلة ومخاوف أردنية لم تبددها التطمينات المقدمة في قمة الرياض التي جمعت زعماء الدول العربية نيسان الماضي؛ فأكدت على الوصاية الاردنية في القدس؛ كما لم يبددها الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في النصف الثاني من ايار لمناقشة نقل السفارة الامريكية الى القدس ومجزرة غزة.
رغم الوعود والتطمينات المقدمة في القمم العربية لم يتاخر عبد الله الثاني عن الالتحاق بالقمة الاسلامية في اسطنبول سواء التي عقدت في كانون اول 2017؛ او التي عقدت في ايار من العام الحالي في اسطنبول ايضا؛ قمة تخللتها مصافحة شهيرة جمعت الملك عبد الله الثاني بالرئيس الايراني روحاني تبعها لقاء بين الزعيمين استمر ربع ساعة وصفه البعض بالرمزي والاخر بالغامض.
فاهتمام دول الرباعية العربية (السعودية والامارات والبحرين ومصر) ازداد فجأة بعد زيارة عبد الله الثاني لاسطنبول ومصافحة روحاني؛ اذ شهد الاسبوع الاخير من شهر ايار كثافة في الاتصالات مع دول الرباعية شمل زيارة خاطفة للعاهل الاردني عبد الله الثاني للرياض تبعها زيارة وليد العهد الاردني لولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد.
اهتمام دول الرباعية وعلى راسها الرياض وابو ظبي بعمّان يرجع الى القلق من امكانية تطوير الاردن علاقاته مع طهران وانقرة والدوحة؛ وتجديد دوره بالاقليم من خلال لعب دور الوسيط الاقليمي بين القوى المتصارعة مستفيدا من تطورات الازمة السورية.
مخاوف وهواجس عبر عنها من خلال تقرير صحفي عرضه موقع إيلاف السعودي الالكتروني المقرب من ولي العهد محمد بن سلمان ؛ اشار الى استضافة عمّان مفاوضات سرية جمعت ايران و الكيان الاسرائيلي وشارك فيها السفير الايراني "مجتبى بور" امر سارعت الى نفيه الخارجية الايرانية ونشر على وكالة ايرنا كما نفته المملكة الاردنية ونشرته وكالة بترا.
التوتر وتراجع الثقة يعتبر احد اوجه الغموض في العلاقة الاردنية مع كل من الرياض وابو ظبي؛ توتر يعبر عنه باساليب متعددة و على مستويات مختلفة؛ توتر مختبئ تحت غطاء كثيف من الغموض والمناورات ؛ توتر عميق امتد الى الاطر الشعبية المستاءة من سياسة "السعودة" التي مست قطاعات واسعة العمالة الاردنية بتراجع فرص الايدي العاملة الاردنية عن الوصول الى سوق العمل السعودي مهددة برفع مستويات البطالة الى 25 % في الاردن.
سياسة السعودية الجديدة امتدت الى كافة القطاعات التجارية والانتاجية في الاردن اذ الحق الحصار على دولة قطر اضرارا بالعديد من القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية الكبرى في الاردن ليضاف الى المناخ السياسي العام في الاقليم المتسم بالتوتر على خلفية نقل السفارة في مقابل انفاق المليارات على تمتين العلاقة الخليجية مع الولايات المتحدة والتي قدرت كلفتها الى الان باكثر من نصف تريليون دولار دون ان يكون لها مردود على شعوب المنطقة العربية.
توتر ممزوج بغموض افضى الى اشتباك الأمير خالد بن فيصل السفير السعودي في عمّان مع الحالة الاردنية و بحضور السفير الاماراتي ومجموعة من الصحفيين الاردنيين؛ بقوله: انتظرو اسابيع وسترون الدعم؛ وذلك في معرض تعليقه على احتياجات الاردن الاقتصادية والمناخ المحتقن في الشارع لدى كبار التجار ورجال الاعمال.
تصريح قوبل بمزيد من القلق فبعد اسابيع قليلة سيعلن ترمب خطته للسلام تزامن غير مرغوب فيه مع موعد الاعلان عن صفقة القرن؛ في حين ان أزمة الاقتصاد الاردني خانقة تحتاج الى تحرك خليجي سريع يعينها على مواجهة الضغوط والتحديات السياسية والاقليمية.
وعززه تصريح "مطير الشامسي" سفير الامارات العربية بالقول ان قانون الاستثمار في الاردن منفر؛ فالضرائب تدفع الى هروب الاستثمارت من الاردن؛ وضرب على ذلك مثل انسحاب شركة ابو ظبي والمطارات من السوق الاردنية بقيمة استثمارات تجاوزت 90 مليون دولار؛ و رغم نفي السفير الشامسي في اليوم التالي ما نقل على لسانه بالقول: ان ما ورد اخرج من سياقه؛ الا ان ذلك لم يوقف الشكوك الاردنية حول فتور وتوتر وتراجع الثقة في العلاقة الاردنية مع دول الرباعية وعلى راسها السعودية والامارات.
في الختام، الاردن يواجه منفردا ازمته الاقتصادية وملفات اقليمية معقدة شمال البلاد على الحدود السورية؛ ووصاية هاشمية مستهدفة في حين ان الدعم الذي يتلقاه من ابو ظبي والرياض لم يرقَ الى مستوى التحديات حتى اللحظة؛ ما يجعل من الغموض وسيلة للهروب من التوتر والمواجهة الدبلوماسية والاعلامية الصاخبة.