هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يكن عبثا اختيار جاريد كوشنير وزوجته ابنة الرئيس ترامب لتمثيل
الإدارة الأمريكية في حفل تدشين سفارة واشنطن في القدس المحتلة. الصهر وزوجته
يهوديان، يناصران أكثر الاتجاهات الصهيونية تطرفا. وقد تصرفا وكأنهما في حفل عائلي
يجمع أفراد الأسرة الواحدة في مناسبة خاصة.
خطاب
كوشنير كان خطابا صهيونيا بامتياز لا يمكن تمييزه عن نتنياهو في شيء، غابت عنه
محاذير اللغة الدبلوماسية التي يتحدث فيها بعض من مسؤولي الإدارة الأمريكية.
رجل
الأعمال الفاشل والفاسد، بايع نتنياهو على القدس عاصمة موحدة لإسرائيل وكأنها من
إرث عائلته، وأوصى له بكل ما فيها.
لم
تكن الإدارة الأمريكية يوما بهذه الخفة والمغامرة، لكي تضع كل أوراقها بجيبة رئيس
وزراء إسرائيلي، غارق هو وزوجته بفضائح الفساد، ويخطط علنا لجر قوة عظمى لحرب
مدمرة في المنطقة. وفي ظل حصانتها ترتكب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين العزل إلا
من طائرات ورقية.
هذا
القدر من الوحشية الذي شهدناه على حدود قطاع غزة، ما كان ليحدث لولا الغطاء الأمريكي
لحكومة الاحتلال. المئات من الشهداء والجرحى سقطوا في غضون ساعات بنيران جيش
الاحتلال، بينما كان كوشنير يتبجح في القدس، ويكيل الثناء لنتنياهو وحكومته من
غلاة المستوطنين والقتلة.
كوشنير
الذي كان قبل أشهر من فوز ترامب في الرئاسة يتسول في عواصم دول الخليج بحثا عن
صفقات تجارية تنقذ شركاته المنهارة، عاد إليها فاتحا صهيونيا، يغرف الأموال كما
يشاء، ويتاجر بفلسطين وقضية شعبها، واعدا بكتابة نهاية للصراع الممتد لحساب أبناء
عمومته.
حاصل
ذلك الاثنين الأسود لن يمر على المنطقة بسلام. تشييع جثامين عشرات الشهداء لن يكون
نهاية العزاء، وخطاب كوشنير لن يكتب نهاية للصراع. ساذج من يعتقد ذلك. هذا الصراع
الممتد لعقود طويلة لن يبلغ نهايته إذا لم ينل الشعب الفلسطيني حقوقه في الحرية والاستقلال.
كل
صفقات القرن لن تثمر سلاما إن لم تضع حدا لمعاناة الشعب الفلسطيني. كوشنير واهم
ويجهل التاريخ، فسنوات القتل والاحتلال والحصار الطويلة لم تثن الفلسطينيين عن
التمسك بأرضهم. الآلاف الذين تصدروا مسيرة العودة على حدود غزة أطفال وفتيان صغار.
هذه الأجيال ستكبر ولن تنسى أو تسامح.
حركة
التاريخ لن تستوعب أبدا بقاء الشعب الفلسطيني دون غيره من شعوب الأرض بلا دولة
وسيادة وحرية. لماذا ينبغي على الفلسطينيين دون غيرهم أن يقبلوا بالذل والمهانة
وحكم الاحتلال؟!
كوشنير
مرابٍ جشع سيتخطاه التاريخ، ولن تمتثل الشعوب لإرادته. ستمر على الفلسطينيين
وقضيتهم أيام صعبة؛ فالحالة العربية مزرية، والمنطقة غارقة بحروبها وفوضاها، لكن
مرت من قبل مراحل أسوأ، ولم يجرؤ أحد على توقيع صك الاستسلام.
كل
ما تجنيه واشنطن من وراء هذا الانحياز الأعمى لإسرائيل مزيدا من التطرف والعداء في
المنطقة تدفع ثمنه الشعوب إرهابا وقتلا. متى تفهم أمريكا الحقائق، وتكف عن
سياساتها الغبية؟
الغد الأردنية