مقالات مختارة

بديل الرئيس

ماهر أبو طير
1300x600
1300x600

موقع «ديبكا» الاستخباري الإسرائيلي، الذي كثيرا ما يتم إعادة نشر تقاريره في الإعلام العربي، موقع منخفض المصداقية، إذ يميل كثيرا إلى الكذب، ومعلوماته في حالات كثيرة، قائمة على الإثارة، والمبالغة، وهذا رأي خبراء يعرفون الموقع جيدا، وقيمة من يديرونه، لكن هذا لا ينفي أن الإسرائيليين يستعملونه، أحيانا، لغايات تسريب المعلومات، بمعنى الدور الوظيفي للموقع.

على أي حال وبعيدا عن الموقف المسبق من الموقع، فان بين أيدينا، تفاصيل صفقة القرن، التي ستعلنها الإدارة الأمريكية قريبا، خلال أربعة أسابيع من اليوم، وفقا لتسريب الموقع، وفي هذه التفاصيل إشارة إلى استبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والبحث عن شخصية فلسطينية بديلة قادرة على تنفيذ هذا الحل، باعتبار أن واشنطن تدرك أن عباس لن يمرر هذا الحل، لاعتبارات كثيرة.

هذا التسريب، يأتي في توقيت مرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودخوله للمستشفى اكثر من مرة، وسط تكهنات مختلفة، حول طبيعة وضعه الصحي، الذي بدأ بالتغير بشكل مفاجئ، ووسط سيناريوهات تتحدث عن بدلاء الرئيس، لاعتبارات مختلفة، وبدء الإلماحات عن الحاجة إلى رئيس جديد، بما يتقاطع مع تسريب الموقع، حول الحاجة إلى رئيس جديد، قادر على تمرير الحل.

الإشارة الثانية في تقرير «ديبكا» أن البيت الأبيض سوف يعلن عن هذه الخطة، بغض النظر عن موافقة القيادة الفلسطينية، أو رفضها، حضورها أو مشاركتها، ولربما هذه الإشارة مثيرة للتساؤلات أيضا، خصوصا، أنها تتطابق أساسا، مع تجاوز واشنطن لقيادة رام الله، في كل صفقة القرن، بل وتهديد واشنطن، بقطع المساعدات كليا عن السلطة، إضافة إلى إشارات أخرى في ذات تقرير «ديبكا» تتحدث عن مفاوضات أمريكية إسرائيلية عربية، بشأن القضية الفلسطينية، وليس عن مفاوضات إسرائيلية أمريكية، وهذا يعني فعليا، اذا كان صحيحا، أن الحل سيكون أمريكيا بمظلة عربية.

بقية تفاصيل الخطة، سمعها العرب، آلاف المرات، خلال العقود الماضية، من حيث وجود العاصمة الفلسطينية في «أبوديس» على مشارف القدس، وليس في القدس، وضم الأحياء العربية في القدس، للدولة الفلسطينية، وإخراجها من حكم إسرائيل، وإلغاء حق العودة، مقابل حق التعويض المالي، وسيطرة إسرائيل على غور الأردن، ودمج غزة بالدولة الجديدة، مقابل نزع سلاح حماس.

سواء صح تقرير «ديبكا» أو لم يصح، وسواء استند إلى مصادر معلومات حقيقية، أو انه استند إلى تسريبات أمنية إسرائيلية، تريد تمرير هذه المعلومات، لحسابات معينة، من بينها إرباك السلطة الوطنية، والفلسطينيين، وغير ذلك، فانه يمكن وصف الحل الأمريكي، المنشور عبر الموقع، وهو ذات الحل الشبيه بمعلومات تسربت إلى وسائل إعلام أخرى، حل انتحاري، لأي طرف يقبل به، وهو ما لا تتفهمه واشنطن، وتعتقد أن بإمكانها فرضه على الفلسطينيين، ولو كانت هناك بصيرة سياسية أمريكية، في الملف الفلسطيني، لعرف الأمريكيون، أن لا احد يجرؤ على تمرير مثل هذا الحل، حتى لو كان مقتنعا به، وقد تجد واشنطن شخصيات فلسطينية، تقبل بأي صيغة للحل، لكنها لن تجد بينهم من هو قادر على إشهار توجهه المستور، أو العمل علنا لصالح هكذا حل.

السياسة الأمريكية الحالية قائمة بشكل واضح على فرض هذه السياسة، بأي طريقة، وهذا يؤشر على امرين اثنين بخصوص القضية الفلسطينية، خلال الفترة المقبلة، أولهما أن واشنطن تقف كليا ضد الفلسطينيين، ولا يهمها هذا الملف، أيا كان منسوب التدهور فيه، والثاني، أن أي حل أمريكي، وفقا لرؤية إسرائيلية تقف خلفه، سيكون حلا إجباريا، وليس اختياريا، وهنا يأتي السؤال، عن الكيفية التي ستفرض فيها واشنطن مثل هكذا حلول تصفوية، والآليات التي سوف تساعدها، والفشل الذي سوف تواجهه.

الدستور الأردنية

0
التعليقات (0)